خريطة المنافسة قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية

17 مايو, 2019 - 02:12

تشهد موريتانيا انتخابات رئاسية حاسمة، في 22 يونيو/حزيران المقبل، وسط تصاعد قوي للحراك السياسي تزامناً مع نشر الحكومة مساء الأربعاء الماضي اللائحة النهائية لأسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية، وموافقة المجلس الدستوري على مشاركة 6 مرشحين في السباق الانتخابي.
وبدت الساحة السياسية تتشكل شيئاً فشيئاً بعد أسابيع من الحراك المتواصل، والاستقطاب المحلي بين الأطراف المشاركة في السباق الانتخابي، إذ كثّف المرشحون للانتخابات الرئاسية من لقاءاتهم بممثلي الأحزاب السياسية، والكتل الانتخابية، والشخصيات المستقلة، والناخبين في معظم مناطق البلاد بغية استمالتهم، قبل نحو ثلاثة أسابيع على انطلاق الحملة الانتخابية للرئاسيات في 7 يونيو المقبل. وتُعتبر الانتخابات الرئاسية الحالية حاسمة نظراً لما تمثله من انتقال سلمي للسلطة، إذ لن يشارك فيها الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز، على الرغم من أنه وحزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم وبعض أحزاب الأغلبية يدعمون المرشح محمد ولد الغزواني. إلا أن عدم مشاركة الرئيس في الانتخابات يمثّل لدى بعض المراقبين تحولاً في المشهد السياسي في البلد.

وانقسمت الساحة السياسية بين 6 مرشحين رجال مع غياب أي تمثيل للمرأة في السباق الانتخابي. ويمتلك بعض المرشحين فرصاً متقدمة، كشفها مستوى الدعم الحزبي والشعبي قبيل الانتخابات، إذ يعتمد وزير الدفاع السابق محمد ولد الغزواني على دعم الرئيسالمنتهية ولايته، والحزب الحاكم وبعض أحزاب الأغلبية الداعمة للنظام، بينما يعتمد رئيس الحكومة السابق سيدي محمد ولد بوبكر على الدعم القوي من حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (تواصل) الإسلامي، وعدد من الأحزاب القومية والشخصيات المستقلة. كما ينافس رئيس حزب "اتحاد قوى التقدم" اليساري محمد ولد مولود مدعوماً من "تكتل القوى الديمقراطية" وحزب "إيناد" المعارضين، بينما يعتمد المرشح الحقوقي بيرام ولد أعبيدي على دعم حزب "الصواب البعثي"، وبعض أنصاره في حركة "إيرا" الحقوقية التي يتولى رئاستها. ويراهن المرشح كان حامديو بابا، على دعم الفئة المعروفة بـ"الزنوج" (أي الموريتانيين الذين جاؤوا من أفريقيا) في انتخابات يونيو، فيما يسعى المرشح محمد الأمين المرتجي الوافي إلى كسب ثقة الشارع الموريتاني عبر برنامجه السياسي خلال الحملة الانتخابية.

ويرى الكاتب والصحافي الموريتاني سعيد ولد حبيب أنه بات من الواضح أن حلبة التنافس في السباق الانتخابي في موريتانيا ستشهد نزالاً قوياً بين ست شخصيات، في انتخابات رئاسية لن تتواجد فيها أي امرأة على غير العادة، كما تتميز بوجود مرشحين يمثلون شرائح اجتماعية متعددة. وأشار إلى أن وضعية الاصطفافات السياسية باتت واضحة، ما عدا حزبا أو حزبين، كحزب "التحالف الشعبي التقدمي" بزعامة مسعود ولد بلخير، متوقعاً أن يكون الأخير أمام خيارين "دعم مرشح السلطة محمد ولد الغزواني، أو دعم المرشح المعارض محمد ولد مولود، والأرجح هو الاحتمال الأول". وأضاف ولد حبيب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مرشح السلطة محمد ولد الغزواني يبقى الأوفر حظاً، ليس فقط لأن السلطة التي تدعمه هي التي تنظم الانتخابات، ولكن أيضاً لأن تشظي المعارضة ممثلة في "المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" أدى إلى التحاق عدد كبير منه بالمرشح ولد الغزواني، هذا إضافة إلى أن الكثير من الناخبين يرون أنه البديل الذي لا بد منه، والتحول الهادئ من حكم الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز. وأضاف الكاتب الموريتاني أن المرتبة الثانية في السباق الانتخابي ستكون من حظ المرشح سيدي محمد ولد بوبكر، المدعوم من تيار واسع من الإسلاميين، على الرغم من أن هذا التيار منقسم على نفسه، ما يرجح احتمال عدم دعم أنصار التيار للمرشح بحماسة كبيرة، متوقعاً أن يحضر في الصراع على المركز الثاني المرشح المعارض بيرام ولد أعبيدي، والمرشح محمد ولد مولود. وخلص ولد حبيب إلى أن باقي المرشحين ليسوا منافسين جديين.

من جهته، رأى المحلل السياسي أحمد شوقي ولد محمد المختار أن خارطة المرشحين أوضحت أن فرص المعارضة ستكون كبيرة من خلال ترشيحها أكثر من مرشح، مع التنوع الفئوي لمرشحيها الذين يمثلون خارطة موريتانيا العرقية. وأضاف ولد محمد المختار، لـ"العربي الجديد"، أن "المشهد السياسي يشي بتنافس قوي في السباق الانتخابي المقبل، وأن حظوظ المعارضين كبيرة. كما أن لمرشح النظام حظوظاً متقدمة هو الآخر". وأكد أنه "من الناحية الشكلية فإن الإعلان الرسمي للائحة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية يؤكد في المقام الأول استكمال ملفات المرشحين وسلامتها من العيوب الموجبة للرفض".