التمدرس قد لا يعني التعلّم

26 فبراير, 2019 - 11:06

يفترض بتلاميذ الصف الثاني الابتدائي أن يكونوا قد بدأوا في قراءة الكلمات الصعبة والجمل الطويلة نسبياً وفهمها، فسنوات رياض الأطفال والأول الابتدائي يتعلم فيها الأطفال التهجئة عادة، لكنّ هذا الافتراض غير واقعي في حالة العديد من تلاميذ الصف الثالث الابتدائي حتى، في دول عديدة حول العالم، خصوصاً في الدول الفقيرة المعروفة بـ”النامية”.

جملة من قبيل “هذا الكلب اسمه بوبي” بالرغم من بساطتها، لم يتمكن 75 في المائة من تلاميذ ثالث ابتدائي جرى اختبارهم في أوغندا وكينيا وتنزانيا من فهمها. وفي أرياف الهند، يعجز ثلاثة أرباع تلاميذ الصف الثالث الابتدائي عن حلّ مسألة حسابية بسيطة لطرح أعداد مكونة من خانتين، على غرار: 46 ناقصاً 17، وحتى مع بلوغهم الصف الخامس، يبقى نصفهم غير قادر على حلّها.

يشير تقرير للبنك الدولي إلى أنّ العالم يواجه حالياً أزمة تعلّم بالرغم من انتشار المدارس ووصول التعليم إلى كثيرين. فبينما تمكنت دول عدة من زيادة فرص الحصول على التعليم بنسب كبيرة، لا يبدو أنّ التمدرس، أي تلقي العلوم والمعارف في المدرسة، يعني التعلّم بالضرورة. وفي جميع أنحاء العالم، يصل مئات الملايين من الأطفال إلى سن البلوغ من دون أن يكتسبوا حتى المهارات الأساسية في الحساب والقراءة، فما بالك ببناء مستقبل مهني قائم على ما تعلّموه، أو حتى القدرة على مساعدة أطفالهم في العملية التعليمية؟

بالرغم من هذا الواقع السيئ، يعرض التقرير فرصاً لتحسين الأداء وتقريب مصطلحي التمدرس والتعلّم من بعضهما البعض أكثر لإنجاح العملية التعليمية، إذ يوصي وزارات التعليم باجتذاب أفضل الخبراء لتصميم المناهج الوطنية الفعالة، بالإضافة إلى دعم المدارس. والأخيرة مسؤولة عن تدريب المديرين وإعدادهم للقيادة الرشيدة الممتدة من استخدام الموارد إلى الإشراف على المعلمين وتنمية قدراتهم باستمرار.

وهكذا، مهما كان التغيير صعباً، فإنّه ممكن. ويبرز في هذا الإطار دور المؤسسات الدولية، إذ إنّ مبادرة للبنك الدولي، على سبيل المثال، لإدخال نظام توظيف المعلمين على أساس الجدارة وحدها في المدارس الحكومية في إقليم البنجاب في باكستان، كان لها مفعول كبير، إذ تمكنت المدارس من زيادة نسب التحاق التلاميذ واستمرارهم في الدراسة، وتحسين جودة التعليم إلى حد كبير. والمسألة تحتاج إلى تشخيص دقيق أولاً.

المصدر: العربي الجديد