لماذا اختار الأمير بن سلمان أن يجمع قادة القوّات المسلّحة والدفاع ويُخاطبهم بالصوت والصورة بحُضور شقيقه؟

25 مايو, 2020 - 19:01

لماذا اختار الأمير بن سلمان أن يجمع قادة القوّات المسلّحة والدفاع ويُخاطبهم بالصوت والصورة بحُضور شقيقه؟.. أكّد مُعايدًا أنّ الظروف السيّئة ستزول و”خير دائم” تقبل عليه المملكة فماذا عن أحزمة وزير الماليّة المشدودة؟.. “الجاهزيّة القِتاليّة” للجيش السعودي في ظِل تهديدات ترامب بقطع الدعم العسكري

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

تحوّل ظُهور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إعلاميّاً، إلى حالةٍ شبه نادرة، فالأمير الشاب ومع صُعوده إلى ولاية العهد قبل أن يُطيح بابن عمّه ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف منها، كان حريصاً على الظهور الإعلامي المُكثّف محليّاً ودوليّاً، وتقديم خطّته الإصلاحيّة، ورؤيته 2030 الاقتصاديّة، ولكن بعد سنوات على حرب اليمن، وتصريحاته الواثقة بخصوص اجتثاث الحوثي، وجريمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، بات الأمير مُقلّاً بالظّهور، حتى أنّ غيابه الطويل أحياناً تترافق معه إشاعات لا نهاية لها.

يُسجّل الأمير بن سلمان، هذه المرّة، ظُهورًا إعلاميّاً، اختار فيه أن يتحدّث بالصّوت والصّورة، وإن كان حديثاً سريعاً، وبُمناسبة عيد الفطر، قدّم فيه الأمير التهنئة لمنسوبي وزارة الدفاع، وذلك خلال اتّصال بالتقنية المرئيّة، جرى فيه مُراعاة إجراءات التباعد الاجتماعي، في ظل تفشّي فيروس كورونا في المملكة والعالم، ومع تواصل تسجيل السعوديّة أعداد إصابات كبيرة تتجاوز الألفين يوميّاً، مُقابل عدد وفيات قليل، وذلك وفق الأرقام الرسميّة الصحيّة المُعلنة.

وكان لافتاً، أنّ الأمير بن سلمان، لم يحضر الاتصال المرئي لوحده، بل شاركه هذا الاجتماع الافتراضي نائب وزير الدفاع وشقيقه الأمير خالد بن سلطان، وحضره من جانب الوزارة، قادة أفرع القوّات المُسلّحة، وكبار مسؤولي وزارة الدفاع، وهو مشهد كما يرصد مُعلّقون، أشبه برسائل الاستعراض لإطباق وسيطرة تامّة من قبل الأمير على كافّة صنوف قوّاته المُسلّحة وبحُضور قادة أفرعها، إلى جانب كبار مسؤولي وزارة الدفاع، وفي توقيتٍ تتزايد فيه الانتقادات الغربيّة والأمريكيّة للأمير محمد بن سلمان، وسط انتشار أنباء عن مُكالمة عاصفة جمعته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفت تفاصيلها الرياض، ترتّب بعدها خفض السعوديّة لأسعار النفط، وسحب منظومة صواريخ الباتريوت وعدد من العسكريين من أراضي المملكة، ومُحاولة تشكيل لوبي بدعم الأمراء المُعارضين ضدّه في الولايات المتحدة الأمريكيّة.

ظُهور الأمير بن سلمان بالصّوت والصورة مُتحدّثاً، يأتي أيضاً، بعد دخول العربيّة السعوديّة، حالة “شد الأحزمة” التي أعلنها وزير الماليّة محمد الجدعان، ونتج عنها إلغاء بدل المعيشة، ورفع الضريبة المُضافة ثلاثة أضعاف، إضافةً إلى أنّ الصور التي بثّتها وكالة الأنباء السعوديّة “واس”، لم تحدّد مكان ظهور الأمير بن سلمان وتواجده، و الذي ظهر مُرتدياً الزي الرسمي السعودي، وإلى يمينه علم المملكة الأخضر، حيث لم يُسجّل له أي ظُهور علني مُنذ بدء جائحة كورونا، واقتصر على ظهور صور صامتة خلال جلسات مجلس الوزراء السعودي الافتراضيّة برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز.

ويحرص الأمير بن سلمان فيما يبدو، على ديمومة تواصله مع القوّات العسكريّة، خلال فترة الأعياد، ونقل التهاني لهم، وعلى عكس هذا العام، وفي ظل انتشار “كوفيد-19″، زار الأمير الشاب العام الماضي قوّات المملكة في المنطقة الجنوبيّة التابعة لمنطقة جازان، وعايدهم شخصيّاً بحُلول عيد الفطر، ونقل لهم تحيّات وتقدير والده، وهؤلاء تحديدًا من يصفهم الإعلام المحلّي بأبطال الحد الجنوبي المُرابطين على الحدود، وسط تداول مقاطع على المنصّات بين حينٍ وآخر لبعضهم يشكون اقتصاص علاواتهم، وتأخير رواتبهم.

ولم يُوجّه الأمير بن سلمان، كلمة لمُواطنيه، بعد دخول بلاده أزمتيّ انخفاض أسعار النفط، وكورونا، ووقف اعتمادات العديد من مشاريع تنفيذ رؤية 2030، حيث فئة الشباب يرفعون آمالهم بتحقيق الرؤية أهدافها، وطالما استهدفهم الأمير في خطابه الإعلامي، وتقديمه لرؤيته الإصلاحيّة، وتماشي خطّته مع طموحاتهم، في إيجاد بدائل وفرص عمل في غير المورد النفطي، وبدا أنّ والده الملك سلمان هو من يُدير ملف كورونا، ويُصدر القرارات تباعاً، ويوجّه شكره للمُواطنين والمُقيمين على صبرهم على الإجراءات، وكان أوّل ظُهور قد سُجّل للعاهل السعودي بعد شائعات وفاته وتنحّيه عن الحكم، واعتقال الأمراء البارزين (شقيقه الأمير أحمد بن عبد العزيز، الأمير محمد بن بن نايف)، مع بداية تسجيل المملكة الإصابات، تناول فيها الملك السعودي الجائحة.

وتمنّى ولي العهد السعودي خلال المُداخلة في الاتصال المرئي، أن يُعيد هذا العيد على الجميع، والمملكة سنوات مديدة بعز وقوّة وسعادة، كما عبّر عن ألمه لعدم استطاعته التواجد بين العسكريين، وأكّد أنّ الظروف السيئة ستزول إن شاء الله، وإقبال المملكة على خير دائماً بهمّة رجال المملكة العربيّة السعوديّة سواءً عسكريين أو مدنيين، ولم يشرح الأمير بن سلمان شكل هذا الخير المُقبلة عليه بلاده بهمّة رجال المملكة، وفي ظل ظروف اقتصاديّة، حتّمت على المملكة اتّخاذ قرارات قاسية ومُؤلمة، دفعها للاقتراض، وشد الأحزمة، والتقشّف، بحسب توصيفات وزير الماليّة الجدعان.

وفي ذات المُداخلة، ليس عابرًا، أن يُؤكّد رئيس هيئة الأركان العامّة الفريق أوّل ركن فياض الرويلي، خلال ردّه على تهنئة ولي عهد بلاده ووزير الدفاع، أنّ القوّات المُسلّحة وفي ظل جائحة كورونا، تتمتّع بأعلى درجات “الجاهزيّة القتاليّة” بدعم القيادة ومُتابعة ولي العهد، ونائب وزير الدفاع، وهي تأكيدات تطرح تساؤلات حول شكل هذه الجاهزيّة ومدى قُدراتها في الأزمات، والتي تأتي أيضاً في ظل انسحابات عسكريّة أمريكيّة من السعوديّة، سواءً على صعيد منظومات وعتاد، أو عسكر، وتهديدات ترامب بقطع “الدعم العسكري” على خلفيّة حرب النفط السعوديّة وإغراق الأسواق، والتي تسبّبت إلى جانب كورونا، بأزمات ماليّة للمملكة، قد تضعها في مأزق مُواصلة تنفيذ الصفقات، مُقابل تجديد الحماية الأمريكيّة، والتي لا يقبل ترامب أن تكون مجّانيّةً للخليج، وما إذا قرّرت المملكة التخلّي عن تلك الحماية، مُقابل تفعيل الصناعات العسكريّة المحليّة وتطويرها، التي تحدّث عنها الأمير بن سلمان ذاته، وتخصيص الميزانيّات لدعمها.