للشاي طقوس في بلدان المغرب العربي، يحافظون عليها رغم اختلاف عاداتهم، فهو أنيس الكبار في مجالسهم، والمخفف عن المسافر متاعب السفر، وهو المشروب الذي يقترن لدى المراهقين بأوقات الشقاوة والمرح.
في البادية لا يروق للبدو عادة شرب الشاي إلا في أوقات السمر، حين يضفي سكون الليل أمام خيمة من الوبر، ولقاء الأحبة تحت ضوء القمر، أحلى الأوقات وأكثرها إمتاعا للساهرين.
ومع أن تقاليد تقديم الشاي متقاربة في الجزائر، والمغرب، و موريتانيا، حيث يرمز الـ"أتاي" إلى كرم الضيافة عندهم، إلا أن أشد إساءة يمكن أن تتسبب في قطيعة مع الزائر أو الضيف، هي اعتذاره عن مشاركة أهل البيت، شرب الشاي معهم.
فلا خيار أمام الشخص في هذه الحالة، ولا تجدي المجاملة في كسر هذه العادات الاجتماعية، التي يبدو الانصياع لها نوعا من تأكيد احترام قيم المجتمع في هذه البلاد.
موريتانيا
يبالغ الموريتانيون في أهمية الشاي، لدرجة أن بعضهم يضعه أحيانا قبل وجباته الغذائية اليومية من ناحية الاهتمام. ويُعد تقديمه في المجالس والحفلات، عادة مترسخة في المجتمع.
وهناك ميزة فريدة في طقوس تقديم الشاي، تُحتّم أن يكون المجلس من جيل واحد. ففي بعض مناطق البلاد، تمنع العادات تناول الشاي مع الشيوخ.
ويعتقد البعض أن الموريتانيين، من أكثر الشعوب استهلاكا للشاي، لدرجة أن أوقات الراحة والعمل بالنسبة لهم تكون مرتبطة دائماً بشرب الشاي أو "الأتاي" كما يسمونه في موريتانيا.
ويزداد شغفهم به في الولائم ورحلات الصيد والاستجمام في البادية. وعادة يفضل الموريتانيون الشاي بالنعناع بعد وجبات المشوي أو لحم الغزلان المقدد.
المغرب
يزداد اهتمام المغاربة به، ربما لتعدد أنواع الشاي المحلية والمستوردة، أكثر من الموريتانيين، ويمتازون بحرصهم الشديد في انتقاء أجود أنواع الشاي، حيث تتميز تقاليد تقديمه في المغرب كجزء من تراث ضارب في القِدمْ، يعكس تاريخا لثقافات متنوعة.
ويرمز الشاي في المغرب لصفاء العلاقات، ويتم تقديمه كواجب ضيافة، وعادة يُقدم الشاي المغربي بحلويات مغربية مثل "كعب غزال" و"الغريبة" أو فطائر مغربية مثل "الملوي" و"البغرير".
والشاي بالنعناع في المغرب له مذاق خاص، وقد حمل المهاجرون المغاربة هذه العادة إلى البلدان الأوروبية، وأصبحوا يقدمونه لضيوفهم وأصدقائهم الأوروبيين بنكهات متعددة.
الجزائر
تبدو تقاليد وطقوس الشاي في الصحراء الجزائرية قريبة جدا من التقاليد المتبعة في موريتانيا والصحراء الكبرى، حيث تفرض صعوبة الطبيعة وارتباط أغلب السكان بالبادية وتربية المواشي، إلى استهلاك الشاي على مدار اليوم.
وبقدر اعتزاز الناس في الصحراء بقيمهم العربية الأصيلة، فإن مراسم الضيافة معقودة عندهم بتقديم الشاي للضيوف، الذي يتم إعداده على الفحم لضمان احتفاظه بمذاقه الطبيعي المفضل.
ولا تختلف العادات كثيرا بين شعوب المغرب العربي، لكن ظروف المناخ والتضاريس تفرض أحيانا أنماطا غذائية تقدم على موائد الشاي.
وأهل الصحراء يفضلون الشاي بالمشوي و"الكسرة" وأثناء السفر يفضلونه بالفستق السوداني.
" شبكة حياة اجتماعية"