انشقاق في صفوف أكبر أحزاب المعارضة وعدد من قيادييه ينضم لغزواني

20 أبريل, 2019 - 11:07

ضمن إعادة التشكل التي تشهدها الساحة الموريتانية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، عرف حزب تكتل القوى الديموقراطية، وهو أكبر حزب معارض ويقوده أحمد ولد داداه، انشقاقا كبيرا أمس حيث استقالت مجموعة هامة من قيادييه وانضمت لمرشح الأغلبية الحاكمةالجنرال غزواني.
ويرأس المجموعة المنشقة المحامي البارز محمد محمود لمات، نائب رئيس حزب التكتل، ويضم إلى جانبه عددا من أعضاء المكتب التنفيذي وعددا من قياديي الحزب من ولايات متعددة.
وقد أضعف هذا الانشقاق غير المتوقع، صف المعارضة الساعية للتغيير، كما أنه ضخ في الوقت ذاته، شحنة تنافس داخل صف مرشح الأغلبية بين الموالين القدامى والموالين الجدد، وهو التنافس الذي ستكون له انعكاساته في المدى القريب على تيار الأغلبية، حسب ما يراه متابعون لهذا الشأن.
وأكد قياديو التكتل المنسحبون في بيان برروا به خطوتهم التي هزت المعارضة “أنهم بعد اللقاء المطول الذي جمعهم مع المترشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني والذي من خلاله تبادلوا معه الأفكار الواردة في خطاب ترشحه والمبادئ التي أكدوا أنهم كانوا ولا يزالون يناضلون من أجلها تبين لهم تطابق تام في وجهات النظر وفي الطرح والتحليل”.
وأضاف المنسحبون: “وبعد أن أكد المرشح لنا عزمه على تطبيق هذا البرنامج الذي ورد جله في خطاب الترشح والذي جاء جامعا لمجمل ما هو مطلوب، فقد بعث فينا أملا في تحول آمن وهادئ يحتاجه البلد ولا يضره، وعليه فالالتزام إلى جانبه مفهوم ومبرر”.
ويضيف البيان: “إن التزامنا إلى جانب محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، هو التزام سياسي يبتغي أصحابه مكاسب لصالح الوطن والديمقراطية والبلد وأمنه والمجتمع وتنميته، نريده كذلك وتوكلنا على الله”.
وقد مهمد المنسحبون في بيانهم للقرار الذي اتخذوه بتحليل لتطورات الوضع السياسي، أكدوا فيه “أن موريتانيا شهدت منذ الإطاحة بنظام الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع تطورات تتطلب مواكبة واعية وناقدة تأخذ في عين الاعتبار المتغيرات الحاصلة وتفضي لمقاربة أكثر واقعية وقادرة على أن تجدد الأمل فينا نحن قوى تغيير الديمقراطي وهو ما لم يحصل وإن حصل فعلى نحو محدود ومتردد مما أثر على مسارنا ومستوى المكاسب المحققة فيه”.
وأضاف المنسحبون: “أما في العام الحالي 2019، فقد استقر الأمر في البلاد على تحول مهم وهو تأكد التداول على السلطة احتراما للدستور وتكريسا لعرف ديمقراطي تحتاجه تجارب الانتقال الحديثة في منطقتنا وقارتنا وهو تحول كان يتطلب مقاربة أكثر واقعية وأضمن أثرا من المواقف التقليدية التي تعودنا عليها في المعارضة الديمقراطية”.
وتابع المنسحبون تحليلهم للوضع: “كان الأنسب أن ينظر لهذا التطور بنفس وطني توافقي لا بمنطق المغالبة والتنافس اللذين لا تتوفر ظروفهما، فنحن بلد رخو والمنطقة من حولنا مضطربة وقابلية التوتير الداخلي اجتماعيا وسياسيا قائمة، ولذلك سيكون من المناسب مواكبة هذا التحول بعقلية تسعى للإسهام في وضع قواعد المراجعة والتصحيح التي يتوافق عليها الجميع أو الأغلب، فالتشبث بروح الأزمة على نحو مستمر لا يناسب اللحظة واصطحاب منطق الصراع بشكل دائم لا يخدم المصلحة الوطنية ويضعف الفرص أمام التفرغ لأولويات البناء والتنمية التي تحتاج جوا سياسيا هادئا، وهذا ما حاولنا جاهدين أن نبلوره ونقنع به زملاءنا في المعارضة الديمقراطية الشيء الذي لم نفلح في تحقيقه”.
وأضافوا: “تابعنا المشهد العام منذ حسمت السلطة خيارها باحترام الدستور وضمان التناوب، وتابعنا نقاشات الأطراف المشكلة للمعارضة وما انتهت إليه من المحافظة على مقاربتها التقليدية، التي لم يعد من المصلحة الوطنية المحافظة عليها، ثم تابعنا مخرجاتها والتي عكست خلافاتها المتنوعة، ثم أدركنا أن ثمة موعدا ينبغي ألا نخلفه وأن التردد في وقت الحسم لا يليق وأن نتخذ قرارنا مهما كانت ملاحظات البعض وربما اتهاماته”.
ومع أن الثقل الكمي الانتخابي لحزب تكتل القوى الديموقراطية باق مع رئيسه أحمد ولد داداه “القائد الرمز” كما يسميه أنصاره، فإن قدرا كبيرا من الثقل النوعي للحزب قد انتقل مع مجموعة المنسحبين الذين سبقهم للانسحاب من الحزب نائب رئيسه وزير الإعلام الشهير محمد محمود ودادي الذي انضم للمترشح غزواني.
وعبر هذه التطورات يتحدد شيئا فشيئا، في ساحة ما قبل الانتخابات الموريتانية، تياران قويان كبيران أحدهما تيار التغيير في ظل الاستمرار، ويقوده الجنرال غزواني، والثاني تيار التغيير المعارض لاستمرار النظام الحالي ويقوده المترشح سيدي محمد ولد ببكر الذي يقف وراءه الإسلاميون بثقلهم الانتخابي والسياسي والإعلامي، كما يقف وراءه خصوم نظام الرئيس ولد عبد العزيز.

إضافة تعليق جديد