على بعد أقل من خمسة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية في موريتانيا؛ اختار الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز وزير دفاعه الحالي محمد ولد الغزواني لخلافته.
أسبوعية “جون أفريك” الفرنسية، تساءلت الأحد: “في حال وصول الغزواني للحكم، هل سيحصل على الحرية في تنفيذ السياسة التي يختارها؟”
“جون أفريك”: “في حال وصول الغزواني للحكم، هل سيحصل على الحرية في تنفيذ السياسة التي يختارها؟”
وقالت “جون أفريك”، إنّ اسم الجنرال غزواني البالغ من العمر 62 عاما كان متداولا لفترة طويلة، حتى قبل تقاعده في شهر ديسمبر الماضي، وتعيينه وزيرا للدفاع قبل ذلك بنحو شهرين.
وهو رجل غامض جدا، يتمتع على ما يبدو بـ”البروفايل” المثالي لخلافة محمد ولد عبد العزيز. كما أنه ابن قائد روحاني من قبيلة “ايديبوسات” المؤثرة في شرق موريتانيا ويحظى بشعبية كبيرة في البلاد وليست له أي عداوات، وذاك أمر نادر في نواكشوط؛ بحسب المجلة الفرنسية.
ويقول عنه قيادي في حزب قوى التقدم المعارض إنه “المسؤول الوحيد الذي لم يذكر اسمه مطلقا في قضايا الفساد.”
“كما لم يسبق أن رفع صوته على أحد أو أهان أحدا. ولديه صفات شخصية إيجابية “، وفق القيادي في حزب تواصل الاسلامي محمد جميل منصور. كما يتوقع البعض أن وصوله إلى السلطة سيساهم في عودة الحوار بين الأغلبية الرئاسية والمعارضة، الذي وصل اليوم إلى طريق مسدود.
ورأت “جون أفريك” أن أسباب شعبية ولد الغزواني تعود كذلك إلى قدرته على الاستماع، كما يحسب له أيضا ولاؤه التام للرئيس عزيز . ففي عام 2012، عندما كان ولد عبد العزيز يرقد في غيبوبة قرب باريس بعد اطلاق النار عليه، تولى الغزواني، قائد القوات المسلحة وقتها، الحكم مؤقتا خلف الكواليس، وفق علي ولد كرمبلة، الجندي السابق المرتبط بالرجلين، والذي أكد للمجلة أنه “عندما كان عزيز يرقد في المستشفى، طلب أعضاء في الأغلبية من الغزواني الاستيلاء على السلطة، لكنه أجابهم بأن ذلك لن يحصل إلا بعد رؤيته لنعش الرئيس.”
ومن المؤكد، بحسب “جون أفريك”، أن محمد ولد الغزواني يعد المرشح الأفر حظا في الانتخابات الرئاسية في شهر يوليو القادم، حيث سيستفيد من إمكانيات الدولة خلال حملته الانتخابية. في المقابل، تحاول المعارضة من جهتها تنظيم صفوفها. فحتى لحظة كتابة هذا المقال، يبقى زعيم حركة “إيرا” بيرام ولد الداه الوحيد الذي أعلن بشكل رسمي عن خوضه السباق الرئاسي؛ متجاهلا بذلك دعوة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يسعى إلى تقديم مشرح موحد.
كما يمكن لمترشحين آخرين الدخول على الخط للمنافسة في هذه الانتخابات، على غرار نقيب المحامين السابق أحمد سالم ولد بوحبيني أو السيناتور السابق الشيخ ولد حننا أو أيضا سيدي محمد ولد بوبكر، رئيس الوزراء الأسبق، الذي يضاعف الاتصالات مع معارضين وموالين للسلطة الحالية.
وفِي صفوف الأغلبية الحاكمة، يسعى مولاي ولد محمد لغطف، الوزير الأول السابق، هو الآخر، إلى خوض السباق الرئاسي، وقد تباحث في هذا الموضوع مع الرئيس ولد عبد العزيز في نهاية شهر يناير المنصرم.
ومضت “جون أفريك” إلى التوضيح أنه بعد تعيين محمد ولد الغزواني في شهر نوفمبر الماضي وزيرا للدفاع؛ اختار الرئيس ولد عبد العزيز الجنرال محمد الشيخ ولد محمد الأمين -أحد المقربين من الرئيس- كقائد جديد للقوات المسلحة. فهل يمثل ذلك علامة على وجود انعدام الثقة قبيل الانتخابات الرئاسية؟ تتساءل المجلة الفرنسية.
ورداً على هذا السؤال، قال أعلي ولد كرمبلة: “غزواني وعزيز يسيران معاً يدا بيد ، لأن العلاقة بينهما تكاملية.. لقد اجتازا مرحلة المنافسة”. علاوة على ذلك، فإن المقربين منهما داخل جهاز الدولة هم نفس الأشخاص تقريبا، ومن وجهة النظر هذه، لن يكون هناك خلاف حقيقي ولكن استمرارية للسلطة.
غير أن قياديا في الأغلبية الحاكمة قال إن “المشاكل قد تنشأ داخل محيطي الرجلين؛ أو بالأحرى على مستوى قبيلتيهما.” وهنا، لفتت “جون أفريك” إلى أن جزءا من قبيلة ايديبوسات التي ينتمي إليها ولد الغزواني مرتبط بحزب “تواصل” الاسلامي.
ويبقى أن نرى، ما إذا كان غزواني، بعد انتخابه، سيحافظ على علاقة الشراكة مع عزيز. لأن الأول ليس رجلا يقبل أن تملى عليه خياراته، والثاني ينوي فعلا البقاء في مركز “الشطرنج السياسي” كرئيس لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية أو رئيس للحكومة.
كما أن ولد عبد العزيز لا يستبعد أبدا خوض السباق الرئاسي لعام 2024، وهو ما تسمح به المادة 28 من الدستور .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، بعد تذوق السلطة، هل سيعيدها غزواني إلى عزيز، على غرار ما فعل ميدفيديف مع فلاديمير بوتين؟ تتساءل “جون أفريك”.
القدس العربي