استدعت شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية، مساء اليوم الثلاثاء، الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، وذلك للمرة الثانية في غضون أسبوعين.
وأكد الخبر من طرف مصدر في فريق الدفاع عن ولد عبد العزيز في حديث مع «صحراء ميديا»، من دون أن يعطي أي تفاصيل حول حيثياته.
وكان ولد عبد العزيز قد استدعي للمرة الأولى الأسبوع الماضي، وبقي لأسبوع في إدارة الأمن الوطني، برفقة شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية.
وأفرج عن ولد عبد العزيز في وقت مبكر من فجر أمس الاثنين، وخضع منذ ذلك الوقت للمراقبة القضائية المباشرة، ومنع من السفر.
ويأتي استدعاء ولد عبد العزيز من طرف الشرطة في إطار التحقيق حول شبهات فساد أثارها تقرير صادر عن لجنة تحقيق برلمانية، أحيل إلى القضاء نهاية الشهر الماضي.
هذا وانشغل الموريتانيون حتى عن كورونا، وعن أمورهم اليومية، بمتابعة تحقيقات متواصلة منذ أكثر من أسبوع مع رئيسهم السابق محمد ولد عبد العزيز وعدد من أقربائه ومعاونيه.
ويقف الرئيس السابق مع محاميه وعدد قليل من خلصائه وأصدقائه في مواجهة جيش هائل من خصومه ومعارضي سياساته إبان حكمه، وكذا في وجه أنصار الرئيس الغزواني من أحزاب ونواب ومدونين وإعلاميين، مع أن الرئيس الغزواني يحرص على تجسيد فصل السلطات بابتعاد السلطة التنفيذية عن مسار التحقيق الموجود بين يدي السلطة القضائية مسلما إليها من السلطة التشريعية.
وأعلن الرئيس السابق عن عقد مؤتمر صحافي مساء غد الخميس لإطلاع الرأي العام على مواقفه من التحقيقات الجارية معه.
وفي إطار تفاعلات هذه القضية التي تشغل موريتانيا حاليا، كُلِفَ اليوم لَفيفٌ من المحامين الموريتانيين بالترافع باسم الدولة الموريتانية في ملفات الفساد التي تضمنها تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، بهدف “استعادة الأموال العمومية المنهوبة”؛ وقد تتوسع مهام هذا الفريق لتشمل ملفات خارجية أمام القضاء الأجنبي، إذا تطلب الأمر ذلك.
ويتولى تنسيق عمل اللفيف نقيب المحامين الموريتانيين إبراهيم ولد أبتي كما يضم اللفيف في عضويته 12 محاميا.
وفيما أطلقت النيابة سراح الرئيس السابق بعد فترة حراسة نظرية دامت أسبوعا كاملا، بدأت شرطة الجرائم المالية التحقيق مع صهره محمد امصبوع الذي ورد اسمه في تقرير اللجنة البرلمانية ضمن متهمين بالاستفادة غير الشرعية من صفقات غير قانونية.
وأكد فريق الدفاع عن صهر الرئيس السابق في بيان نشره أمس أن “موكلهم تم استهدافه في إطار تصفية حسابات سياسية لا أكثر ولا أقل”.
وأوضح المحامون أن “موكلهم ليس موظفا عموميا ولم يسير ميزانية عمومية، كما أنه لم يساءل من طرف أي وكيل من وكلاء الدولة المكلفين بالرقابة والتفتيش كشرط للمتابعة الجزائية طبقا لنص المادة 35 من قانون الفساد”.
هذا وتوسعت التحقيقات الجارية أمس لتشمل ملف “هيئة الرحمة” الخيرية، التي يرأسها بدر ولد عبد العزيز نجل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وذلك بناء على خروقات تتعلق بقانون الفساد، مضافا إليها مخالفات أخرى تتعلق بقانون غسيل الأموال.
وأكد مصدر مقرب من الملف أن “المحققين سيتتبعون الأموال المهربة، والشركات الوهمية”، وذلك وفقا لقانون غسيل الأموال، إضافة لقانون مكافحة الفساد.
وتحفظ القضاء الموريتاني خلال الأسابيع الأخيرة على عشرات السيارات والشاحنات والآليات التي كانت مركونة في أماكن تابعة لهذه الهيئة، بعد الاشتباه في ملكيتها للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أو لصهره محمد ولد امصبوع.
وكان رئيس الهيئة بدر ولد عبد العزيز قد أصدر بيانا ندد فيه باسم الهيئة بما وصفه بـ”الاعتداءات الجبانة على أعضاء الهيئة ومخازنها”، ووصفها بأنها “مجرد ردة فعل جائرة على مرور الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من أمام حزب سياسي تبنى طرحه واستقطب مناصريه”.
وأعلن رئيس الهيئة “عن تحمله كامل المسؤولية عن كل ممتلكاتها، وأن بحوزته كل الأوراق والإثباتات التي تثبت مشروعية جميع ممتلكاتها ومصادر تمويلها”.
وطالبت هيئة الدفاع عن الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز خلال نقطة صحافية أمس بوقف المتابعة القضائية عن الرئيس السابق لأنها لا تستند على أي أساس قانوني”، حسب تعبير الهيئة.
وأوضح محمد ولد الشدو رئيس هيئة الدفاع عن ولد عبد العزيز، أن “موكله تمتع بشجاعة كبيرة ورفض الإجابة على جميع الأسئلة التي وجهت له، كما رفض التوقيع على كل محاضر التحقيق، متمسكا بحصانته الدستورية”، حسب قوله.
وأضاف ولد الشدو أن “موكله يتعرض منذ سنة لحملة تشويه ممنهجة من بعض الجهات، من أجل خلق الفوضى في هذا البلد”، وفق تعبيره.
وتابع ولد الشدو: “منذ مدة ونحن أمام محاكمة صورية في الشارع لخيرة أبناء البلد وبخاصة ضد الرئيس محمد ولد عبد العزيز”.
وبينما تتفاعل هذه التطورات في أكبر ملف قضائي تشهده موريتانيا منذ استقلالها، أحدثت إطلاق سراح الرئيس السابق وعودته لنشاطه المشهد السياسي، ونجمت عنه قراءات متعددة.
ومن أبرز ذلك ما دونه الإعلامي حبيب الله أحمد الذي أكد أن “توقيف الرئيس السابق من طرف الشرطة قدم نقاطا ثمينة كان يحتاجها مسار التحقيق وتتطلبها السياقات الوطنية الحالية: فقد تحطمت صورة رسمها البعض فى الأذهان تتمثل فى قوة عزيز ودونية القانون بالنسبة له وضعف النظام والعدالة والأمن أمامه وبعبعيته وامتلاكه قدرات خارقة محليا وخارجيا على البقاء ورجله على “ناظر” القانون”.
وقال: “اتضح أن الرئيس السابق غير مسند الظهر جماهيريا، وأن النيابة ماضية قدما في عملها، حيث أن منع عزيز من السفر بوثيقة رسمية كرس جدية التحقيق والمتابعة فليس بمقدوره مغادرة العاصمة وحتى لو صح أنه لم يصادر جواز سفره”.
وأضاف ولد أحمد: “أشرق أمل لدى العامة بأن القانون يمكن أن يطبق إذا وجد من يحرص على تطبيقه وأنه لا أحد فوقه وأن مؤسسات الدولة أقوى من التخويف بفوضى الداخل أو استعداء الخارج، ولن يكون لمؤتمر صحفي مستقبلي لعزيز أية أهمية إعلامية، وانتظار الناس لخرجته الإعلامية بعد خروجه من المخفر باردا باهتا لا حماس فيه”.