الإسلاميون يتسلمون من جديد زعامة مؤسسة المعارضة

27 أبريل, 2019 - 10:24

أعاد الإسلاميون الموريتانيون المنضوون تحت لواء حزب التجمع الوطني للإصلاح (محسوب على الإخوان)، أمس، سيطرتهم على زعامة مؤسسة المعارضة الديمقراطية بصفتهم الكتلة الأكبر في البرلمان.
فقد تسلم إبراهيم البكاي مسعود، مرشح حزب التجمع، أمس، مهام قيادة هذه المؤسسة ذات الطابع الرمزي الكبير، خلفاً للقيادي الإسلامي البارز الحسن ولد محمد عمدة بلدية عرفات الواقعة جنوب العاصمة نواكشوط، الذي قاد هذه المؤسسة خلال السنوات الخمس الماضية ضمن عهدتين متتاليتين قارع خلالهما بشدة نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وأكدفي خطاب تسلمه للزعامة، «أن مؤسسة المعارضة ولدت من نضالات متراكمة للمعارضة الموريتانية بشتى أطيافها، حيث أرادتها المعارضة رافعة للممارسة السياسية من أجل الدفع نحو مزيد من تجذير الديمقراطية، وأرادتها كذلك قناة لتبادل الرأي بين المعارضة والسلطة التنفيذية، ولإلقاء الضوء على اختلالات التسيير ولتتقاسم مع الحكومة قضايا الإجماع الوطني الكبرى».
وقال: «أدرك أننا نحتاج إلى مقاربات مركبة لعلاج مشكلاتنا، مقاربات لا تهمل المظاهر لكنها تغوص لتعالج جذور الإشكالات، ولا تكتفي بالخطابات العاطفية بل تشخص وتحلل مواضع الإشكال وتبني على ذلك سياسات عملية مناسبة».
وتحدث البكاي في خطابه عن حساسية المرحلة التي تمر بها موريتانيا حالياً، فأكد «أن دقة اللحظة السياسية التي يمر بها الوطن بعد تجاوز عسير لمساعي ومحاولات تعديل المواد المحصنة دستورياً، تستدعي وقفة تأمل تستهل بأن القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية بعدم المساس بالمواد المقيدة لإعادة انتخابه كان قراراً مهماً، إلا أن الأهم في هذه اللحظة بالذات هو إرساء قواعد وأخلاقيات خادمة لروح التناوب السلمي على السلطة، وأعني هنا و بكل وضوح، يضيف زعيم المعارضة، ضرورة خلق مناخ من الثقة لدى جميع المرشحين والفاعلين السياسيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك من خلال جملة من الإجراءات من أهمها تمثيل المعارضة في اللجنة المستقلة للانتخابات وإبعاد وسائل الدولة وأجهزتها عن خدمة مرشح بعينه وإبقاء القوات المسلحة وقوى الأمن خارج اللعبة السياسية».
وانتقد زعيم المعارضة المنصرف الحسن ولد محمد، وهو من قيادات التجمع الوطني للإصلاح، في كلمة وزعها بمناسبة انتهاء مأموريته، الأوضاع السياسية التي مرت بها موريتانيا خلال السنوات الخمس الماضية التي تولى فيها قيادة مؤسسة المعارضة.
وقال «إنه من دواعي الأسف الكثيرة في ختام الخمس سنوات التي قضيتها في هذا الموقع، أن أجد الحصيلة وقد غلب السلبي فيها على الإيجابي غلبة بينة، حتى لا يكاد يذكر إلا الإدانات، والاستنكارات؛ لقد كانت خمس سنوات سجن فيها أبناء موريتانيا بغير وجه حق، وتعسفت فيها السلطات في استخدام القانون ضد أبناء البلد نتيجة آرائهم السياسية، واستهدفت فيها رموز الدولة طمساً وتغييراً، وسيرت الملفات الكبرى بطريقة أحادية ارتجالية، وانصب جهد كبير على إزاحة أي عائق دستوري، أو قانوني، أو مؤسسي أو عرفي، كان يمكن أن يقف في وجه رأي الفرد وسلطته وتدخله».
«وفي هذه السنوات العجاف، يضيف ولد محمد، نهب من مقدرات الدولة ما لم ينهب في أي فترة سابقة، واستشرى الفساد معلناً عن نفسه من خلال صفقات التراضي، والزبونية في التعيينات، وإفلاس الشركات المملوكة للدولة، وصفقات بيع المؤسسات الغامضة، ويبدو للأسف أنها تتسارع مع نهاية المأمورية الحالية».
وأضاف: «في ظل رفض السلطات التنفيذية تطبيق القانون فيما يتعلق بالتشاور مع المؤسسة، بدءاً من الرئيس الذي أوقف اللقاءات الدورية المقررة بالقانون، وحاصرها ماليا وبروتوكولياً، باتت المؤسسة بين معارضة لا تعتبرها ممثلاً لها، وسلطة لا تريد التعاون معها، وهو ما جعل هامش تحركها ضيقاً إلى أبعد الحدود».
وقال: «وقفت المؤسسة بقوة إلى جانب حماية حقوق المواطنين الأساسية، كانت مواقف الزعيم الرافضة للحوارات الأحادية والداعية بشكل متكرر إلى تنظيم حوار شامل، ووجهت المؤسسة عدة استفسارات لأعضاء في الحكومة حول بعض القضايا التي تمس حياة المواطن، والقضايا التي تشغل الرأي العام الوطني، إلا أن جميع هذه الاستفسارات لم تجد تجاوباً ولا تعاطياً من طرف الوزراء الذين تم توجيه استفسارات إليهم باستثناء رد واحد من طرف الوزير المنتدب للبيئة».
وزاد: «لقد وضعنا عدة توصيات في تقرير الأداء، من بينها ضرورة تخصيص ميزانية سنوية لا تقل عن واحد في الألف من الميزانية العامة، وتفعيل القانون المتعلق بلقاء التشاور الدوري بين زعيم المعارضة ورئيس الجمهورية، ورئاسة الحكومة، إضافة إلى حق مساءلة الوزراء، والقدرة على الولوج إلى المعلومة، وإلغاء شرط الانتخاب في الزعيم الرئيس وأعضاء مجلس الاشراف وإبدالهم برؤساء التشكيلات المعارضة؛ متمنياً «أن تعمل السلطة التي ستحكم البلاد بعد الانتخابات المقبلة، من أجل إزالة التوتر بين الدولة والمواطن، وأن تعرف لمؤسسة المعارضة حقها، ومكانتها، وتعتبرها معيناً، وناصحاً أميناً، وشريكاً شرعياً في تسيير شؤون البلد». يذكر أن مؤسسة المعارضة الديمقراطية في موريتانيا قد أنشئت بقانون دستوري عام 2006، ‏ويضم مجلسها قوى المعارضة الممثلة في البرلمان.‏
وتشكل مؤسسة المعارضة الديمقراطية، التي يتولى الإسلاميون رئاسة ‏مجلس إشرافها، منذ خمس سنوات، إطاراً سياسياً للتوازن بين الأغلبية والمعارضة، وينص ‏قانونها على لقاءات منتظمة وتشاور دائم بين رئيسها ورئيس ‏الجمهورية.‏
ويتمتع زعيم المعارضة بامتيازات مادية ومعنوية هامة، ويحتل رتبة ‏وزير في النظام البروتوكولي الرسمي للدولة.‏
وأصدر مجلس الوزراء الموريتاني عام 2012 قانوناً تنظيمياً جديداً ‏لمؤسسة المعارضة الديمقراطية في موريتانيا، ونص هذا القانون في ‏الأساس على طريقة اختيار زعيم المعارضة الديمقراطية، ضمن التزام ‏الحكومة بنتائج الحوار الوطني الذي جرى بين الأغلبية الحاكمة وبعض ‏أحزاب المعارضة عام 2011.‏
واشترط القانون الجديد أن يكون زعيم المعارضة مجمعاً عليه من طرف ‏أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، وأن يكون من حزب له أغلبية ‏نواب المعارضة في البرلمان، كما اشترط القانون الجديد، فيمن يتولى ‏زعامة المعارضة الديمقراطية أن يكون منتخباً كنائب أو شيخ أو عمدة ‏أو مستشار بلدي.‏