الموريتانيون يضعون سنة من حكم رئيسهم المنتخب على ميزان التقييم

3 أغسطس, 2020 - 18:56

تابع الموريتانيون، ساسة ومدونين، أمس، تقييمهم للسنة الأولى التي انقضت فاتح آب/أغسطس الحالي، على وصول الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني للحكم.
ومع أن متطرفي دعاة التغيير عبروا عن خيبة أملهم إزاء ما تحقق خلال السنة الماضية، وانتقدوا استعانة الغزواني بأعوان سلفه الذي يعتبرونه “مفسداً”، فإن الكثيرين أنصفوا الرئيس الغزواني وأكدوا أنه من المستحيل إنجاز أكثر مما تحقق نظراً لثقل التركة التي ورثها الرئيس ولأن حكومته فوجئت بإكراهات وباء كورونا وما استلزمته مواجهة الوباء من خطط مربكة.
وعبر المدون البارز عبد الرحمن ودادي عن خيبة أمل الصف الداعي للتغيير، فكتب بلهجة يشوبها اليأس: “سنة لم يعتقل فيها مفسد واحد، ولم يدشن مشروع استراتيجي هام، ولم يقل مفسد على فساده، وشهدنا صفقات نهب واضحة في صندوق كورونا، وعُين المئات من فلول ولد عبد العزيز الملوثين، الأمر الإيجابي الرئيسي لجنة التحقيق البرلمانية التي ما زلنا نترقب كيف سيتم التعامل مع نتائج تحقيقاتها”.
وقال: “هناك هدوء قطعاً، وقد خفت حدة الاستقطاب، وتم توديع أحمد ولد داداه (أبرز معارض للأنظمة العسكرية) للباب، واستقبل ولد مولود بحفاوة، وكذلك الشيخ الرضا ومدح ولد الغزواني بأبيات جميلة تضاهي مدائح ولد عبد العزيز، وأثنى عليه المفكر سيدي محمد الملقب الخامس بعد لقاء فكري عميق استمر لساعتين، وأطلق عليه لقب الجنرال الاستراتيجي، لكن ما نحلم به أكبر من هذا بكثير، نريد محاسبة شاملة ونهضة تتمثل في مشاريع تمتص البطالة وتفجر طاقات البلد الكامنة”.
وعرض منصفو الرئيس وأنصاره في تقييمات لهم أعذاراً كثيرة يرون أنها حالت دون تحقيق إنجازات كبرى.
وكتبت الإعلامية البارزة والقيادية الشهيرة في حزب التكتل المعارض منى بنت الدي: “عام من السكينة والهدوء والرزانة واحترام الناس، عام انعدم فيه الاستقطاب السياسي وحصل فيه ما ينبغي من التشاور وتهدئة النفوس ورد المظالم”.
وأضافت في فقرة اتسمت بالموضوعية: “عام مضى لم تكن الحصيلة فيه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي بالمستوى المطلوب.. فلم نر زيادة في الأجور ولم يحدث تحسن في قطاعات التشغيل وما زال التعليم يعاني وما زالت الصحة تعاني وما زال المواطن يعاني”.
وتابعت منى بنت الدي تقييمها: “إذا أخذنا في الاعتبار أن الرئيس وجد أمامه وضعية اقتصادية كارثية ودولة مفلسة ترزح في أغلال الديون، وإذا وضعنا أيضاً في الاعتبار جائحة كورونا وما سببته من مآس صحية واقتصادية انهارت أمامها منظومات صحية واقتصادات العالم الرائدة، نعلم أن اهتماماً استثنائياً وعملاً رائداً كان وراء تخطينا بأقل الخسائر لهذه الأزمة المعقدة ذات الأوجه المتشابكة”.
وزادت: “لا شك أن لطفاً خفياً كان وراء كل ذلك أيضاً بفضل الله وعظيم كرمه سبحانه وتعالى، إذا أخذنا كل هذا في الاعتبار، سنجد أن هذه السنة لا يمكن أن يحدث فيها ما كنا نطمح له من تحسن في حال البلاد والمواطنين”.
ويبقى تحقيق لجنة البرلمان، تضيف منى، وإحالة تقريرها للقضاء وما كسب من إجماع سياسي وما فتح من آمال في تكريس دولة القانون والمؤسسات وما شهدنا من بعد السلطة عنه وما أخذت نحوه من حياد هو نور هذه السنة وفخرها وهو ما يمكن أن يكون لبنة لإجماع سياسي تبنى حوله دولة مؤسسية ذات مصداقية وأمان، وكذا الحياد الذي تقف فيه السلطة أيضاً في انتخابات هيئة المحامين يعبر عن نفس جديد وروح مختلفة، فالآمال العراض التي عبرنا عنها ما زالت تنمو وتزهر رغم بعض الهنات والمنغصات التي أرجو أن يتم التغلب عليها”.
وتحت عنوان “عام وما زال الأمل”، كتب القيادي الإسلامي البارز محمد غلام الحاج الشيخ: “يمكن القول بدون مواربة في تقييم الزمن المنقضي أن الأداء في السنة الفارطة لم يكن سلبياً، لكنه لم يكن قطعاً عند طموح المشفقين على البلد الطامحين لتغيير الأوضاع وقلب الطاولة على الأنماط العتيقة”.
وأضاف: “إن المراقب لن يجد العناء الكبير، وهو يحسن الظن ويراقب بعدل، في ملاحظة نقاط بارزة من الإيجابيات التي تميزت بها السنة المنتهية، ومن أهمها إعادة الوقار والاحترام إلى موقع الرئاسة، حيث جلس في الكرسي من لا يلعن الناس، ويلعنونه ويبغضهم ويبغضونه، ويستطيع المتتبع لخطابات الرئيس أن يتلمس بوضوح احتراماً وتقديراً منه لشعبه، وذلك شرط النجاح الأول لمن يحكم شعباً ما، فلا بد من أن يقدر أبناءَه ويحترم رموزه”.
وقال: “لذلك فإن التواصل مع المعارضة ونزع الفتيل مع رموزها، وإعادة الاعتبار لشخصياتها من قبل الرئاسة (سيدي ولد الشيخ عبد الله وأحمد ولد داداه ) والتواصل مع أصحاب الملمات والحوائج، كل ذلك زرع في الناس شعوراً بأنهم أمام رئيس تعنيه أمورهم، ويديرها بشفقة وخُلق كنا أحوج ما نكون إليه”.
وتوقف ولد الحاج الشيخ، وهو قيادي بارز في جزب التجمع المحسوب على الإخوان، عند نقاط اعتبرها مهمة في تقييمه للسنة المنقضية من حكم الرئيس الغزواني.
ومن هذه النقاط، حسب الشيخ غلام، “حسم بوصلة الحكم والسيطرة المتقنة على الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتشكيل لجنة التحقيق البرلمانية التي تعتبر سابقة وطنية وعملاً مهماً وتاريخياً في بلد مثل موريتانيا، يؤسس لدور مهم للمؤسسات الرقابية المنتخبة”.
وتحدث القيادي الإسلامي عن الاختلالات أو السلوك الذي لا ينسجم، حسب قوله، مع تطلعات المشفقين من ضياع الوقت وتصرم الزمان؛ ومن ذلك استمرار تكلس الإدارة، وتأخر الإنصاف في المظالم، ورهان الموقع والاستقلال”.
واختار الوزير سيدي أحمد الرايس، وهو اقتصادي بارز، تقييم السنة المنقضية من حكم الرئيس الغزواني من زاوية الحالة المالية والاقتصادية التي ورثها عن سلفه محمد ولد عبد العزيز، فأكد أنه ورث مديونية تقارب 5 مليارات دولار، أي نسبة 100% من الناتج القومي الخام، وتدفع عنها 300 مليون دولار كل عام، وورث نسبة بطالة في حدود 30%، أي أن كل 3 موريتانيين فيهم واحد عاطل عن العمل، وكل شابين فيهم واحد عاطل عن العمل”، مبرزاً أن الرئيس الغزواني ورث كذلك نسبة فقر في حدود 30%، وورث 800 ألف موريتاني سنوياً يعيشون الهشاشة الغذائية ومعرضون دائماً للمجاعة”.
وأكد الرايس أن “الرئيس الغزواني ورث مؤشرات نمو ضعيفة بينها نسبة نجاح في الباكالوريا أقل من 5%، والأخطر أنه حسب اليونيسف، ورث قرابة 450 ألف طفل موريتاني يتسربون من المدارس.

القدس العربي