لذّة النوم قد تجعلنا نُصدّق كُل ما نسمعه عنه من أصدقاءٍ وأقاربٍ وحكماء أو نقرأه في صحف وكتب. ولكننا في الواقع غارقون بدوامةٍ من الخُرافات بحسب ما كشفه باحثون في دراسة حديثة نُشرت الثلاثاء.
قامت مجموعة من الباحثين في كلية الطب في جامعة نيويورك بقيادة باحثة الدراسة الرئيسية ريبيكا روبنز بفحص 8000 موقع إلكتروني لجمع المعلومات المتداولة حول "عادات النوم الصحّية"، ثم قدّمتها إلى فريق تم اختياره بعناية ضم خُبراء طب النوم ليكشف عن خرافات بشأن تلك العادات ومفاهيمها المغلوطة الشائعة التي قد تدمر الصحّة والمزاج كما تُقصّر العُمر.
هُنا عشر خرافات عن النوم، الإنسان يقضي ثلث حياته نائماً. فمثلاً، إن عاش 100 عام، يقضي نحو 12 ألف يوم متواصل في النوم:
1- الكبار لا يحتاجون أكثر من خمس ساعات من النوم
الخُرافة الأكثر تداولاً بحسب ما كشفه الفريق هي أن الكبار لا يحتاجون أكثر من خمس ساعات من النوم يومياً. يقول الباحث جيراردان جان لوي إنها من "أكثر المعتقدات ضرراً بالصحة".
ويوضح الفريق أنه من المفترض أن ننام من سبع إلى عشر ساعات يومياً، بحسب العُمر. ووفقاً لإحصاءات نشرت في يوم النوم العالمي، فإن قلّة النوم تُهدد صحة 45% من سُكّان العالم.
تقول روبينز، قائدة الفريق: "لدينا أدلة تثبت أن النوم لخمس ساعات أو أقل في الليلة بشكل مستمر يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والوفيات المبكرة".
وبيّنت دراسة شملت 10 آلاف و308 موظفين مدنيين بريطانيين نُشرت عام 2007 أن الأشخاص الذين خفضوا ساعات نومهم من سبع إلى خمس ساعات وأقل في الليلة كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، وذلك بمعدّل الضعف.
وقد ارتبطت قلّة النوم بارتفاع ضغط الدم، وضعف الجهاز المناعي، وزيادة الوزن، ونقص الرغبة الجنسية، وتقلب المزاج، والاكتئاب وارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري والسكتة الدماغية والخرف وبعض أنواع السرطان.
2- النوم في أي وقت وفي أي مكان إشارة جيدة!
يقول الخبراء إن الاستغراق بالنوم بمجرد تحرّك السيارة أو القطار أو الطائرة ليس بمؤشرٍ جيّدٍ، بل العكس تماماً.
وتوّضح روبنز: "النوم مباشرة في أي مكان وفي أي وقت هو مؤشر على عدم حصولك على قسط كافٍ من النوم ولذلك يغالبك النوم لفترات "صغيرة'"، مُضيفةً “هذا دليل أن جسمك مرهق لدرجة أنه لن يضيع أي فرصة للنوم".
وتكشف الدراسة أن النعاس سببه تراكم مادة كيميائية تسمى الأدينوزين ( Adenosine) في الدماغ، ويقلل النوم منها. وكُلما انخفضت، شعر الإنسان بانتعاش أكثر، وكُلما بقي الشخص مُستيقظاً لفترات أطول زادت مستويات الأدينوزين في الدماغ وأصبح الشخص "مديوناً" للنوم.
3- العقل والجسم قد يتكيفان مع ساعات النوم القليلة
يعتقد كثيرون أن العقل والجسم قادران على التكيف مع قلة النوم. "هذه خُرافة أُخرى"، يقول الخبراء إن الجسم يخوض أربع مراحل مختلفة من النوم لاستعادة نفْسه.
المرحلة الأولى هي مرحلة أحلام اليقظة إذ يكون الإنسان مشغولاً بالتفكير في العديد من الأمور التي قد يحلم بحدوثها والحصول عليها، وتكون عادة بين اليقظة والنوم. وفي المرحلة الثانية ينفصل الإنسان عن اليقظة. أما المرحلتان الثالثة والرابعة، فهما الأعمق، يحدث فيهما أغلب الأحلام التي يراها الإنسان في نومه كما تحدث فيها ظاهرة الحركة السريعة للعينين REM رغم استرخاء جميع أعضاء الجسم التي يزداد نشاط الدماغ خلالها، وهي مرحلة مهمة لتعزيز الذاكرة والتعلم.
4- الشخير ليس ضاراً معظم الأحيان
تقول الدراسة إن الشخير علامة على اضطراب توقف التنفس أثناء النوم وهو "اضطراب خطير" قد يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والرجفان الأذيني والربو وارتفاع ضغط الدم، والمياه الزرقاء (الجلوكوما)، والسرطان، ومرض السكري، وأمراض الكلى والاضطرابات المعرفية والسلوكية.
وتُعلّق روبنز أن توقف التنفس أثناء النوم "مُرهق للغاية"، مُضيفةً: "هؤلاء المرضى ينامون ثم يستيقظون مراراً، ومن ثم يكافحون النعاس طيلة النهار"، لافتةً إلى أن نحو 30% من سُكّان العالم يعانون من الشخير.
5- شرب الكحول يُساعدك في النوم العميق
من الخُرافات المُتداولة أيضاً أن شُرب الكحول سواء أكان كأساً من النبيذ الأحمر أو جرعة من الويسكي قبل الذهاب إلى السرير يُعزز من النوم.
توضح روبنز أن الكحول قد تساعد على النوم ولكنها "تُقلل بشكل كبير من جودة راحتك في تلك الليلة"، إذ تُعطل بشكل خاص مرحلة "حركة العين السريعة"، فتضيع بعض فوائد النوم الأساسية.
ويعدّ الكحول كذلك مُدراً للبول، فقد تجد نفسك مضطراً في منتصف الليل لاستخدام المرحاض بسبب امتلاء المثانة.
6- سأنام حين أغمّض عيني
"كيف يمكنني أن أنام دون أن أحاول؟" سؤال قد يراود كثيرين، وهو ما يدفعهم للذهاب إلى السرير وبدء محاولاتهم.
تقول روبنز إنه إذا بقي الشخص في السرير لأكثر من 15 دقيقة مُحاولاً أن ينام دون جدوى، فقد يربط السرير في ما بعد بالأرق تلقائياً.
تُضيف: “نحتاج نحو 15 دقيقة كي نغفو، فإذا استغرق الأمر فترة أطول من ذلك بكثير، فعليك النهوض من السرير وتغيير المحيط وتنفيذ عمل لا يحتاج لمجهود ذهني على الإطلاق"، كما تنصح بـ "طي بعض الجوارب" في غرفة ذات إنارة خافتة مُعتبرةً أنه "قد يكون عملاً مثالياً".
7- النوم في أوقات مُختلفة أمر عادي
يقول الخبراء إن النوم في أوقات مُختلفة كُل مرة يؤثر سلباً على صحتك.
ويوضح جان لوي: "من المفترض أن يُحدد الإنسان ساعات نوم مُنتظمة لأنها تتحكم بالساعة البيولوجية التي بدورها تتحكم بجميع هرمونات الجسم ودرجة حرارته، والأكل والهضم ومراحل النوم الأربع".
وتشير دراسات إلى أن العُمّال الذين يعملون في ساعات مُختلفة كُل مرة معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بأمراض القلب وقرحة المعدة والاكتئاب والسمنة وبعض أنواع السرطان، عدا ارتفاع معدل حوادث مكان العمل والإصابات الناتجة عن رد الفعل البطيء وسوء اتخاذ القرار.
8- مشاهدة التلفاز في السرير تساعدك على الاسترخاء
يُضيف الخُبراء خُرافة مهمة إلى القائمة هي أن مشاهدة التلفاز في السرير تساعد على الاسترخاء ثم الاستغراق في النوم.
ويوضح الخُبراء أنها مُجرد "خرافة" بسبب إنتاج التلفاز للضوء الأزرق الذي قد يؤخر إنتاج الجسم هرمون النوم "الميلاتونين"، من خلال تأثيره في خلايا خاصة في العين.
ويتواجد الضوء الأزرق الذي يؤثر على التوازن في إيقاع الليل والنهار داخل الجسد أيضاً في الهواتف الذكية والأجهزة التي عادةً ما نتفقدّها قبل النوم.
9- إسكات المنبه أمر طبيعي
يوضح الفريق أن "إسكات" المُنبه صباحاً من أسوأ العادات التي قد تقوم بها، وينصحك: عندما ينطلق جرس المنبه، انهض على الفور.
قد تحتاج عشر دقائق إضافية من النوم لتبدأ نهارك ولكن في حال العودة إلى النوم، "ستكون جودة النوم منخفضة جداً"، تقول الدراسة، وهو ما سيؤثر سلباً على إنتاجيتك خلال اليوم.
وينصح الفريق بوضع المُنبه في مكان بعيد في الغرفة، لكي تذهب إليه صباحاً وتُغادر السرير.
10- تذكر الأحلام: مؤشر للنوم الجيّد
يقول جان لوي إن تذكر الأحلام لا يعني حصولك على ليلة نوم جيّدة لأن "الجميع يحلم من أربع إلى خمس مرات في الليلة"، مُضيفاً: لا نتذكر الأحلام لأنها لم تزعجنا ولم نستيقظ عليها من نومنا.
وتُظهر دراسة فرنسية أن الأشخاص الذين يتذكرون أحلامهم بشكل مُتكرر لديهم نشاط عقلي أعلى، يستيقظون مرتين أثناء الليل ويكونون أكثر حساسية للأصوات خلال النوم وعند استيقاظهم خلال النهار.
يوضح جان لوي: "إن حلمت حلماً عاطفياً، فقد تتذكره عند الساعة الثانية ظهراً، عندما يكون لديك وقت راحة للاسترخاء. وقد تتذكر الحلم أيضاً إن صادفك شيء له علاقة به". ويؤكّد "أما الأحلام الغريبة، فلا يتذكرها مُعظم الذين ينامون جيداً".