تشن الأجهزة الأمنية في موريتانيا حملة اعتقالات تستهدف نشطاء عِلْمانيين ينتمون إلى حركة "نريد موريتانيا علمانية"، وذكر حقوقيون موريتانيون أن الاعتقالات، التي بدأت في 12 شباط/فبراير وصلت إلى 12 معتقلاً، أبرزهم الحقوقي ميني ابراهيم والروائي الشيخ نوح.
وقالت وسائل إعلام موريتانية إن الأجهزة الأمنية أكدت حدوث عدد من الاعتقالات من دون أن تعلن عدد المعتقلين أو توضّح أسبابها رسمياً، لكن صحيفة "تقدمي" ذات التوجهات العلمانية رجحت أن يكون السبب وراء هذه الحملة الأمنية الواسعة هو حضور هؤلاء الناشطين جنازة مسيحي في العاصمة نواكشوط.
وذكر موقع السبق الإخباري نقلاً عن مصادر وصفها بالمطلعة أن توقيف المجموعة جاء على خلفية "أنشطة مشبوهة كانوا يقومون بها"، وقال الموقع إن التحقيق الذي تجريه الشرطة مع الناشط أحمد ولد محمد المختار قاد إلى هذه الاعتقالات، ويواجه ولد المختار بحسب المصدر ذاته تهمتين "هما نشر المسيحية والتطاول على القرآن الكريم".
فيما قال موريتانيون إن التوقيفات قد تكون جاءت على إثر اجتماع عُقد الأحد الماضي في بيت الناشطة الحقوقية المعروفة مكفولة منت إبراهيم بغرض التأسيس لتنظيم سياسي جديد يحمل اٍسم "التحالف من أجل إعادة التأسيس".
وكانت الشرطة قد اعتقلت منت إبراهيم بضع ساعات، يوم الجمعة، قبل الإفراج عنها حسب ما ذكر مدونون موريتانيون.
ولم يستبعد حمزة حدمين، وهو ناشط موريتاني، أن يكون "جهل المحققين بموضوع العلمانية قد تسبب بهذه الاعتقالات"، مشيراً إلى أن الاستدعاء في بداية الأمر كان لأحمد ولد محمد المختار بسبب حضوره الجنازة، "فكَيّف المحققون أجوبة المعتقل على أنها نشاط تبشيري"... بعدما كبرت القضية أصبحت الدولة تبحث عن مخرج فوجدت حجة الاجتماع غير المرخص".
موريتانيون: انتكاسة حقوقية
اعتبر المدون المعروف ب "ذبابة الريم" أن هذه الاعتقالات مُمنهجة ولا علاقة لها بالاجتماعات التي عقدت في بيت أحد الحقوقيين، وقال: "لا يوجد أي مبرر لسجن مواطن من دون تهم موجهة إليه ومن دون محاكمة عادلة، هذه الممارسات البوليسية القمعية تكريس لدولة العنف واللا قانون التي لا تحترم الإنسان".
أما الصحافي الموريتاني الربيع أدوم فقد انتقد الاعتقالات قائلاً: "الاقتناع بضرورة علمانية الدولة ليس تهمة يجوز الاعتقال بسببها كما أن حضور تعزية في وفاة صديق مسيحي ليست تهمة يتم الاعتقال بموجبها".
وقال: "التيار العلماني المطالب بانفتاح الدولة ومدنيتها أصبح واقعاً ويتزايد أنصاره ويصبح أقوى، وهذه الاعتقالات في صفوف اليساريين التقدميين تعتبر نكسة في مجال الحريات".
وأضاف: "هذه خطوة ظلامية ورجعية. يجب أن تتيح الدولة الحرية... هذه فوضى قانونية وسياسية، هذا غير معقول ويظهر بجلاء أننا بنينا جهازاً أمنياً رجعياً".
في سياق متصل، سخر آخرون من الاتهامات المتداولة بخصوص التنصير، وكتب محمد عبدي: "اعتقلوا جماعة من تيار" نريد موريتانيا علمانية " بحجة أنهم ينشرون المسيحية. هذا مضحك. صدقوني، إن اعتقال هؤلاء سيعيد الأموال المسروقة وسيوفر الدواء ويحارب المزور".
بدوره رأى الإعلامي السالك زيد أن المعلومات المتصلة بنشر المعتقلين للمسيحية هي كذبة كبرى روج لها أزلام النظام ومن يريدون النيل من أصحاب الحراك. وأردف: "يبدو أيضاً أن هناك أوامر بإلقاء القبض على كل من له صلة بهؤلاء، خاصة الذين هم في مجموعة على الواتس آب تضم عدداً من الناشطين. ليست هناك أدلة على أن هؤلاء المحتجَزين الآن قاموا بأي عمل يضر المجتمع والدولة، هي حركة غير مدروسة قام بها النظام، وقد يدفع ثمنها من خلال تراجع حرية التعبير في البلد".
وظهرت حركة "نريد موريتانيا علمانية" حركة افتراضية في صفحة على فيسبوك قبل ثلاث سنوات، وجمعت عدداً كبيراً من الشباب الداعين لعلمانية موريتانيا، قبل أن تنتظم الحركة وتنتقل إلى العمل الميداني في تموز/يوليو سنة 2018 إذ نظّمت وقفة في العاصمة نواكشوط طالبت من خلالها بعلمنة الدولة.
نقلا عن : " رصيف 22"