الصيد البحري ثروة تسيل لعاب الأساطيل الأجنبية‎

16 فبراير, 2020 - 11:44

ثروة هائلة ظلت مهملة لسنوات، تنهبها الأساطيل الأجنبية.. وتدار بشكل عشوائي، فالسمة الغالبة على الحياة الاقتصادية للموريتانيين كانت تقتصر على تنمية المواشي والزراعة الموسمية، ولم ينتبه الموريتانيون لأهمية الاقتصاد البحري إلا في العقود الأخيرة، رغم أن بلادهم  تتميز عن الكثير من الدول العربية والعالمية، في هذا المجال، لما تتمتع به سواحلها من ثروة بحرية جعلتها في مصاف البلدان المنتجة للأسماك، فهي تمتلك شاطئا على المحيط الأطلسي يبلغ طوله نحو 750 كلم وتتلاقى في مياهها الإقليمية التيارات البحرية الدافئة والساخنة الأمر الذي هيأ لمياهها أن تكون مأوى لكثير من الأسماك والأحياء المائية التي تهاجر في معظم فصول السنة من مناطق أخرى للحياة والتكاثر في مياهها الفريدة من نوعها.

 وسبب تلاقي التيارات هذا هو وجود جرف قاري عريض يصل إلى (80) ميلا في بعض الأحيان يهيئ توافر كميات كبيرة من الأسماك ذات الجودة العالية طوال فصول السنة، إلى جانب وجود بيئة بحرية في قاع المحيط ملائمة لغذاء وتوالد الأسماك.ومع كل ذلك فإن اهتمام الحكومات الموريتانية المتعاقبة، بقطاع الصيد البحري، ظل دون المستوى المطلوب لعدة عقود، مع أن السلطات دمجت هذا القطاع في الاقتصاد الوطني للبلاد وأنشأت شركات للصيد البحري في الثمانينات من القرن الماضي وأقامت مصانع أرضية للتجميد والتخزين السمكيين كما تم سن القوانين والتشريعات التي تنظم استغلال هذه الثروة الوطنية الكبيرة كما تم حينها شجيع القطاع الخاص على حيازة بواخر للصيد الكبير بحيث نتج عن ذلك ارتفاع قيمة صادرات البلاد من الأسماك من مليار واحد من الأوقية سنة 1978 إلى 30 مليار أوقية سنة 1986 وذلك بواقع 70% من القيمة الإجمالية للصادرات، ومنذ ذلك الحين أصبح قطاع الصيد البحري أحد أهم القطاعات المشاركة في تنمية البلاد وحصولها على العملات الصعبة, على الرغم من محدودية الإمكانيات التصنيعية لدي موريتانيا وتواضع الخبرة الفنية لمصادرها البشرية في هذا المجال إضافة لما تتعرض له ثروتها السمكية من "نهب" وتجاوز من طرف اساطيل بعض الدول الأجنبية.

ومع ذالك ترتبط موريتانيا بعدة اتفاقيات مع الكثير من الدول في مجال الصيد وتصدر ملايين الأطنان سنويا إلى جميع أنحاء العالم، وتصطاد في مياهها سفن وأساطيل بحرية للصين واليابان وروسيا، والاتحاد الاوروبي الذي صادق في أكتوبر الماضي على اتفاقية جديدة للصيد البحري مع موريتانيا، تتميز عن سابقتها بفترتها التي تدوم سنتين بدلا من أربع سنوات، كما تقول السلطات الموريتانية إنها تضمنت أيضا إجراءات للحفاظ على الثروة السمكية من خلال إبعاد الأساطيل الأوروبية عن السواحل وحجم التعويض الذي بلغ 113 مليون أورو سنويا في حين كان في السابق يبلغ قرابة 80 مليون أورو.

وتنص هذه الاتفاقية ، التي تم التوقيع عليها بعد 15 شهرا من المفاوضات العسيرة، على منح السفن الأوربية رخص اصطياد 300 ألف طن من الأسماك السطحية وخمسة آلاف طن من الجمبري و2400 طن من الأسماك القشرية ويستثنى من الأسماك القاعية صيد الرخويات مثل الأخطبوط عكس ما كان عليه الأمر في الاتفاقية السابقة، وهو ما أثار حفيظة بعض الاروبيين وخصوصا الأسبان، الذي رفضوا الاتفاقية الجديدة لبعض الوقت قبل أن يقبلوا بها على مضض بعد مصادقة البرلمان الأوروبي، بستراسبورغ، عليها في الثامن من اكتوبر 2013 بأغلبية 464 صوتا مقابل 120.

وتعتبر الجزائر من أبرز الدول العربية المهتمة  بمجال الصيد البحري في موريتانيا، وقد جددت اتفاقياتها في هذا المجال خلال زيارة رئيس وزرائها  عبد المالك سلال،إلى نواكشوط في مارس من السنة الماضية، حيث تم تحديد إطار وآليات استغلال رخص الصيد البحري الخمس التي تمنحها موريتانيا للجزائر بالإضافة إلى تكثيف التعاون في مجال التكوين وتخصيص منح لفائدة الطلبة الموريتانيين في مجال الصيد البحري وتربية المائيات.

ويمثل قطاع الصيد حاليا 5% من الناتج الداخلي الخام في موريتانيا، ويساهم بنحو 30% من الموازنة السنوية للدولة، كما يوفر قرابة 40 ألف فرصة عمل ، كما سجلت مداخيل صادرات منتجات الصيد البحري بموريتانيا ارتفاعا في السنوات الأخيرة الماضية، حيث انتقلت سنة 2010 من 149 مليون إلى 190 مليون دولار أمريكي.وقال زير الصيد والاقتصاد البحري حمادي ولد حمادي يوم الثلاثاء الماضي 28 -01-2014 خلال اجتماع له مع العاملين في الشركة الموريتانية لتسويق الأسماك: "إن الثروة السمكية تعتبر الشريان الرئيسي للاقتصاد بموريتانيا، وإن الحكومة توليها أهمية خاصة,، ويتمثل ذالك في انتهاج سياسة وطنية لحمايتها، وخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين." على حد تعبيره.ورغم محاولات السلطات الموريتانية مراقبة  الثروة السمكية التي هي من أهم موارد البلاد الاقتصادية، فتبقى معرضة للكثير من النهب الأجنبي، بعد أن لوحظ في السنوات الماضية وجود سفن دولية وافريقية تصطاد بشكل غير شرعي في المياه الموريتانية.كما يبقى الاستثمار العربي في قطاع الصيد الموريتاني محدودا جدا بالمقارنة مع ما ستفيده دول الاتحاد الأوروبي والصين واليابان وروسيا ودول افريقية في هذا المجال.

العربي الجديد