موريتانيا: أحزاب وشخصيات تندد باستبدال إسم شارع عبد الناصر

28 يناير, 2019 - 11:40

 ارتفعت أمس نبرة الاحتجاج على قرار اتخذته الحكومة الموريتانية يقضي باستبدال إسم شارع جمال عبد الناصر باسم شارع الوحدة الوطنية

وشدد حزب الصواب (البعث الموريتاني)، في افتتاحية صفحته الرسمية أمس على استبدال اسم جمال عبد الناصر مؤكدا “أن موريتانيا تفتخر بأن أهم شوارع عاصمتها يحمل اسم أكبر عناوين ورموز التحرر العربي والعالمي المعاصرين وأندى صورهما وأعطرها، خالد الذكر جمال عبد الناصر الذي كان يعيش في أوج مجده وشهرته، بعد العدوان الثلاثي على مصر، ووسط احتدام الشعور الوطني في الوطن العربي والعالم الثالث ونهوض الحركات التحررية ضد الاستعمار وخاصة في إفريقيا، التي كانت تحتفي بموريتانيا وموريتانيا تحتفي بها على نطاق واسع”.

وأضاف “لم يفكر أي من أنظمة الحكم التي تعاقبت على البلاد في تخريب معالم العاصمة التي تحتاج مثل كل المدن الى معالم تتراكم قيمتها ورمزيتها مع مرور الزمن، ولا سعى أي منها لطمس بعض من تاريخ المدينة الناشئ، بما في ذلك النظام الذي انتفض في وجهه التنظيم الوحدوي الناصري وقدم دماء الشهداء زكية في تلك الانتفاضة، فكيف لنظام تفصله أسابيع عن نهاية مأموريته الدستورية الأخيرة، وتعيش البلاد في ظله أكثر من تصدع في بنيتها الاجتماعية والسياسية والثقافية”.

وضمن الاحتجاجات المتلاحقة على هذا القرار عبر حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني المعارض في بيان وزعه أمس “عن إدانته واستنكاره لتغيير اسم شارع جمال عبد الناصر”، واصفا الأمر “بالاعتداء على الذاكرة الوطنية للبلد”.

 وندد الحزب بما سماه “استمرار النظام في الاعتداء على كل ما يمت لتاريخ هذا البلد بصلة وجعلنا دولة بلا تاريخ”، منددا بسعي نظام ولد عبد العزيز لأن نكون دولة بدأت مع مجيئه فقط ولا نملك تاريخا ولا ذاكرة».

الحكومة تدافع والاحتجاجات على قرارها تتواصل

وفي احتجاج آخر على القرار أكد الخبير الدولي محمد السالك ولد إبراهيم أنه مهما تكن مسوغات نزع تسمية شارع جمال عبد الناصر، وإعادة وسمه بشارع «الوحدة الوطنية»! فقد تكون لتلك الخطوة دلالات رمزية مقلقة، بل وبالغة الخطورة. وفضلا عن كون هذا التصرف مثل سوابق أخرى، يعكس ربما نوعا من سلوك رهاب الخروج من السلطة، فهو يجسد شعارا من صميم عقيدة الحزب الاشتراكي الإنجليزي في رواية 1984 لجورج أورويل، حيث يعتبر كل شيء خارج سياق تفكير الحزب الحاكم «جريمة فكر».

وقال «عموما، يذكرنا هذا المشهد بمسلكيات الدولة الشمولية، كما صورتها ببراعة أحداث وشخوص رواية 1984 لجورج أورويل، التي ترسم مسار تطور شبح اسمه الطغيان، فعندما يتم تركيز السلطة بيد واحدة، يبدأ عندئذ تشكل كائن جديد هو “الأخ الكبير” (Big Brother)، سواء كان فردا أو مجموعة أو مؤسسة. باختصار شديد، ظلت رواية 1984، تدقُّ ناقوس الخطر منذ حوالي سبعين سنة، محذرةً من مستقبلٍ قاتِم، يسود فيه الاستبداد والظلم، وينذر باندلاع الحروب والدمار».

وقال “أين تقع الشعارات والأفكار والمبادرات، والتظاهرات، والمسيرات التي تروج عندنا منذ بعض الوقت والساعية لتحريك الشارع للمطالبة بمأمورية ثالثة، مرورا بمحاولات تعديل الدستور بواسطة بعض نواب البرلمان، وصولا لمحاولة تغيير تسمية شارع الزعيم جمال عبد الناصر؛ وإذا استطعت أن تحدد بالضبط أين تقع هذه الديناميكية المتناغمة ضمن عقيدة وشعارات الحزب الاشتراكي الإنجليزي في رواية 1984 لجورج أورويل، فقد تستطيع الإجابة عن سؤال كبير: هل دخل شارع جمال عبد الناصر ومعه البلاد كلها في ضيافة «الأخ الكبير ؟؟؟».

أما الإعلامي البارز أحمدو الوديعة فقد كتب منتقدا القرار بقوله “تحتاج الوحدة الوطنية شارعا فسيحا، “يربط ” القول بالعمل؛ “ينطلق ” من الاعتراف بالتنوع الوطني بله الاعتزاز به، تتزين” جنباته “بمعالم الحقيقة والمصارحة والمصالحة، والانصاف، ويضيء نهايته، نظام قوامه العدل وأساس قانون السير فيه وعليه المواطنة المتساوية”.

ويعد شارع “جمال عبد الناصر” أبرز الشوارع في العاصمة نواكشوط، فهو يمر بمحاذاة القصر الرئاسي، كما يطل عليه العديد من الوزارات والمؤسسات الرسمية، إضافة لمؤسسات مالية كبيرة، كما يمر هذا الشارع قرب السوق المركزي الكبير.

ويحمل الشارع منذ عقود اسم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، كما تتفرع منه شوارع أخرى لم يشملها التغيير سميت على أسماء رؤساء أجانب، كشارع الرئيس الفرنسي شارك ديغول، وشارع الرئيس الأمريكي جون كنيدي.

“القدس العربي”