"يهود إثيوبيا بين أحلام "العودة" والوعود "الزائفة"

27 مارس, 2019 - 10:37

عبر تاريخهم الطويل، يحافظ يهود إثيوبيا، المعروفون باسم "بيتا إسرائيل" (يهود الحبشة أو يهود الفلاشا)، على تقاليدهم الخاصة، رغبة منهم في "العودة" يوما ما إلى إسرائيل، متمسكين بمعتقدهم عن "أرض الميعاد".

في معبد صغير بحي "لام بيرت"، مجاور للسفارة الإسرائيلية في العاصمة أديس أبابا، تركز جماعة من اليهود، صباح أحد أيام الآحاد، صلواتها ودعواتها، على أمل تحقيق حلم الهجرة أو العودة إلى ديارهم الأصلية، بحسب اعتقادهم.

وهو ما عبر عنه كاهن تقدم الجماعة، رافعا يديه إلى السماء ومغمضا عينيه، وهو يردد: "الرب.. كن معنا، وقدنا إلى أرض الميعاد".

يتنوع الحضور داخل المعبد بين نساء ورجال من مختلف الأعمار، كل في مكان مخصص له.

ترتدي النساء ملابس إثيوبية تقليدية بيضاء، فيما يرتدي الرجال شالات وقبعات خاصة بالصلوات، وجميعهم يرددون بصوت عالٍ: "آمين"، في جو يكسوه الوقار والتبتل.

** نتنياهو "عنصري"

رئيس الطائفة اليهودية في أديس أبابا، "أندو الم ووغو"، قال للأناضول إنهم يجتمعون للصلاة، منذ أكثر من عقدين، سائلين الرب أن ييسر لهم دخول إسرائيل.

وأضاف: "في اعتقادنا كلما طلبنا المزيد من المساعدة من الله كلما كان يستمع ويستجيب".

"ألم ووغو" هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لعدم مساعدتهم على الهجرة إلى إسرائيل.

وقال: "نحن على يقين بأن الله سيعيننا لتحقيق أمنياتنا، في ظل التجاهل الذي وجدناه من نتنياهو العنصري، الذي يبقينا هنا".

** بلدنا "إسرائيل"

يتشابه الرجال والنساء من اليهود مع بقية الإثيوبيين، لكون اليهود ولدوا في إثيوبيا، وإن اختلفت جذورهم.

ثمة أوجه اختلاف واضحة في طريقة العبادة، بينما يظل التشابه في الملابس، أنماط التحية، وآداب السلوك واللغة، إذ يتحدثون اللغة الوطنية، وهي الأمهرية، ولا يتحدثون العبرية.

وقال "ألم ووغو"، إن الصفات الإثيوبية هي نتيجة طبيعية للتاريخ الثقافي لليهود الإثيوبيين، الذين عاشوا في منطقة غوندر وولو بإقليم أمهرا، وإقليم يجري شمالي إثيوبيا لأكثر من 2000 عام.

وأردف: رغم أوجه التشابه، فنحن "بيتا إسرائيل" لدينا ثقافتنا وديننا وبلدنا، فديننا هو اليهودية، وبلدنا هي إسرائيل.

وزاد بأن: العديد من اليهود الإثيوبيين يعتبرون أنفسهم أحفاد "قبيلة دان العبرية المفقودة"، التي كانت، حسب التوراة، إحدى القبائل الإسرائيلية التي سيطرت على كنعان، أرض الميعاد.

** "الفلاشا"

ليهود إثيوبيا تاريخ وتقاليد خاصة تميزهم عن بقية مكونات المجتمع الإثيوبي.

عاشت العائلات اليهودية في قرى خاصة بها، لتجنب الاختلاط والتزاوج، حفاظا على العادات اليهودية.

وتوجد أدلة أثرية وتاريخية على الوجود اليهودي في إثيوبيا تصل إلى القرن الرابع الميلادي.

وقال "ميليسي سيديسو"، رئيس مجلس إدارة المجتمع في الطائفة اليهودية: توجد تفسيرات متعددة بشأن أصول اليهود الإثيوبيين.

وأضاف: "يُعتقد على نطاق واسع أننا أحفاد اليهود، الذين أُجبروا على مغادرة مملكة يهوذا إلى مصر، بعد انتصار نبوخذ نصر الثاني، الذي أسفر عن تدمير الهيكل الأول، عام 586 قبل الميلاد".

وتابع: "ومن مصر تتبع أجدادنا مجرى نهر النيل حتى وصلوا إلى شمالي إثيوبيا".

ثمة تحديات واجهت اليهود الإثيوبيين في الأرض الجديدة في إثيوبيا، منها، بحسب "سيديسو"، أنه لم يُسمح لهم، ولعدة قرون، بامتلاك أرضٍ، ولذا كان عليهم أن يكسبوا رزقهم من العمل كحدادين وخزافين.

وأضاف أن: بعض أعضاء الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية ينظرون إلينا كـ"قتلة المسيح غير الأخلاقيين"، و"الأجانب"، عبر استخدام الاسم الجماعي "الفلاشا".

واستدرك: منذ منتصف القرن الماضي، تحسنت الأمور كثيرا، وأصبح من حقنا ممارسة عقيدتنا والعيش كإثيوبيين.

** في انتظار "عليا"

على مدار العقود الثلاثة الماضية، سمحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لليهود الإثيوبيين بالهجرة إلى إسرائيل.

نقلت أجهزة الأمن الإسرائيلية آلاف اليهود الإثيوبيين من إثيوبيا ومخيمات اللاجئين في السودان، عبر عمليات تهجير سرية بين عامي 1984 و1991.

وقال رئيس الطائفة، "اندو ألم ووغو"، إن قرابة 135 ألف يهودي إثيوبي يعيشون في إسرائيل، بينما ما يزال نحو 8 آلاف يهودي يعيشون في إثيوبيا، وينتظرون السماح لهم بدخول إسرائيل.

وتابع: منذ أكثر من عقدين ونحن ننتظر إذنا إسرائيليا باسم "عليا"، وهي كلمة عبرية تعني الهجرة اليهودية.

وأردف: حكومة نتنياهو تغذينا منذ سنوات بوعود زائفة، وتتعلل أحيانا بأنه لا توجد ميزانية كافية لـ"عليا"، ويقولون (الحكومة الإسرائيلية) في الآونة الأخيرة إنهم سيعتبروننا مسيحيين وليس يهود.

ومضى قائلا: لدينا إخوة وأخوات وأقارب أثبتوا أنهم يهود، وسمح لهم بالاستيطان في إسرائيل.. فكيف لا نكون يهودا (؟!) هذه جريمة.

وختم بقوله: "نتنياهو سمح لليهود من دول أخرى بالهجرة إلى إسرائيل بينما أغلق الباب أمام اليهود الإثيوبيين.. نتنياهو عنصري، وإن شاء الرب سيغادر الحكم في الانتخابات (التشريعية) المقبلة (في أبريل / نيسان المقبل)".