حاول حساب باسم "كاسبر" في موقع "تويتر" استطلاع آراء المتابعين له، فكتب له أحدهم "أحس فيك عرق شنقيطي، ما شاء الله يتميزون بالعلم"، هذه العبارة قد لامست مشاعر الأول فعاود، قائلاً: "أحب أهل شنقيط ولست منهم".
ولمن لا يعرف شنقيط، فهي مدينة "المكتبات"، وتقع في عمق الصحراء، في شمال موريتانيا، وتبعد من العاصمة نواكشوط مسافة 516 كيلومتراً، وهي أقدم مدنها وما تزال مزدحمة بالسكان منذ نشأتها التي اختلف عليها المؤرخون، فبعضهم قال في 1262وآخرون في العام 777.
وينقل موقع Ancient Origins عن المدينة التي أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لـ"يونسكو"، أن كبار العلماء نُسبوا إلى شنقيط، وهم الذين ملأت علومهم المشرق العربي وبلاد الشام، بعدما نشروا ما لديهم من علم وحفظٍ ونبوغٍ، إذ ظل أهل شنقيط يحافظون على مكانتهم هذه حتى بدايات القرن التاسع عشر.
حضارة وتحضر
استطاع الموريتانيون القدامى إنشاء أول مظاهر التحضر والاستقرار في شنقيط، عندما شيدوا فيها المباني المعمارية وبنو المساجد وأنشأوا الأسواق ودور القضاء والافتاء، على رغم وعورة الطبيعة وقساوة العيش في المناطق الصحراوية، غير أن ما بقي من هذه المعالم يعد قليلاً هذه الأيام.
والزائر للمدينة حالياً، قد يرى بصمة الرجل الشنقيطي الذي طوّع الحجارة والطين في بناء مدينة متكاملة، وما زالت بيوت مدينة شنقيط تحمل الشكل نفسه، حيث تتكون في غالب الأحيان من ثلاثة غرف في الأسفل وأخرى في الأعلى، ومطبخ ومرحاض وفناء للمنزل، ومنهم من لديه ناحية مرتفعة عن الأرض تسمى "الدنكه" وهي للراحة والابتعاد من هوام الأرض، وفقاً لموقع "النهار" الموريتاني.
أم المكتبات ومكة موريتانيا
يقال إنه لو طلب من رجلٍ شنقيطي أن يمنح بيته لآخر، لفعل عن طيب خاطر، لكنه لو طلب منه أن يبيع كتاباً أو مخطوطة فكأنك أخطأت في حقه، لهذا تعد شنقيط مدينة "المكتبات"، والتي يفتخر بها أهلها وبمخطوطاتهم النادرة التي تعود إلى أكثر من ألف عام ما زالت بعضها صامداً حتى اللحظة. وقديماً، كانت شنقيط تضم نحو 30 مكتبة، ولكن لم يتبقَ منها سوى خمس مكتبات ما زال سكان شنقيط يحاولون الحفاظ عليها، وفقاً لموقع "نون بوست".
وترك علماء شنقيط في أصقاع المعمورة انطباعات حسنة في المراكز العلمية شرقاً وغرباً، بحيث نشروا فنون المعرفة وعلوم القرآن والحديث والتصوف وعلوم الفلك والرياضيات والهندسة والنحو واللغة العربية والتاريخ.
وجهة سياحية
تضم شنقيط عددا من المواقع الأثرية والتاريخية، وهي ما جعلها ضمن قائمة "يونسكو" للمواقع التراثية على مستوى العالم، حيث ينجذب الزائر لأصالة المباني وعراقتها وروعة تصاميمها، ولدى تعمقه في تفاصيله، سيجد أنها كانت محطة للقوافل التجارية من غرب أفريقيا إلى شمالها، عدا عن كونها ملتقى للحجيج.
ومن يزور شنقيط، لا بد من أن يمر عبر مسجد شنقيط الذي يعد واحداً من أهم الأماكن السياحية في المدينة وأحد فنونها المعمارية الجميلة، فضلاً عن سوق شنقيط، الذي يعد واحداً من أكبر الأسواق في موريتانيا، ويحتوي على منتجات وخامات متنوعة وعدد من المشغولات اليدوية، في حين تعد وجبة "الرز" هي الأكثر شهرة في المدينة، إلى جانب التمور ولحوم الغنم، بحسب موقع "مرتحل".
" شبكة حياة اجتماعية "