موريتانيا: محتجون يحرقون علم فرنسا

14 سبتمبر, 2020 - 09:16

تواصلت في موريتانيا احتجاجات ضد فرنسا التي أُحرق علمها أمام عدد من الجوامع الكبيرة في العاصمة نواكشوط، بسبب إعادة نشر صحيفة شارلي إيبدو الساخرة، رسوما مسيئة للنبي محمد عليه السلام، وامتناع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن التنديد بذلك.

ونظم مصلون أمام جامع القرآن الكريم المعروف بمسجد “الشرفاء” في قلب العاصمة نواكشوط، وقفة احتجاجية نددوا خلالها بمحاولات الإساءة المتكررة للنبي محمد، مؤكدين أن “هذه الرسوم لا تضر نبي الله، لكن صمت الحكام المسلمين عنها غير مبرر”.

ودعا المحتجون “الشعوب الإسلامية لمقاطعة المنتجات الفرنسية، والضغط على الحكومات لقطع العلاقات مع فرنسا، ومنع أي إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم، لأن الإساءة للمقدسات لا يمكن أن تدخل ضمن حرية الرأي أو التعبير” حسب تعبيرهم.

وواصل الشعراء والمدونون الموريتانيون نشرهم للقصائد الشعرية وتدبيجهم للمقالات، انتصارا للرسول في قضية إعادة نشر الرسوم المسيئة.

وركزت المنشورات التي يجري تداولها عبر تطبيق واتساب على تهديد فرنسا وسبّها والدعوة لمقاطعة منتوجاتها وبخاصة عطورها المستعملة على نطاق واسع.

وتحت عنوان “حساب فرنسا: نظرة في السحب والترصيد”، كتب الدكتور عبد الله فتى، وهو أستاذ في جامعة شنقيط: “ذكر استيفن كوفي، وهو أمريكي من أبرز رواد التنمية البشرية في كتابه العادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية، قانونا في السلوك البشري سمّاه “بنك الأحاسيس”، ومفاده أن الإنسان في معاملته للآخرين كلما عامل غيره معاملة طيبة زاد ذلك من رصيده عنده واحترامه له، وكلما عامله معاملة سيئة كان ذلك بمثابة سحب من ذلك الرصيد”.

وقال: “في نظرة سريعة على حساب فرنسا في البلاد الإسلامية، ومع مواطنيها المسلمين يمكن أن نستخلص في كشف الايداع لرصيد فرنسا، أن الفرنسيين وفروا  في مرحلة ما إيداعات ربما كان موطن تعمّد الإحسان فيها محل خلاف، لكن لا بأس من جعلها في خانة التوفير إنصافا، مثل احتضان أكبر جالية إسلامية في أوروبا الغربية، منها بعض الفارين من الظلم، ومراجعة ديغول للسياسات الاستعمارية والاستحياء من التأييد العلني للحرب على العراق سنة 2003”.

وأضاف: “في نظرة إلى كشف حساب فرنسا مع العرب والمسلمين، نجد أن آخر سحب من رصيد فرنسا هو تحدّيها لشعور مليار وسبعمئة مليون مسلم بسماحها بإعادة نشر الرسوم المسيئة رغم تجريمها لثقافة الكراهية وعدم السماح بتناول المؤرخين لبعض الحوادث التاريخية، وهي شريك في العدوان الثلاثي على مصر، وظلت منحازة للاحتلال الصهيوني في جميع مراحله، وهي أهم مورد للسلاح نحو إسرائيل قبل حرب 67 بل وربما بعدها، كما لعبت دورا كبيرا في إشعال الحرب في دارفور وفى الإبادة الجماعية في رواندا وفي تدمير العراق وليبيا وسوريا والبوسنة والهرسك وأفغانستان وشنت حربا على مالي ونهبت ثرواتها وظلت تؤيد تدمير قطاع غزة طوال خمسين يوما لم تحرّك ساكنا لإنقاذ الشعب الفلسطيني، وتواطأت مع أنظمة الاستبداد وشجعت الانقلاب على الديموقراطية في الجزائر عام 1979”.

وأكد الدكتور عبد الله: “على المستوى الداخلي، ظل رصيدها على المستوى النظري؛ حيث تحترم الضمانات الموثقة باحترام التعددية الدينية والثقافية وتعامل الجاليات والأقليات بعين الازدراء والاحتقار والتهميش والتمييز المنظم، إذ تعرض مواطنون فرنسيون للتمييز بسبب معتقداتهم. ففرنسا تمنع المسلمة من حريتها في ممارسة شعائر دينها بمنعها من تغطية رأسها في الأماكن العامة، وفرنسا تطلق اليد للإعلام في الإساءة إلى المقدسات وتشويه صورة المسلمين منتهكة بذلك شعار الإخاء خارقة قوانينها التي تجرّم الحث على الكراهية”.

وقال: “فرنسا تميز بين مواطنيها وتكيل بمكيالين، على المستويين الرسمي والشعبي، فهي تتزلف لمواطنيها اليهود وتبالغ في حمايتهم، بينما تضايق مواطنيها المسلمين منتهكة بذلك شعار المساواة، ففي عام 2005، تعهد كوشنير وزير الخارجية الفرنسي أمام المجلس التمثيلي للهيئات اليهودية في فرنسا (المعادل لـ”آيباك” في الولايات المتحدة) بطرد كل الدبلوماسيين الفرنسيين المتعاطفين مع العرب من وزارة الخارجية”.

وتوصل الكاتب لخلاصة قال فيها “على هذا، يظهر أن فرنسا لم تزل تسحب من رصيدها، وهو ما تؤكده قراءة سريعة لكشف حساب فرنسا في تعاملها مع مسلميها ومع العالم الإسلامي؛ والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: متى يقول حكام المسلمين وصناع السوق الذين يتواصلون مع فرنسا، لحكومة باريس: إن رصيد حسابك لا يسمح لك بإجراء هذا الاتصال؟”.