مشهد يختصر يوميات الفتاة الموريتانية، عربية بنت أهنا، التي فضلت أن تنشغل بالشأن العام ومشاركة الفقراء، وأن تخرج على القواعد التي رسمها المجتمع التقليدي، الذي يرى أن مكان الفتاة هو بيتها.
غادرت بنت أهنا بلدها وهي طفلة صغيرة مع عائلتها إلى ليبيا، حيث عاشت هناك، تخرجت كخبيرة تغذية من إحدى جامعات ليبيا عام 2007.
تقول عن طفولتها "حظيت بتفوق نسبي في المدرسة، لذلك كنت ضمن الفرق التي تمثل مدرستي في المسابقات المحلية. ومن الرابع الابتدائي كنت من ضمن الفريق الإذاعي الذي يقدم فقرات النشرة الصباحية والاستراحات"، وتتابع مازحة "أستغرب اليوم كيف أني لم أعمل في حقل الإعلام رغم حبي له منذ الطفولة".
عادت بنت أهنا إلى موريتانيا عام 2010، واختارت العمل مع شركة أدوية قبل أن تؤسس الجمعية الموريتانية لرعاية المحتاجين، وتشغل منصب مسؤولة الشؤون الاجتماعية في جمعية الإرادة للثقافة والتنمية، وناشطة في جمعية "أسعد تسعد"، ثم رابطة صحة الأم والطفل، إضافة إلى الأمانة العامة لمباردة "اقرأ معي".
أطلقت مبادرة "اقرأ معي" لتشجيع المطالعة، بالتعاون مع ناشطين ومثقفين لأن بحسب قولها "النهوض بأي مجتمع يبدأ بالثقافة، وبدأت المبادرة بمكتبة لإعارة الكتب للشباب التي استقطبت في ظرف وجيز عشرات الشبان. وتنظم المبادرة في نهاية كل شهر نشاطا تسميه "100 دقيقة نقاش"، تستضيف أحد المؤلفين الموريتانيين، وتناقش معه آخر إصداراته".
وعن رحلتها مع الأعمال التطوعية قالت "في المرحلة الجامعية كنت وبعض الزملاء وأعضاء هيئة التدريس نتعاون في توفير بعض الاحتياجات لذوي الدخل المحدود من الوافدين، منها العلاج والدواء، وصارت النشاطات تتسع وتزيد مع اتحاد الطلاب الموريتانيين في ليبيا، وبعض الاتحادات النسائية وكان أبرزها اتحاد المرأة المغاربية".
تعتبر أن همها الأساسي فعل الخير، مضيفةً "كثيرا ما أجد رسائل استغاثة عبر هاتفي بشأن مريض يحتاج إلى تبرع بالدم، أو لا يجد ثمن الوصفة الطبية، أو يحتاج من يدفع عنه ثمن الفحوص الطبية. أعلن عن ذلك عبر صفحتي على فيسبوك مع رقم هاتف المريض، أو أحد النشطاء المعروفين، وبعد فترة وجيزة نتمكن من توفير المطلوب".
"أشعر براحة كبيرة حين أتمكن من مساعدة محتاج" تقول بنت أهنا. وتتذكر موقفا مؤثرا عندما زارت ملجأ للأيتام "كنت وقتها أعتبر نفسي ضعيفة بعد فقدي لأبي وأنا في أول عقدي الثاني، استقبلني أطفال من مختلف الأعمار ببراءة وروح منطلقة على الحياة، فبهجتهم طردت دمعي، ومنحتني جرعة أمل".
التحديات كثيرة أمام فتاة في الثلاثينيات، اختارت طريقا مختلفا في المجتمع الموريتاني، تعتبر أن "نظرة المجتمع للمرأة متباينة جداً، فهناك تشجيع قليل وهناك تثبيط للعزيمة، وربما تشكيك في ما تقوم به المرأة. ويعتقد كثيرون أن هنالك تضاربا بين عمل المرأة التطوعي ومسؤولياتها في البيت وهذا غير منطقي".