أكد وكيل وزارة الشؤون الخارجية الامريكية المكلف بالشؤون السياسية ديفيد هيل الذي أنهى زيارة لموريتانيا أن الهدف من جولته التي ختمها بالعاصمة الموريتانية والتي قادته إلى داكار وباماكو وواجادوجو «هو التعبير عن قلق الولايات المتحدة إزاء عدم الاستقرار المتزايد في منطقة الساحل، ولتأكيد التزام أمريكا تجاه شركائها في هذه المنطقة الحيوية».
وقال في تصريحات أدلى بها أمس الخميس في ختام لقاءات بكبار المسؤولين الموريتانيين «لقد أعربت عن هذا الالتزام للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في اجتماعي به، من منطلق أن العلاقات الأمريكية مع موريتانيا تتأسس على اشتراك قيم الديموقراطية وسيادة القانون».
وزاد «لقد هنأت الشعب الموريتاني على الانتقال الديموقراطي السلمي التاريخي الذي حدث العام الماضي من رئيس منتخب إلى آخر منتخب، ويمثل هذا الانتقال مثالا يحتذى في إفريقيا والعالم العربي». وأضاف «أن بلاده تشجع برنامج الإصلاح الطموح للحكومة الموريتانية وتحيي تركيزه على تحسين حياة جميع الموريتانيين، كما تشيد بالحوار المفتوح بين حكومتي نواكشوط وواشنطن حول المسائل الأساسية لحقوق الإنسان، وتثني على تعاون الحكومة الموريتانية مع المجتمع المدني الموريتاني لتعزيز مكافحة الاتجار بالبشر». «وقد ناقشت مع الرئيس الغزواني، يضيف هيل، سبل توطيد وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين بلدينا ونحن على استعداد للعمل مع الحكومة الموريتانية ومجتمع الأعمال لتوسيع نشاطنا التجاري، فمن شأن المزيد من التعاون الاقتصادي أن يفيد شعبينا عن طريق خلق فرص للعمل وإدخال مهارات وخبرات تكنولوجية جديدة». وتحدث ديفيد هيل عن التعاون الأمني والعسكري مع موريتانيا، فأوضح «أن الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة وموريتانيا، تعد أحد أهم مرتكزات التعاون»، مبرزا «أنه «في سياق هذه الشراكة ستبدأ في موريتانيا الأسبوع المقبل، مناورات فلينتلوك العسكرية».
وقال «إن تمرين فلينتلوك العسكري يعزز قدرتنا على العمل مع حلفائنا في الساحل لمجابهة التهديد المتزايد لنشاط التطرف، ونعرب عن امتناننا لموريتانيا لاستضافتها تدريب فلينتلوك هذا العام». وأكد هيل «أن الولايات المتحدة تدعم الجهود التي تبذلها موريتانيا ودول أخرى في المنطقة على المستوى الثنائي ومن خلال مجموعة الساحل الخمس لتعزيز الأمن والتنمية الاقتصادية في المنطقة، والولايات المتحدة تتطلع إلى العمل عن كثب مع رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني عندما يتولى رئاسة مجموعة الساحل في وقت لاحق من هذا الشهر». وأكد هيل «أن منطقة الساحل تواجه تحديات كبيرة في أمنها واستقرارها وديمقراطيتها وتنميتها الاقتصادية، وهذه المشاكل تتطلب حلولا من داخل أفريقيا، ونحن نتطلع إلى دور موريتانيا في إيجاد هذه الحلول، التي يمكن الاعتماد فيها أيضا على الولايات المتحدة». وأثناء وجوده في نواكشوط، التقى وكيل وزارة الخارجية الأمريكية ديفيد هيل بالأمين الدائم لمجموعة دول الساحل الخمس مامان سيديكو، وأعرب له، وفقا لبيان نشرته السفارة الأمريكية بنواكشوط، عن «دعم الولايات المتحدة الثابت للمجموعة، في تحقيق أهدافها الأربعة»، مبرزا «دعم الولايات المتحدة القوي لزيادة التعاون بين المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ومجموعة دول الساحل الخمس». وتتزامن زيارة ديفيد هيل لموريتانيا مع استكمال التحضير لمناورات فلينتوك العسكرية لسنة 2020 المقررة من 17 إلى 28 فبراير 2020 بمواقع متعددة هي مدن أطار ونواكشوط وكيهيدي في موريتانيا، ومدينة تييس في السنغال. ويشارك في هذه المناورات ما يقرب 1600 من أفراد القوات المسلحة من 34 دولة إفريقية. وفلينتلوك هو التمرين العسكري السنوي الأكبر الذي تقوم به قوات العمليات الخاصة للقيادة الأمريكية في إفريقيا منذ عام 2005، وهدفها ما تعتبره الولايات المتحدة «تعزيزا لقدرات القوات المسلحة للدول المشاركة على مكافحة المنظمات المتطرفة العنيفة وحماية حدود هذه الجول وكذلك توفير الأمن لشعوبها».
وتشارك في مناورة فلينتلوك هذا العام كل من بنين وبوركينا فاسو والكاميرون وتشاد والرأس الأخضر وكوت ديفوار وغانا وغينيا ومالي وموريتانيا والمغرب والنيجر ونيجيريا والسنغال وتوغو، إضافة للنمسا وبلجيكا والبرازيل وكندا وجمهورية التشيك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا والنرويج وبولندا والبرتغال وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وتتزامن جولة دافيد هيل الحالية واقتراب تنظيم مناورات فلينتلوك مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن خطط تقليص لقواتها العسكرية المتمركزة في غرب إفريقيا.
وتتمثل القوات الأمريكية المقرَّر انسحابها في قاعدة طائرات عسكرية في شمال النيجر، وما يقرب من 2000 جندي أمريكي، كانت تتولى مَهَمَّة مساعدة قوَّات مجموعة دول الساحل الخمس « G5»، إلى جانب القيام بتدريب ومساعدة قوات الأمن المحلية في دول المنطقة في مجال مكافحة الإرهاب ونشاطات الجماعات المتطرفة.
وأثار هذا الإعلان استياء الدول المشاركة في خطط مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وعلى رأسها فرنسا التي ناشدت أمريكا بضرورة إبقاء قواتها العسكرية في إطار السياسات الأمنية التي تتبنّاها في منطقة الساحل، بالإضافة إلى معارضة عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي الذين حذّروا من خطورة ذلك الانسحاب على تنامي خطر الإرهاب.