في ظل ظرفية بالغة الصعوبة تتميز بتصاعد العنف المسلح وتفاقم إشكالات التنمية ورهانات التعايش، تستضيف موريتانيا، اليوم الثلاثاء، سادس قمة لمجموعة دول الساحل الخمس التي تضم مالي وموريتانيا والنيجر وبوركينافاسو والتشاد، وبحضور دولي واسع.
وأنهى وزراء خارجية دول المجموعة، أمس، ضمن دورتهم السابعة الموسعة لوزراء الدفاع والاقتصاد، أمس في نواكشوط، تحضيراتهم للدورة العادية السادسة لقمة المجموعة المقررة اليوم بقصر «المرابطون» شمال غرب العاصمة نواكشوط.
وحدد وزراء الخارجية، حسب الأمانة الدائمة للمجموعة، البرامج والمشاريع ذات الأولوية في المجالين الأمني والإنمائي للمنطقة وكذا الملفات المتعلقة بتسيير المجموعة.
وحسب المصادر، فإن قمة نواكشوط ستشهد حضوراً دولياً كبيراً وبخاصة مشاركة فرنسية موسعة، تسعى باريس من ورائها إلى التحضير لتأسيس التحالف الدولي من أجل الساحل الذي تبلورت فكرة تأسيسه خلال قمة «بو» الفرنسية الساحلية الشهر الماضي والذي يتواصل التشاور بشأنه على أكثر من صعيد.
وتنعقد هذه القمة التي ستنقل فيها الرئاسة الدورية للمجموعة إلى موريتانيا، في منعطف خاص في تاريخ هذه المنظمة، وفي واقع المنطقة التي تواجه تحديات جمة، في مقدمتها تصاعد العنف خلال العام الأخير وتفاقم إشكالات التنمية والتعايش المتراكمة منذ عقود.
ويقول الإعلامي الباحث محمد يحي ولد حمدناه: «إن قمة نواكشوط مناسبة لمساءلة المجموعة أمام الهدف الذي أنشئت من أجله، وهو، وفقاً لنص الاتفاقية التأسيسية، «جعل الدول الأعضاء فضاء اندماج اقتصادي ورفاه اجتماعي وغنى ثقافي يسود فيه الأمن والسلام وتقوم فيها دولة القانون والحكامة الراشدة والديمقراطية»، وذلك من أجل تعزيز المنجز، وتدارك التقصير، وتوجيه البوصلة نحو الأولويات انطلاقاً من الممكن والمتاح، ومراعاة للواقع وحقيقة التحديات».
وقال: «إن تصاعد العنف في المنطقة خلال السنة الأخيرة، وانتظامه لأغلب دول المجموعة، باستثناء، يعني ضرورة مراجعة أساليب العمل وأفقه، وتوجه الدول لتدقيق آليات تعاطيها مع الداعمين، ووضعهم أمام مسؤولياتهم في المساهمة في أمن واستقرار المنطقة والعالم، ولن يكون ذلك إلا بمنح المجموعة قدرة أكبر على تحديد أجنداتها دون ضغوط، وجرد أولوياتها دون تدخل».
وفي خطاب لها أمام مجلس الأمن الدولي قبل أسبوع، دقت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا بإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام، السيدة بينتو كيتا، ناقوس الخطر إزاء ما عرفته الأشهر الستة الأخيرة من استمرار لتدهور الوضع الأمني في الساحل وتزايد الهجمات ضد قوات الأمن والسكان المدنيين.
ويأتي «نداء» المسؤولة الأممية بعد أسبوع واحد من تقرير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمام مجلس الأمن أعرب فيه «عن بالغ القلق من تصاعد أعمال العنف في منطقة الساحل التي امتدت إلى دول ساحلية من غرب إفريقيا ممتدة بمحاذاة خليج غينيا، داعياً مجلس الأمن الدولي للتنسيق الوثيق مع القوة المشتركة التابعة لمجموعة الدول الخمس لمنطقة الساحل».
وحرص الرئيس الموريتاني، محمد الشيخ الغزواني، في خطابه أمام النسخة السادسة لمنتدى داكار الدولي حول السلم والأمن في إفريقيا على لفت الرئيس انتباه المشاركين إلى الدور الذي يمكن أن تنهض به «قوات إقليمية متنقلة وخفيفة وعارفة بالميدان»، مذكراً «بالعقبات التي تعيق عمل القوة المشتركة، وعلى رأسها عدم استدامة التمويل، ومحدودية التفويض، وهو ما طالب الأمم المتحدة بالعمل لتجاوزه من خلال منحها «تفويضاً قوياً وتمويلاً أكثر ديمومة»، مشدداً على أهمية الدعم والمساعدة التي ينبغي أن تلقاها دول الإقليم من شركائها، دولاً ومنظمات إقليمية ودولية.
واشتملت الحصيلة الرقمية لأعمال العنف في المنطقة على معطيات مخيفة، حيث ارتفعت الحصيلة من 770 قتيلاً في العام 2016 إلى 4000 قتيل خلال العام المنصرم، وتركزت هذه الحصيلة في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
كما لم تسلم القوات الفرنسية الموجودة في المنطقة من وقع هذه الحصيلة، حيث خسرت 13 عسكرياً في حادث تصادم مروحيتين عسكريتين، وهو ما رفع حصيلة الضحايا الفرنسيين منذ التدخل في المنطقة سنة 2013 إلى 41 قتيلاً، وفقاً للأرقام الفرنسية الرسمية.