الرئيس الموريتاني السابق: لم أخطط لانقلاب والدولة تسعى لتشويه سمعتي

28 أغسطس, 2020 - 10:37

قال الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، ليل الخميس/ الجمعة، إن الدولة تسعى جاهدة للإساءة لسمعته والتشكيك في ولائه للوطن، وفي سنوات خدمته له، وتأجيج الرأي العام ضده، واتهم مجلس النواب بتشكيل لجنة تصفية حسابات ضده، نافيا التخطيط لأي عملية انقلابية.

وأكد ولد عبد العزيز، في مؤتمر صحفي عقده في منزله بالعاصمة نواكشوط، أنه "تم تجنيد مئات من نشطاء التواصل الاجتماعي لمهاجمتي والنيل من سمعتي، ودفعت لهم من ميزانية الدولة مبالغ مالية طائلة، فيما أضيفت إلى رواتب النواب نحو 250 ألف اوقية في سياق لعب أدوار معينة".

واتهم السلطة التنفيذية والقضائية بـ"التآمر على الشعب"، وأكد أن لجنة التحقيق البرلمانية "لا تتمتع بأية مصداقية، وقد استعانت بمكاتب دراسات أجنبية لا تتوفر على أي خبرة في الشأن المحلي، وهو ما يمثل تبذيرا للمال العام في أمور لا تخدم البلد".

اتهم ولد عبد العزيز السلطة التنفيذية والقضائية بـ"التآمر على الشعب"، وأكد أن لجنة التحقيق البرلمانية "لا تتمتع بأية مصداقية"

وأشار إلى أن من يتهمونه بالفساد حاليا هم من وصفهم بـ"المفسدين السابقين" الذين حاربهم نظامه خلال العشرية الماضية، مهاجما النظام الحالي، ومشيرا إلى أن ميزانيات بعض المؤسسات مثل الرئاسة تم رفعها فيما لم تشهد مؤسسات الدولة أي تفتيش كما جرت العادة سابقا.

ووصف ولد عبد العزيز الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني بـ"الصديق ورفيق الدرب"، وقال إن الحياة السياسية محطات قابلة للاختلاف ولا يمكن الجزم بما تحمل من أحداث، وأن الأمل في تجاوز الأزمة بينهما قائم دائما.

وأكد أن مسطرة التحقيق معه شابتها خروقات كثيرة، وأنه لا توجد أدلة ضده، و"لذلك يعمل النظام فقط على تشويه صورتي"، وأشار إلى أن الأزمة الحالية ما كانت لتكون لولا قضية مرجعية الحزب الحاكم التي أثارت حفيظة الرئيس الحالي، ودفعت المقربين منه إلى بث السموم في علاقتهما التي كانت وطيدة.

وأشار إلى أنه يحترم الدستور، ونفى تورطه في الإعداد لمحاولة انقلابية ضد حكم الغزواني، مشيرا إلى أنه لم يلتق أي قائد عسكري منذ مغادرته السلطة في أغسطس/ آب 2019.

وشكل البرلمان الموريتاني لجنة قبل نحو ستة أشهر للتحقيق في ملفات فساد خلال سنوات حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، بعد مطالبة سياسيين بمحاسبته على ما شاب الحقبة التي حكم فيها البلاد (2009 - 2019) من اختلاس للمال العام وفساد ومحسوبية.

وكانت شرطة الجرائم الاقتصادية قد احتجزت الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لما يقارب أسبوعا، رفض خلالها الإجابة عن أسئلتها في إطار التحقيق حول شبهات فساد تتعلق بصفقات في مجال الطاقة، والموانئ، والعقارات، وبإفلاس شركات عمومية.

عزيز يرفض كشف «أسرار» ثروته ويسأل عن «أموال الجيش»

رفض الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز الإجابة على السؤال المتعلق بمصدر ثروته، خلال مؤتمر صحفي عقده مساء أمس الخميس، وقال رداً على السؤال الذي طرح عليه عدة مرات وبصيغ مختلفة إنه «لن يكشف الأسرار» حول مصدر ثروته.

وهيمن السؤال حول مصدر ثروة الرئيس السابق على مجريات المؤتمر الصحفي الذي استمر لثلاث ساعات متواصلة، ولكن ولد عبد العزيز كان يرفض الإجابة على السؤال في كل مرة يطرح عليه، مؤكداً أنه صرح بممتلكاته للمحكمة العليا.

وأمام تكرار السؤال حول مصدر أمواله، خاصة مع اعترافه بأنه لم يصرف أي أوقية من راتبه الشهري طيلة فترة حكمه، قال ولد عبد العزيز على سبيل النكتة: «وما يدريكم ربما كنت أمارس الرقية الشرعية (لحجابْ)، وهي مصدر أموالي !».

رسائل عزيز

بدأ ولد عبد العزيز مؤتمره الصحفي بالاعتذار عن التأخر عدة دقائق عن موعد بداية المؤتمر (التاسعة ليلاً)، ولكنه استدرك بالمقارنة مع مؤتمره الصحفي السابق (دجمبر 2019) حين تأخر المؤتمر أكثر من أربع ساعات، وأضاف أن ذلك يدل على أنه في «المرة المقبلة» ربما يبدأ المؤتمر في الوقت المحدد.

حدد ولد عبد العزيز لمؤتمره الصحفي خمسة محاور رئيسية، بدا واضحاً أنها هي عنوان الرسائل التي يريد تمريرها، بدأت بمحور «أزمة المرجعية» التي اندلعت في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية نهاية العام الماضي، واعتبرها سبباً مباشراً لكل ما تشهده الساحة منذ عدة أشهر، ثم «لجنة التحقيق البرلمانية» التي قال إن مهمتها تصفية الحسابات السياسية معه.

أما المحور الثالث فخصصه للحديث عما سماه «الشائعات والشيطنة» التي يعتقد أنها استهدفته مؤخراً، وقال إن نشر مقاطع فيديو مخازن تابعة لمقربين منه «تصرف غير قانوني»، وأكد أن «برنامج الدولة هو شيطنة الرئيس السابق».

وكشف ولد عبد العزيز بعض تفاصيل توقيفه من طرف شرطة الجرائم الاقتصادية، وقال: «خلال توقيفي لقرابة سبعة أيام، عقد المحققون معي ثلاثة لقاءات، مدة كل لقاء سبع دقائق (…) طرحوا علي خلالها أربعين سؤالاً».

الفساد !

المحور الرابع الذي تحدث عنه ولد عبد العزيز كان «الفساد»، وهو المحور الذي ركز فيه على ثلاث مؤسسات كبيرة ليربطها بـ «الفساد»، وهي المؤسسة العسكرية ورئاسة الجمهورية والبرلمان، مشيراً إلى أن السنة الأولى من حكم الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني شهدت ما سماه «فضائح فساد».

وتساءل ولد عبد العزيز في سياق حديثه عن الفساد قائلاً: «أين ذهبت أموال الجيش خلال عشرات السنين»، وقال في السياق ذاته: «لم يتحدث أحد عن الفساد الذي سبق العشرية، ولا الفساد خلال السنة الماضية (بعد العشرية)».

وطالب ولد عبد العزيز بالتحقيق في الفساد الذي وقع خلال السنة الأخيرة، مشيراً إلى أنه بعد ذلك يمكن فتح ملفات العشرية وما قبلها، مشيراً إلى أن «المفسدين رجعوا إلى الحكم، وهم اليوم من يقدمون أنفسهم كمحاربين للفساد».

وفي سياق حديثه عن السنة الماضية، واتهامه لها بالفساد، قال ولد عبد العزيز إن «ميزانية رئاسة الجمهورية زادت بنسبة 88 في المائة، وميزانية البرلمان زادت بنسبة 30 في المائة، وحصل النواب على زيادة في الرواتب بقيمة 250 ألف أوقية»، معتبراً أن في ذلك «رشوة ضمنية» على عملهم في لجنة التحقيق.

السياسة !

كان المحور الخامس والأخير يتعلق بالحزب الوحدوي الديمقراطي الاشتراكي، الذي وصفه بأنه «حزب معطل» بقرار من وزارة الداخلية، بسبب ما قال إنه التحاق مقربين منه بالحزب، واستغرب ولد عبد العزيز التضييق عليه والمقربين منه، وقال: «نحن لم نقم بعد بما يزعج».

وفي سياق حديثه عن علاقته بالحزب وممارسته للسياسة، تذبذب ولد عبد العزيز لدرجة التناقض، فقال في بداية المؤتمر الصحفي: «أدعم الحزب الوحدوي، حتى الآن لم أنتسب له، إلا أنني يمكن أن أقوم بذلك مستقبلاً».

ولكنه عاد في مرحلة أخرى من المؤتمر ليقول رداً على أحد الأسئلة: «من قال لكم إنني سأمارس السياسة، وحين أقرر ذلك يمكنني أن أمارسها برفقة شخص واحد، أو وحدي عبر شاشة كومبيوتر»، قبل أن يعود مرة أخرى ليقول إنه يتمنى أن يكون حزب الوحدوي بعد أن «يفرج عنه» مختلفاً عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي أسسه قبل أكثر من عشر سنوات.

ورفض ولد عبد العزيز الرد على سؤال حول ملامح ومحاور مشروعه السياسي، كما تجاهل سؤالاً حول موقعه السياسي، وإن كان يعد نفسه في المعارضة، رغم أنه قال على سبيل النكتة وهو يعطي السؤال لأحد الصحفيين عن يساره: «أنا من اليسار».

وفي سياق حديثه عن الوضع السياسي، قال ولد عبد العزيز «معارضتي كانت شرسة، وقد أعجبني ذلك منها، ولكنني في المقابل كنت شرساً معها»، منتقداً بشكل ضمني السياسة المعتمدة من ولد الغزواني، وهي السياسة التي قال إنها تقوم على «إرضاء الجميع».

ونفى ولد عبد العزيز بشدة الشائعات التي تحدثت عن محاولته تدبير انقلاب عسكري العام الماضي، وقال إنه لا يحاول الانقلابات مشيراً إلى شائعة تدبيره لمحاولة انقلابية فاشلة عام 1999، وأضاف أنه قال آنذاك: «لن تسمعوا أنني قمت بمحاولة انقلاب، وإنما قد تسمعون أنني قمت بانقلاب»، في إشارة إلى أن انقلاباته لا تفشل.

ولكن ولد عبد العزيز ختم حديثه عن الانقلابات بالقول: «لا أريد الرئاسة.. لا أريد الرئاسة».