الجداريات.. فن تعشقه نساء "ولاتة" الموريتانية

26 فبراير, 2019 - 11:17

على طريقة الفنانين التشكيليين المحترفين في فن إخراج الجداريات وتزييناها بالأشكال البديعة ذات المناظر الزاهية، تعمل نساء موريتانيات في زخرفة جدران مساكنهن المشيدة من الطين اللبن بأجمل المناظر التي تعكس عمق حسهن الفني، واعتزازهن ببيوتهن البسيطة المحاطة بالرمال من كل جانب.

الصحافي محمد بومعراف أدهشته لمسات النساء الموريتانيات مما دفعه لكتابة منشور بصفحته على "فايسبوك" قائلاً: إنّ ما تقوم به نساء مدينة ولاتة التاريخية الواقعة في ولاية الحوض الشرقي على بعد 1,350 كيلومتراً من العاصمة نواكشط، أمرٌ أثار حيرة وبحث عدد من الباحثين الغربيين، إذ يقمن بزخرفات جميلة على جدران بيوتهن الطينية من الداخل والخارج، فتبدو كأنّها معارض خط وزخرفة على نطاق واسع.

إبداعات ناعمة

نظراً إلى أنّ النقوش الإبداعية لا تصمد كثيراً من الوقت، وصف بومعراف مسيرة بقائها في صدر منشوره بقوله "الغريب أنّ تلك الزخرفات لا تعيش سوى جيل واحد بسبب الرمال الزاحفة على البيوت فتمحيها وتخفي وجودها ويقوم الجيل الذي بعدهم ببناء بيوت أخرى في مناطق أعلى قليلاً، وتبدأ نساء الجيل الجديد برسم الزخارف والإبداعات من جديد دون هدف محدد".

من الملاحظات التي دونها محمد أنّ أشكال الرسومات والزخارف تشابه إلى حد كبير زخارف الأندلسيين الذين هاجر عدد منهم قديماً إلى مدينة ولاتة وما حولها، بعد طردهم ومحاولة محو وجودهم، وأصبح الأمر يشبه الإصرار على الوجود على رغم أنف التاريخ والطبيعة في بيئة مقفرة لا تكاد تلهم شيئاً، نظراً إلى أنّ ولاتة منطقة منسية تمحوها الطبيعة كل حين و تعيد نساؤها رسمها من جديد.

تزيين وجه المدينة

ولاتة التي أعلنتها اليونيسكو موقعاً للتراث العالمي، حصدت إبداعات نواعمها تفاعل مجموعة من المتابعين على "فايسبوك"، وتباينت الزوايا التي نظر منها كل فريق، ولكنّ المعقبين أجمعوا على اللمسات الفنية الساحرة للجداريات التي شكّلت طلاء زاهي الألوان ومتناسق التشكيل على رغم بساطة المواد المستخدمة من قبل النساء.

بالنسبة للمحاضر بجامعة تبسة الجزائرية "لويزة جبابلية" فإنّ هؤلاء النسوة يعبرن عن أنفسهن على طريقتهن، وذكرت في تعليقها "طبعاً انتظرن من الرجال أن ينصفن الحياة ولا أحد اهتم فاهتمت النساء.. المجد لهن".

أما إسماعيل العزري وصف حصيلة الجهد النسوي بأنّه عمل رائع بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، وعدّه جهد مقدر لتزيين وجه المدينة وجدران المنازل، واكتفت مانو توبة بالتعليق "هنا يمكننا القول أنّ وراء كل مجد وتاريخ لا يريد أن يفنى امرأة من منطقة ولاتة.. تحية لهن".

رسائل متعددة المعاني

واصلت الناشطة مليكة التعليقات وأكدت أنّ الجداريات تمثل تحف فنية، واعتبرت هاني أنّ النقوش الإبداعية عمل يرمز إلى العلاقة الأبدية ما بين النساء وكل ما هو جميل، وفي تعليق آخر اتفقت كريمة أساس مع هاني، وذكرت أنّ المرأة دائماً تجسد امتداد للتاريخ والعادات والتقاليد، وهي من تحمل على عاتقها عبء استمرارية ثقافة شعبها، وعبّرت المشتركة صاحبة الحساب "عليك نور" عن معنى مشابه بقولها إنّ "المكان الذي يؤنث يعوَّل عليه كثيراً في وجه كل شيء".

" شبكة حياة اجتماعية"