"ما هو بلد المليون شاعر؟"، يسأل أحمد علي على صفحته على "فيسبوك"، يعلق وليد عبدالله من المعروف أن موريتانيا بلد المليون شاعر، ويكاد يكون الموريتانيون أفضل من يتحدث اللغة العربية في العالم العربي.
من الطبيعي أن يحب أهل بلد المليون شاعر الذي ينام على ضفاف اﻷطلسي في أقصى غرب الوطن العربي الشعر وأن يؤثروه على غيره وأن يزدروا النثر ولا يحفلوا به، "لقد كان أسلافهم من العرب يحبون الشعر ويسرفون في حبه ويحترمون الشاعر ويبالغون في احترامه، كيف لا والشعراء هم من كان يمثل الترسانة الدفاعية للعشيرة"، يغرد محمد" من يزور موريتانيا ويعيش بين أهلها في الصحراء يدهش لفصاحة ابنائهم وتضلعهم في علوم اللغة العربية وتبحرهم بعلم النحو والصرف والبلاغة، إضافة الى خبرتهم بالشعر نظما وانشادا، كما سهّل اهتمام سكان الصحراء الموريتانية بالشعر حفظ العلوم الشرعية والسيرة النبوية وتاريخ العرب وانسابهم وبحسب ما ذكره سامر ناشيد على صفحته على فيسبوك الملاحظ أن جميع علماء موريتانيا سواء الشرعيين أو الادباء "نهلوا من المحاظر (الكتاتيب) المنتشرة بالالاف في صحراء موريتانيا"، ومن شدة ولع واهتمام القبائل العربية بالشعر، اعتبروا نظم الشعر فريضة اجتماعية، حيث يقوم الشاعر بالتعريف بقبيلته وعاداتها وتقاليدها.
أصل التسمية
وكان قد ظهر لقب "بلاد المليون شاعر" لأول مرة عنوان لمقال في مجلة العربي الكويتية وسرعان ما انتشر في الأوساط الثقافية في المشرق العربي بفعل الإنتشار الواسع الذي كانت تتمتع به المجلة في الستينات والسبعينات من القرن العشرين. وكان السبب في ظهور المقال بهذا العنوان عند ناشريه بحسب منشور محمد الحبيب نقلا عن دلال مشرقي هو "انبهار طاقم المجلة عندما زار البلاد لقرض الشعر في صفوف طلبة المحاظر في مورتانيا"، حيث كانوا كيفما ولّو وجوههم في البادية الموريتانية يفاجؤون بحضور واسع لهذا الفن الجميل، وعند عودة هذا الطاقم إلى نواكشوط سألوا عن تعداد سكان مورتانيا وكان حينها مليون نسمة فقالوا إذاً نحن في أرض المليون شاعر! هي إذاً مجاملة لا تخلو من المبالغة، لكن أهل موريتانيا استحسنوا هذا اللقب رغم ما ينطوي عليه من مبالغة وروح دعابة حد وصف أحد الشعراء الكبار وهو احمدو ولد عبد القادر في إحدى لقاءاته الإعلامية المسألة بـ"الدلال".
"أرض المليون شاعر" اليوم
اليوم تطورت لغة الأدب في موريتانيا كما باقي الدول وبحسب منشور محمود السنوسي أن الأدب الموريتاني الحديث استفحل فيه الأدب الإنشائي سواء كان شعرا أو نثرا؛ القصة، الرواية أو المسرح، واحتوته الساحة الثقافية بشكل لا يبعث الاطمئنان على مستقبل الأدب "فاعتمد أسلوب مغاير للإفصاح عن المعطى الجديد بلسان معاصر مبين وبفكر مغاير لما كان عليه فكر الإنسان البسيط حين كان يتخذ حليب نوقه وتمر نخيله ولحم ضأنه معاشا، ولا يبالي بعد ذلك أهو يعيش على سطح كوكب أم على سطح منزل"، وفي نظره أن الطموح الذي ينبغي أن يكون سعي كل أديب وحلم كل قارئ مخلص للغته وأمته، لن يتحقق في الأدب الموريتاني مادام الأدب الوصفي مغيبا.
فيما يرى المستخدم سالم محمد الامين أن الأدب في موريتانيا وخاصة الأدب العربي "المنظوم" أوشك على النهاية، "لا أقول أن الأدباء أو المبدعين باتوا غير موجودين في موريتانيا بل هناك أدباء وشعراء ولكنهم طرفوا أعينهم عن القصيدة، وكسروا التفعلة للقصيدة ومضمونها".
يحمّل البعض هذا الإدبار للشباب العربي عن الإهتمام بالأدب العربي ليس لأنه لا يحسنه أو أنه لا يستطيع الإنشاء بل لتأثره بالثقافات الغير عربية وعدم اعتزازه بعروبته وعدم إحساسه بما كان يحس به الشاب العربي القديم، يعلق أبو عبدالله على صفحته على فيسبوك "ترى الشاب العربي الذكي الطموح الذي يحسن الإرتجال ويطمح لأن يكون في القمة ولكن لا تراه يطمح لأن يكون أديبا وشاعرا عربيا بل تراه يخجل من ذلك وللأسف الشديد"، فيما يعتقد البعض أن المتكلمين باللغة العربية متخلفين.
وكان الكثير من أبناء موريتانيا تفوقوا في البرنامج الشعري "أمير الشعراء"، وبحسب منشور للمستخدمة آنة ماري على فايسبوك، أصبح البعض يدخلها كتجارة ولا يعرف الفرق بين الروي وغيره لذلك أصبحت لجنة التحكيم تحاول جاهدة إجهاض تصويت الموريتانين الذي يحاولون به تغيير المناصب فقط "نحن حقيقة بعد ولد الطالب لم نقدم شاعرا فحلا ولد بمب وغيره غرهم تصويت هاذ الشعب الذي يجوع من أجل صعود شاعر".
من المتواتر قوله أن مورتانيا بلد المليون شاعر، غير أن هذ القول كان للاستهلاك، لذلك يسأل دين موايه "كم تمثل نسبة شعراء اللغة العربية من هذ المليون أو بالأحرى ما قيمة مردود هذه النسبة على اللغة العربية، في بلد يمر فيه اليوم العالمي للغة العربية واتحاد كتابه وادبائه في نوم عميق مع الجهات المعنية بالثقافة دون الاحساس بابسط شعور للقيام بالتذكير باحتفالية كهذه؟".
المصدر: "شبكة حياة الاجتماعية"