موريتانيا: شد الأحزمة لخوض أول تناوب ديمقراطي على الرئاسة

1 فبراير, 2019 - 15:11

بدأ في موريتانيا، أمس، شد الأحزمة على مستويات عديدة لخوض الانتخابات الرئاسية التي ستنظم أواخر يونيو/حزيران المقبل، ضمن أول تناوب على الرئاسة بين رئيسين منتخبين.
وبدأ الحزب الحاكم التحضير لعقد مؤتمره الوطني الذي سيعلن فيه عن ترشيح الجنرال محمد غزواني وزير الدفاع الحالي لمنصب الرئيس، بينما تنشغل المعارضة الموريتانية باختزال خلافاتها الكثيرة والسيطرة على حساسياتها الشديدة للاتفاق على مرشح واحد في ظل صعوبات كبيرة تعترض ذلك، وفي ظل الخيارات القليلة المتاحة أمامها.
وبدأت ملامح ترشحات للرئاسة تظهر في الأفق، حيث يدعم البعض رئيس الوزراء السابق مولاي ولد محمد الأغظف مرشحاً لأنصار الرئيس عزيز أو مرشحاً محايداً يبحث عن حظه في المعركة.
وتتحدث التكهنات والتسريبات عن احتمال ترشيح المعارضة للنقيب السابق أحمد سالم بوحبيني أو لسيدي محمد ببكر رئيس وزراء المرحلة الانتقالية (2005-2007) وكلاهما مقربان من رجل الأعمال المعارض محمد بوعماتو الذي يعتقد أنه سيكون الممول الأبرز للمعارضة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويفضل الكثيرون أن ترشح المعارضة الدكتور محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، الذي يصفه البعض بأنه محنك وقادر على قيادة المرحلة المقبلة.
وضمن إرهاصات التحضير للانتخابات المنتظرة، دعا رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه، في تصريحات لوكالة «الأخبار» الموريتانية، أمس، «لإجراء حوار وطني عاجل وشامل يؤسس لما ستقدم عليه البلاد، وتتم من خلاله التهيئة لانتخابات رئاسية يتم وضع آليات توافقية لها، تطبعها النزاهة والشفافية، ويشارك جميع الفرقاء في تسييرها».
وأكد ولد داداه «أنه بدون هذا الحوار قد تتحول هذه الاستحقاقات إلى مناسبة تعمق الانقسام، وتهدد كيان البلد ومستقبلها».
وشدد ولد داداه التأكيد على «أن موريتانيا تقف اليوم على أعتاب انتخابات رئاسية غير مسبوقة، تتزامن مع تخبط البلاد في أزمات، ومع مواجهتها لتحديات، حيث أصبحت موريتانيا، حسب قوله، بعد عشر سنوات من التسيير الفوضوي والفساد المقنن والغبن الاجتماعي مهددة في لحمتها الوطنية، مثقلة بالديون الخارجية، وترزح تحت وطأة نظام ضريبي قاس وجائر، وتعيش إفلاساً سياسياً وأخلاقياً غير مسبوق، كما تعاني من شبح انهيار أمني داخلي وإقليمي بالغ الخطورة».
وأشار ولد داداه إلى «أن موريتانيا تستعد لاستخراج ثروة الغاز التي تحتاج إلى وضع مستقر يسمح لها بالانعكاس على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين».
هذا وتتواصل على شبكات التواصل الاجتماعي التدوينات والتغريدات المواكبة للترشحات والحراك السياسي.
وتركزت الإدراجات أمس على أسباب ترشيح الجنرال غزواني وعلى المرشح الأفضل للمعارضة الموريتانية.
وأكد الكاتب حنفي دهاه، المدير الناشر لصحيفة «تقدمي» الآنية المعارضة، «أن لترشيح ولد الغزواني عوامل كثيرة، من بينها المؤسسة العسكرية التي تعتبره ابنها بجدارة، حيث تقلّد فيها مناصب مختلفة، وبنى علاقات وطيدة مع أفرادها، فكان الدعامة العسكرية لحكم ولد عبد العزيز، رغم أن ولد عبد العزيز حاول ترتيب المؤسسة العسكرية بما يضمن له ولاءً لا يمر عبر قناة ولد الغزواني، غير أن نتائج تلك الجهود الحثيثة ظلت ضئيلة».
ومن بين العوامل التي فرضت ترشيح غزواني «أن شركاء موريتانيا والطامعين للاستفادة من ثروتها من غاز وغيره، تحتاج لاستقرار سياسي، لا يضمنه استمرار حكم الجنرال عزيز، والخلاصة أن ولد عبد العزيز لم يجد مندوحة عن ترشيح ولد الغزواني، فهو مكرهٌ على ذلك لا بطل، ولن يجد ولد الغزواني، إن وصل لسدة الحكم، مندوحة دون القطيعة مع نظام ولد عبد العزيز وسياساته، كما لن يجد الديمقراطيون مندوحة دون معارضة استمرار حكم العسكر».
وتحدث الكاتب عن مسائل تريب الرئيس محمد ولد عبد العزيز في رفيق سلاحه الجنرال غزواني قائلة: «لا ينفع ولد عبد العزيز الساعي لحماية مستقبله القاتم، كأي مافيوزي تتخلى عنه «عائلته»، إلا أن يجد في خليفته حاجة دائمة لدعمه، وافتقاراً مستمراً لمؤازرته، كما لا ينفع ولد عبد العزيز، إلا نبات لا ساق له، لا يمكنه تسلق الجذوع بدون الاتكاء عليه، وهذا ما لا يتوفر في ولد الغزواني، فخلفية الرجل العسكرية وسلطته بين الجنرالات، وبعده الاجتماعي، وصيته الطيّب في الأوساط التقليدية،وعلاقاته الدولية الواسعة، حتى أن La Lettre du Continent وهي صحيفة صنّاع القرار في فرنسا، تصفه غالباً بـ «الرجل المقرّب من الدوائر العسكرية في فرنسا»، وهكذا أيضاً تربطه علاقات قوية بالإمارات والسعودية، يؤلف لطفه بينها والعلاقات الوطيدة مع إسلاميي موريتانيا المحسوبين على قطر.. كلها أمور تجعل من المستبعد أن يكون غزواني مجرد واجهة أنيقة يحركها ولد عبد العزيز من خلف كواليسه».
وأضاف: «قد لا يستبعد أن تتحرك نوازع المعاملة بالمثل في نفس الجنرال ولد الغزواني، المجروح بسوء معاملة ولد عبد العزيز له، فلا يجد السلف في ظل خلفه أكثر من الأمن وعدم المتابعة».

القدس العربي