عاد التوتر ليخيم من جديد على أجواء العلاقة بين الحكومة الموريتانية ومعارضتها اليوم بعد أن أكدت أوساط في تحالف المعارضة أن وزارة الداخلية تحفظت على انضمام الإعلامي المعارض والقيادي الإسلامي البارز أحمد الوديعة للجنة الانتخابات، كما اشترطت اشتمال قائمة ممثلي المعارضة في هذه اللجنة على عنصر نسوي.
ولم تعط وزارة الداخلية ولا الحكومة حتى الآن أي توضيحات حول ما أكدته أوساط المعارضة الموريتانية بخصوص التحفظ الحكومة على اقتراحات المعارضة.
وانتقد صالح ولد حننا رئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني المعارض، رفض الحكومة الموريتانية للأشخاص الذين اقترحتهم المعارضة لتمثيلها في اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
ووصف في تصريحات لوكالة “الصحراء ميديا” المستقلة أمس “تعامل الحكومة الموريتانية مع إعادة تشكيل لجنة الانتخابات من أجل تمثيل للمعارضة فيها، بأنه تعامل مرتبك”، واتهمها بأنها “تماطل في الرد على مقترحات المعارضة بشكل رسمي”.
وكانت وزارة الداخلية التي تتفاوض مع أحزاب المعارضة منذ عدة أسابيع حول آليات تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، قد تحفظت، حسب مصادر المعارضة، على أسماء ثلاثة أشخاص اختارهم التحالف المعارض لتمثيله في اللجنة الانتخابية، وهو ما بررته بضرورة وجود سيدة من بين هؤلاء الأعضاء.
وأكد ولد حننا وهو عضو لجنة المعارضة المكلفة بالتفاوض مع الحكومة “أن التعامل المرتبك من طرف الوزارة مع المقترح والمماطلة في الرد عليه، ينذر بعودة النظام إلى تنظيم الانتخابات القادمة بصورة أحادية وإغلاق باب التداول السلمي على السلطة واختطاف المسار الانتخابي من جديد وهو ما عودنا عليه”.
وطلبت وزارة الداخلية من المعارضة، حسب ما أكدت مصادر فيها، تسمية امرأة من ضمن ممثليها للحفاظ على التوازن في اللجنة، بعد ممثلة حزب “قوس قزح” المعارض من اللجنة إثر حله بقوة القانون.
وكانت أوساط المعارضة قد أكدت التوصل الجمعة الماضي لاتفاق بين الحكومة الموريتانية وكتل المعارضة يقضي باستبدال ثلاثة أعضاء من أحزاب الموالاة في التشكيلة الحالية للجنة الحكماء المشرفة على اللجنة الانتخابية المستقلة، بثلاثة أعضاء يمثلون أطراف المعارضة.
وقوبل هذا الاتفاق بترحيب واسع لكونه حل إشكالا كبيرا كان على وشك أن يلوث أجواء تنظيم الانتخابات الرئاسية المرتقبة في يونيو/حزيران القادم.
واقترحت المعارضة الموريتانية كلا من الناشط السياسي محمد المختار مليل ممثلا لكتلة “الصواب وإيرا”، والإعلامي أحمدو الوديعة ممثلا لكتلة تواصل حاتم والمستقبل، والمحامي إبراهيم ادي ممثلا لكتلة اتحاد قوى التقدم والتكتل والتناوب.
ويقضي الاتفاق كذلك بمنح تحالف المعارضة ثلاثة مستشارين من مستشاري رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات إضافة لمنصب مساعد الأمين العام للجنة، ومنصب مدير العمليات الانتخابية ومنصب المدير المساعد للمعلوماتية”.
وحظي الإعلامي أحمد الوديعة بحملة تضامن واسع من المدونين الذين اعتبروا “تحفظ وزارة الداخلية على عضويته للجنة الانتخابات شرفا كبيرا له”.
وكتب المدون البارز إسماعيل يعقوب “وزارة الداخلية برسائلها العليلة تحول رئاسيات 2019 تدريجيا إلى مهزلة، فالمستقلة للانتخابات هي القبر الحقيقي لهذه الوزارة المطواعة في يد السلطان أيا كان؛ لكن ما أغفلته الرسائل التي ينقلها أهل الداخلية أن استجداء جنرالات السودان بقبس من أنوار المتظاهرين أمام أركانهم؛ هي يوما ما ستكون دراما موريتانية متكاملة الفقرات”.
وقال “”رفض الوديعة حكيما في لجنة الانتخابات هو شروع في معاقرة رذيلة ستقترف في حق الديمقراطية فالوديعة غير مرحب به في المستقلة للانتخابات لأن زمانه لما يتهيأ بعد”.
واكد المدون الشهير حبيب الله أحمد “لا يحق لوزارة الداخلية ديمقراطيا، الاعتراض على تسمية الأستاذ احمدو الوديعة عضوا منتدبا من المعارضة في لجنة انتخابات يفترض أنها مستقلة؛ فالمعارضة ليست تابعة لوزارة الداخلية ولا يحق للسلطات التدخل لها في تسمية منتسبيها في هذا المنصب أو ذاك “.
وقال “احمدو إعلامي شجاع وجريء درجة التطرف أحيانا؛ لا نتقاسم معه الكثير من الآراء التي يعبر عنها بلغة قوية وحادة في بعض الأحيان لكنه رجل نظيف التاريخ واليد متعفف درجة التصوف واختارته المعارضة لأنه صوت لم يستطع الرئيس نفسه اسكاته على الهواء إلا عن طريق قطع بث تلفزيون رسمي عمومي في لحظة تشنج عصفت بكل القيم الديمقراطية، وتعرف المعارضة أنه سيحارب بشراسة حتى لا تمارس لجنة الانتخابات هوايتها في التزوير “.
وأضاف “وديعة مرفوض رسميا لأنه عصي على التدجين ووزارة الداخلية تريد من المعارضة (قطة نزار) الأليفة التي تنام تحت مكتب رئيس لجنة الانتخابات لتلبى نداءه فقط إذا دعاها النظام.
أما أحمد الوديعة نفسه فقد كتب رادا على قرار رفضه “شكرا وزارة الداخلية؛ شكرا لمن وراء وزارة الداخلية، شهادة بها أفاخر، بها أتباهى”.
وكانت المعارضة الموريتانية المنضوية تحت لواء التحالف الانتخابي قد وجهت مستهل مارس الجاري، رسالة للحكومة بخصوص تنظيم الانتخابات، طالبت فيها “بإعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات وفتح التسجيل على القائمة الانتخابية للجميع وبخاصة لأفراد الجاليات الموريتانية في الخارج، واستدعاء مراقبين دوليين جادين ومحايدين لمراقبة الانتخابات”.
وتنص المادة رقم 6 من القانون 05/2018 المعدل لبعض احكام القانون النظامي 07/ 2012، تنص على ان اللجنة المستقلة للانتخابات يتم تعيين أعضائها بشكل توافقي من لائحة مكونة من 22 شخصية يجري إعدادها بناء على اقتراح مقدم من طرف الأغلبية والمعارضة بواقع 11 عضوا يقترحهم كل فريق”.
هذا وسيدلي الناخبون الموريتانيون بأصواتهم يوم الجمعة 21 يونيو 2019 خلال الشوط الأول وفي حالة شوط ثان، فإنهم سيدلون بأصواتهم يوم الجمعة الخامس يوليو 2019.
وحدد مرسوم استدعاء الناخبين، اليوم الأربعاء الثامن مايو/أيار المقبل موعدا أخيرا لتقديم ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية، حيث سينشر المجلس الدستوري القائمة المؤقتة للمترشحين يوم الخميس التاسع مايو المقبل، ليفسح المجال للاعتراضات يومي الجمعة والسبت 10 و11 مايو المواليين، قبل أن يصدر مداولة نهائية بقائمة الناخبين.
وستتولى الحكومة، على أساس مداولة المجلس الدستوري، نشر القائمة النهائية للمترشحين في أجل أقصاه يوم 22 مايو 2019.
وستفتتح الحملة السياسية والدعائية الممهدة لهذه الانتخابات يوم الجمعة السابع يونيو/حزيران القادم عند منتصف الليل، حسبما نص عليه المرسوم، على أن تختتم يوم الخميس 20 يونيو 2019 عند منتصف الليل.
وقد استلم المجلس الدستوري الموريتاني حتى الآن ملفات ستة مترشحين هم كان حاميدو بابا ومحمد الأمين المرتجي الوافي اللذين قدما ملفاتهما يوم الإثنين، ومحمد ولد الغزواني وزير الدفاع وقائد أركان الجيش السابق المدعوم من قوى الاغلبية الحاكمة، وسيدي محمد ولد بوبكر رئيس الوزراء الأسبق المدعوم من حزب تواصل الإسلامي، وبيرام ولد اعبيد الناشط الحقوقي المعارض، ومحمد ولد مولود مرشح تحالف قوى التغيير المعارض
“القدس العربي”