تقاس حركة الأمم وتقدمها بحركة التأليف والكتابة فيها، وكلما كانت حركة البحث العلمي والنشر متقدمة، كانت الجوانب الأخرى من التنمية تابعة لها، وتشير آخر التقديرات إلى التراجع المخيف في حركة القراءة والكتابة بشكل عام، ويبين مؤشر القراءة الصادر عام 2016م، أن متوسط عدد ساعات القراءة في العالم العربي لا يزيد عن 53 ساعة في العام، وبما لا يزيد عن 26 كتابا في السنة،
ويشير "تقرير التنمية الثقافية" الذي أصدرته منظمة اليونسكو إلى أن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنوياً في العالم العربي لا يتجاوز الـ5000 عنوان. أما في أميركا، على سبيل المثال، فيصدر سنوياً نحو 300 ألف كتاب".
تبدو علاقة بين المؤلف والناشر في الوطن العربي علاقة غير جيدة بشكل عام، ويشوبها الحذر والترقب وعدم الثقة، ولكن هذه العلاقة محكومة بعدد من المحددات وتختلف في التفاصيل، من حيث طبيعة المؤلف وطبيعة الناشر أيضا، فلدينا مؤلف أكاديمي، ومؤلف غير أكاديمي، ولدينا ناشر حكومي وناشر تجاري، ويمكن لنا استعراض العلاقة بين حركة التأليف والنشر بناء على هذه النقاط الجزئية.
علاقة المؤلف مع الناشر الحكومي
يوجد في العالم العربي العديد من المؤسسات الحكومية التي تهتم بقضايا النشر، مثلا فـ الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمجلس الأعلى للثقافة في مصر، والنوادي الأدبية في السعودية، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، وغيرها من المؤسسات التابعة لوزارات الثقافة في العالم العربي، تتسم العلاقة مع هذه المؤسسات بالضبابية، نظرا لانعدام معايير واضحة للنشر، ومن له الحق في النشر فيها، ومع أن هناك لجاناً متخصصة للنشر ولكن سبل ترشيح الكتب المنشورة غير واضحة للمؤلفين.
ومع أن هناك الكثير من الكتاب يسعون للنشر في هذه المؤسسات، نظرا للحصول على مقابل مادي محدد وكذلك نسخ من الكتب، فإن الكثير من هؤلاء الكتاب يفشلون في الحصول على فرصة للنشر ولو كان محتوى كتبهم جيداً وتستحق أن تُنشر.
علاقة المؤلف مع الناشر التجاري
على الرغم من أن هناك إشكاليات في العلاقة بين المؤلف والناشر التجاري، فإن الكثير من الأسماء الكبيرة في التأليف ماتزال تفضل النشر في دور النشر الخاصة، وذلك لسببين رئيسيين، الأول هو القدرة الكبيرة على التوزيع في أماكن مختلفة من العالم، والثاني هو الحصول على ربح جيد ومستمر، ولكن بشكل عام تظل العلاقة بين المؤلفين ودور النشر الخاصة محكومة بعدم الثقة، وتبادل الاتهامات، حيث يتهم المؤلفون دور النشر بأنها تحتال عليهم مقابل أخذ المال فقط وعدم الوفاء بالعقود المبرمة، كما يتهم الناشرون المؤلفين بأنهم يجهلون قوانين النشر، وبأنهم لا يقرأون العقود الموقعة بينهما.
" شبكة تايم لاين"