لعل الحضور الواضح للمرأة الموريتانية في الحياة السياسية هو من أبرز ما يلفت نظر من يزور موريتانيا للمرة الأولى. فهناك تسع وزيرات في الحكومة الموريتانية، من أصل 27 وزيرا، علاوة على أن منصب مفوض الأمن الغذائي، وهو أحد المناصب الحكومية الهامة، تشغله سيدة بدرجة وزيرة، وهو عدد كبير من الوزيرات بالمقارنة بمجتمعات عربية أخرى.
وبالإضافة إلى المشاركة الواسعة في العمل الحكومي، هناك حضور نسائي قوي في البرلمان. فقد أصدرت موريتانيا في عام 2006 تشريعا يقضي بأن تتضمن القوائم المرشحة للانتخابات البرلمانية نسبة 20 في المائة على الأقل من النساء. ولكن لم تكن هذه النسبة كافية لضمان تمثيل المرأة بشكل مناسب في مقاعد البرلمان، وذلك لأنه كان يتم أحيانا وضع المرشحات في مراكز متأخرة على قوائم الأحزاب. ومن ثم، صدر في عام 2013 تشريع آخر يضمن 20 مقعدا انتخابيا للمرأة من خلال ما يعرف باللائحة الوطنية للنساء، علاوة على 20 مقعدا على اللائحة الوطنية العامة التي يلتزم كل حزب بتشكيلها من رجل وامرأة على التوالي. وكانت نتيجة هذه التشريعات أن ارتفع عدد النائبات في البرلمان إلى 33 نائبة.
وتوضح ميمونة التقي، وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة في الحكومة الموريتانية، أن المجتمع الموريتاني بشكل عام يقبل حضور المرأة، ومشاركتها في مختلف المجالات، ومن بينها مجال العمل السياسي، كما أن هناك إرادة سياسية قوية لدعم وجود المرأة في العمل السياسي، وبالتالي كان هناك قبول، بشكل عام، لسياسة التمييز الايجابي لصالح المرأة في البرلمان، باستثناء بعض الجيوب القبلية التقليدية التي ربما لم تتقبل مثل هذه السياسات.
غير أن تحسن المشاركة السياسية للمرأة في موريتانيا لا ينفي وجود مشكلات اجتماعية هامة لازالت تعاني منها الكثير من الموريتانيات. وعلى سبيل المثال هناك تسرب كبير للفتيات في مرحلة التعليم الثانوي تصل تقريبا الى نسبة 47 في المائة من إجمالي الفتيات في سن التعليم. وتتراوح نسبة الفتيات اللاتي يصلن إلى التعليم الجامعي بين 17 إلى 20 في المائة فقط من إجمالي من يدرسون في الجامعات، وهذا يرجع لعوامل كثيرة، من أبرزها الفقر وعدم قدرة كثير من الأسر على تحمل تكاليف دراسة كافة أبنائها.
علاوة على كل ما سبق هناك مشكلة ارتفاع نسبة الطلاق إلى نحو 32 في المائة بين النساء في المجتمع العربي الموريتاني، وهناك تقاليد تخص المرأة الموريتانية، وربما لا تعرفها كثير من المجتمعات العربية الأخرى في موضوع الطلاق، إذ أن التقاليد هي الاحتفال بالمطلقة، والترحيب بها، وإسراع الرجال في محيط معارفها بالتقدم للزواج منها.
وحسب ما تقول ميمونة التقي فان هذه التقاليد تراجعت بعض الشيء في المدن، لكنها لازالت قائمة بشكل عام، ولهذا تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بحملة لمكافحة التفكك الأسري، وإبراز إضراره، ودوره في ترسيخ الفقر، خاصة في المناطق الريفية. وتوضح انه من حق المطلقة قانونا أن تطالب بنفقة لها ولأولادها، ولكن كثيرات من المطلقات في موريتانيا لا تطالبن بنفقة حتى لا يقال أنها بحاجة لمن طلقت منه، أو أنها تغار اذا تزوج بأخرى، بل تبحث المطلقة عن زوج آخر يعينها على تربية أولادها. وتغيير هذا الوضع يحتاج إلى حملات توعية مستمرة لتغيير الأعراف والمفاهيم السائدة التي تضر بالمرأة، وبالأسرة بشكل عام.
لاشك أن وضع المرأة في موريتانيا يختلف عن أوضاع مثيلاتها في كثير من المجتمعات العربية، ومن الواضح أن للمرأة الموريتانية حضورا سياسيا قويا، ومشاركة فعالة في المجتمع، لكن من الواضح أيضا أنه لازالت هناك حاجة ماسة لمعالجة الكثير من المشكلات الاجتماعية التي تثقل كاهل المرأة الموريتانية، والتصدي لعادات وأعراف كثيرة تدفع المرأة ثمنها الأكبر.
"BBC News Arabic"