سيكون الثلاثاء موعد إحالة مجموعة النشطاء العلمانيين الموريتانيين إلى العدالة حسب مصدر أمني، وذلك بعد أن تكون الشرطة القضائية، التي أوقفتهم يوم الجمعة، قد استكملت تحقيقاتها معهم الإثنين.
وبعد متابعة مطولة بدأت عام 2013 لنشاط هذه المجموعة، حسب المصدر الأمني نفسه، وبعد أن أسست على أسس علمانية حزبها “التحالف من أجل إعادة تأسيس الدولة الموريتانية”، قررت الشرطة القضائية مساء الجمعة الأخير إلقاء القبض على أفرادها خلال اجتماع عقدوه بمنزل مكفولة بنت إبراهيم إحدى ناشطات حراك “نريد موريتانيا علمانية”.
وشملت الاعتقالات سيدتين هما الحقوقية آمنة بنت المختار ومكفولة إبراهيم، اللتان أطلق سراحهما بعد الاستجواب على أن يعاد تعميق التحقيق معهما الإثنين، بينما استمر اعتقال بقية أفراد المجموعة ومن أشهرهم الشيخ ولد نوح وهو صحافي وكاتب روائي، وميني إبراهيم، واحمدناه، وشيخاني، وأحمد محمد المختار، وأبي ولد زيدان وهو إعلامي.
المجموعة متهمة بعقد “اجتماع غير مرخص لتأسيس تنظيم مضاد للدستور، ومهدد لأمن واستقرار ووحدة الوطن”
ولم تتحدد رسميا التهم الموجهة لهذه المجموعة وإن كانت المصادر الأمنية قد أكدت أن المجموعة متهمة بعقد “اجتماع غير مرخص لتأسيس تنظيم مضاد للدستور، ومهدد لأمن واستقرار ووحدة الوطن”.
وحسب تسريبات من داخل غرف التحقيق، فقد اتهم الناشط العلماني أحمد محمد مختار بالتبشير بالمسيحية وبنشر الدعوات الإلحادية.
ونقلت وكالة “الصحراء ميديا” المستقلة عن مصدر أمني وصفته بـ”القريب من ملف التحقيق”، قوله إن “الأمر يتعلق بملفين مختلفين، أولهما ملف اعتقل فيه ثلاثة أشخاص منذ خمسة أيام، على خلفية تورطهم في “التبشير بالديانة المسيحية”، مشيراً إلى أنه “تم اعتقالهم وهم يوزعون نسخاً من الإنجيل”.
“أما الملف الثاني، يضيف المصدر، فيتعلق بمجموعة يزيد عددها على خمسة أشخاص، اعتقلوا على خلفية مشاركتهم في “اجتماع سياسي” غير مرخص يدعون فيه لإعادة تأسيس الدولة الموريتانية، ويرفعون شعار “نريد موريتانيا علمانية”.
ويتعلق الأمر بتنظيم سياسي جديد يقوده الإداري المتقاعد محمد ولد امخيطير (والد محمد الشيخ المشهور بساب الرسول عليه السلام)، الموجود خارج البلاد منذ سنوات.
وقد بدأ هذا التحالف السياسي على شكل مجموعة دردشة على تطبيق المراسلة الفورية “واتساب”، قبل أن يعقد المنخرطون فيه سلسلة اجتماعات واقعية في نواكشوط تمخضت عن تعيين قيادة لهذا التنظيم.
وحسب مصادر صحافية، فإن التحقيقات التي خضع لها المعتقلون ركزت على “محاولة معرفة الجهات التي تقف خلف الائتلاف السياسي وتلك التي تموله”، كما ركز المحققون مع المتهمين على تجميع المعلومات الخاصة بالنشاط التبشيري والتنصيري لمعرفة ما إذا كانت هنالك “شبكة” تنصيرية في موريتانيا، إضافة لجمع المعلومات عن مبشرين أوروبيين غادروا موريتانيا قبل فترة، ويُعتقد بأنهم من يقف وراء عملية التنصير وأنهم من يتولون دعمها وتمويلها.
وبينما تتواصل التحقيقات، توجه كبار الساسة والمفكرين الموريتانيين بتدويناتهم نحو التعليق على ملف العلمانيين والتنصيريين، حيث أكد المفكر الإسلامي البارز محمد جميل منصور “رفضه للاعتقال بسبب الأفكار والاختيارات”، مبرزا أن “مع الرأي يكون الرأي، والحجة ترد بالحجة، والاستقواء بالقوة العمومية لتمرير فكرة أو توقيف أخرى ضعف وعجز”.
وقال: “أرفض أي مس للأمن الديني للمجتمع وهنا أعني قضية التنصير والسعي لتغيير دين الناس وقد تم تداول معلومات في هذا الصدد في الأيام الأخيرة تقلق الحادبين على الوحدة الدينية لساكنة هذه البلاد، ولا يعني هذا الكلام أنني أربط بين المعتقلين وهذا الموضوع فليست لدي معلومات في هذا الإطار”.
“أدرك خطورة الغلو والتطرف، يضيف جميل منصور، سواء كان ضد الدين أو كان بشعار الدين، لا خير في التشديد على الناس ولا خير في تحدي مشاعر الناس الدينية، وسيتبين للناس ولو بعد حين، أن الغلو العلماني والغلو الديني يتخادمان ويعطي كل منهما للآخر أسباب النمو ومبررات الانتشار”.
أما محمد الأمين الفاضل أبرز مدوني موريتانيا، فقد أكد في تعليق له على هذه القضية أنه “لا مستقبل سياسيا لما يسمى بـ”التحالف من أجل إعادة تأسيس الدولة الموريتانية”؛ هذا التحالف، يقول الفاضل، يضم العديد من أولئك الذين عرفوا بالإساءة إلى المقدسات، ولذلك فلن يجد عمقا شعبيا، وقد يحصل هذا التحالف على الكثير من أوسمة وتكريمات المنظمات الغربية، وقد يحصل على الكثير من الأموال والتأشيرات إلى بلاد الغرب، ولكنه لن يحصل على شعبية في بلد مسلم كموريتانيا”.