هزت حادثة العثور على شاب موريتاني مقتولا ومحروقا في العاصمة نواكشوط بعد أيام من اختفائه، كيان المجتمع الموريتاني ودقت ناقوس الخطر بشأن الانفلات الأمني في العاصمة.
ودفعت حادثة الشاب أحمدو ولد برو الذي كان يعمل في صرافة لتحويل الأموال، واختطفه مجهولون قبل العثور على جثته محروقة، ناشطين للخروج إلى الشارع من أجل المطالبة بالأمن.
فقد نظم ذوو القتيل وناشطون وقفة أمام الإدارة العامة للأمن، في حين انتظمت وقفة أخرى في الجامع الكبير عقب صلاة الجمعة.
وقال الحضرامي سيد أحمد، وهو ابن عم القتيل، للجزيرة نت إن ما دعاهم إلى تنظيم هذه الوقفة هو أنهم لم تصلهم حتى الآن أي معلومات من الشرطة بشأن الحادثة والمتسببين فيها، مضيفا أن الشرطة أعادت مرة أخرى أخذ أقوالهم.
غياب الأمن
ويشتكي سكان ولايات نواكشوط الثلاث من غياب الأمن وانتشار السرقة وترويع المواطنين.
إحدى السيدات اللاتي ارتفعت أصواتهن طلبا للأمن، ممن شاركن في الوقفة، قالت للجزيرة نت إنهم لا ينامون بطمأنينة في حيهم في ولاية نواكشوط الشمالية، بسبب زوار الليل من اللصوص.
قد تكون حالة القتل البشعة التي تحقق فيها الشرطة حالة فردية، كما يقول محمد أحمدو رئيس تحرير صحيفة الحوادث والمهتم بالأمن في موريتانيا.
لكن محمد أحمدو يضيف أن هذا لا يعني أنه ليست هناك جريمة منظمة في نواكشوط، فهناك سرقات بشكل كبير وانتشار للمخدرات عن طريق أجانب لموزعين موريتانيين وتعد سببا من أسباب الجريمة في موريتانيا.
تطور الجريمة
غير أن الباحثة الاجتماعية خديجة لحبيب تذهب إلى أبعد من ذلك، مؤكدة أن الجريمة أصبحت تنتشر بشكل كبير، وتتطور أساليبها، وتشير إلى عملية القتل الأخيرة كمثال على ذلك.
وتضيف للجزيرة نت أن عدم حصول المحققين على معلومات عن المشتبه بهم دليل على أن الإجرام أصبح متطورا لدرجة عدم ترك أي دليل أو بصمات في مسرح الجريمة.
بحسب الباحثة خديجة لحبيب، أصبحت السجون في موريتانيا ميدانا لتطوير مهارات المجرمين، مشيرة إلى أن هناك ضعفا في الجانب التأهيلي والتكويني في السجون، مما يجعل السجن ذاته من الأسباب التي تطور الجريمة.
ومن جهته، يرى وجاهة الأدهم، أحد الشباب الذين ينشطون في الوقفات الاحتجاجية ضد انتشار السرقة والجريمة، أن المواطن في نواكشوط لم يعد آمنا في وضح النهار أو تحت جنح الليل، معتبرا أن القانون يجب أن يطبق على المجرمين لكي يردعهم عن هذه الأفعال.
غياب المعلومة
في كثير من الأحيان لا تعطي الشرطة معلومات عن التحقيقات الجارية في الجرائم، مما يجعل الإشاعات هي سيدة الموقف، دون أن تكون هناك معلومات مؤكدة.
أحمدو الوديعة ناشط وصحفي، شارك في الوقفة المطالبة بالأمن داخل الجامع الكبير، قال للجزيرة نت إن الوضع بات مقلقا، وإن الرأي العام يريد معلومات مطمئنة، معبرا عن اعتقاده أن هناك تطورا غامضا للجريمة المنظمة، ويجب أن تطمئن الناس بأنه لا توجد أبعاد متعمدة خلف هذا التطور.
وبشأن ما تحدث به بعض المشاركين في الوقفة من تكتم الجهات الأمنية على المعلومات، يقول رئيس صحيفة الحوادث محمد أحمدو إن السبب هو تعود رجال الأمن على عدم الحديث دون قادتهم.
لكنه يضيف أن جهاز الأمن أصبح يعمل على إعداد تقارير يومية من المفوضيات ترفع إلى إدارة الأمن، وهذا سيخلق قاعدة بيانات لدى الأمن في موريتانيا عن الجرائم التي تحصل، بعد ما غاب ذلك لعقود بسبب عدم الأرشفة.
لا تزال عائلة الشاب أحمدو ولد برو في صدمة بسبب الفاجعة التي حلت بهم، وينشدون الإنصاف بسرعة وتطبيق القانون في جناة لم تعرف الشرطة إليهم سبيلا.
في حين تعيش أسر أخرى في أحياء متفرقة من نواكشوط في ظل خوف على أنفسهم وممتلكاتهم من اللصوص، في ظل غياب الأمن.
المصدر : الجزيرة