تشير البيانات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" إلى أن 143 ألف طفل في موريتانيا، من ضمن أكثر من 217 ألف شخص، يحتاجون لمساعدات إنسانية .
ذلك رغم إقرار الحكومة الموريتانية قانوناً لحماية أطفال الشوارع ومعاقبة من يشغلهم، ورصدها 300 مليون أوقية (833.000 يورو) لبرامج الإيواء وإعادة التأهيل في عدد من الأحياء بنواكشوط لتأمين الغذاء والعلاج.
يقال عنهم لقطاء همساً وأيتام علناً، ويقال أيضاً المشردون في الأرض. رحلة عذاب مريرة مثقلة بالهموم والمشاكل الإنسانية المعقدة هي القاسم المشترك بين أطفال الشوارع في موريتانيا.
وكشفت وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة عن أن قرابة نصف أطفال موريتانيا بلا أوراق ثبوتية. وقالت: "هناك نسبة 44 في المئة من الأطفال الموريتانيين لم يتم إحصاؤهم وهو ما يعيق حصولهم على وثائق الحالة المدنية".
تعد قضية الإحصاء من المعوقات القانونية الكبرى لضبط الحالة المدنية للأطفال فاقدي السند العائلي؛ ما يؤدى إلى حرمان آلاف الأطفال في المجتمع الموريتاني من الخدمات الأساسية، بخاصة الصحة والتعليم.
فيذهبون الى أرصفة الشوارع، ينتشرون بين السيارات المزدحمة كمتسولين، بعضهم يعيش هناك بصفة شبه دائمة، وآخرون يعملون تحت الضغط، يعيشون بين القمامة في أماكن غير مؤهلة للسكن، وبالتالي لا يملكون جسماً قوياً ذات مناعة.
معرضون لمجموعة من الأمراض والأوبئة. وفي حال فكر بعضهم بالعودة إلى المنزل خاوي الوفاض، نالوا العقوبة. وقد أثارت صور لطفل نائم إلى جانب عداد محطة للوقود -تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي- الكثير من الجدل والتعاطف.
وأطلقت الشرطة الموريتانية بالتعاون مع الشرطة الدولية "الإنتربول" في وقت سابق حملة في شوارع العاصمة نواكشوط، تستهدف انتشال الأطفال المشردين والمتسولين من الشوارع، وجمعهم في أماكن للإيواء.
ذلك بعد أن صنفت موريتانيا ضمن الدول المتاجرة بالبشر، بحسب تقرير أعدته منظمة دولية العام الماضي، أشارت في تقريرها إلى "استخدام الأطفال كبضاعة لجني الأموال".
وتعد وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة بأن تكون أولويات عمل الوزارة "السهر على حماية وتوفير الآليات المناسبة لترقية وحماية الأطفال مجسدةً بذلك روح وقيم الدين الإسلامي الحنيف ومقتضيات الاتفاقيات والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية".
فيما يشعر الكثير من الموريتانيين باليأس حول علاج هذا الوضع البائس للمتسولين الصغار والكبار.
وحاولت الدولة التصدي لظاهرة عمالة الأطفال والتسول في الشوارع، وافتتحت العديد من المراكز الاجتماعية لإيواء الأطفال المشردين وحمايتهم، يحصلون فيها على قسط ضئيل من المعرفة، لكن سرعان ما غادرها الكثيرون. عادوا إلى شوارع نواكشوط، وبقي الشقاء حليفهم.
في مداخل الأسواق، وعند ملتقيات الطرق تراهم في عراك وسباق دائم نحو المارة والسيارات، هذا حال الكثير من أطفال موريتانيا، الذين تخلى عنهم الأهل بسبب عدم وجود المال الكافي لإطعامهم، ناهيك عن أسباب أخرى اجتماعية واقتصادية.
تشير الناشطة الإجتماعية آمنة بكري إلى أن "تدني مستوى معيشة الأسر، والتفكك العائلي والتخلف الدراسي يعرض أطفال شوارع في موريتانيا للكثير من المخاطر من بينها تعاطي المخدرات والاستغلال".
وتؤكد أنه "مع مرور الزمن، قد يتحول بعضهم إلى لصوص متمرسين ينتهي بهم المطاف في السجن". وتذكر قصة الطفل محمد (9 سنوات) الذي شاهدته يتسكع في الشوارع، بعدما خسر دراسته، وانفصل والده، وتحملت أمه تأمين المصروف ولقمة العيش. فقد أصبح الشارع له السكن والمأوى، والجوع أسلوب عيش بالإكراه.
المصدر : " تيم لاين "