أثارت مباراة قطر ـ السعودية في بطولة كأس آسيا لكرة القدم والحوادث التي رافقتها اهتمام وسائل إعلامية عديدة في العالم، فقد كتبت صحيفة «التليغراف» البريطانية تحليلا لمراسلها الرياضي دانيال سكوفيلد، يستبق فيه الحدث متناولا تأثيراته السياسية، فيما قامت صحيفة «نيويورك تايمز» بنشر تقرير لطارق بانجا بعد المباراة أشار فيه للمفارقات العديدة التي دارت حولها.
ليست مباراة قطر مع السعودية الوحيدة التي تظللها السياسة، فهناك مباراة الصين مع كوريا الجنوبية، وكذلك مباراة أخرى بين العراق وإيران، لكنّ المباراة الأولى حفلت بعناصر إشكاليّة عديدة، فالرياض، كما هو معلوم، تظهر خصومة شديدة للدوحة، وهي تتحالف مع أبو ظبي، المكان الذي تقع فيه المباراة، على حصار اقتصادي وسياسي قاس لقطر.
تؤدي الرياضة، في هذه المعركة الجيو ـ سياسية، دوراً مهمّاً، فهي جزء من «القوة الناعمة» التي تستخدمها بلدان الخليج، ومعلوم أن الإمارات تملك نادي «مانشستر سيتي» البريطاني، فيما تملك قطر فريق «باريس سان جيرمان» الفرنسي، كما تملك دول خليجية عقود رعاية لأندية «بايرن ميونيخ» الألماني، و«ريال مدريد» و«برشلونة» الإسبانيين، ومعروفة مغامرات تركي آل الشيخ، مستشار ولي العهد السعوديّ، المسؤول الرياضيّ البارز (إلى فترة قريبة)، ومؤسس نادي «بيراميدز» المصري، في السعودية والمنطقة والعالم.
معلوم أيضاً أن جزءاً كبيراً من الغضب الإماراتي والسعوديّ على قطر، وانعكاساته الكيديّة اللاحقة، كان بسبب تمكن الإمارة من الحصول على حق استضافة بطولة كأس العالم لعام 2022، وقد عبّر الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي عن هذا الأمر بقوله: «إذا ذهب المونديال عن قطر فسترحل أزمة قطر»!
تكشف هذه التفاصيل تهافت مقولة «فصل الرياضة عن السياسة»، ولذلك كان مثيراً للسخرية أن تستنكر اللجنة الإعلامية المحلية لكأس آسيا لكرة القدم تعليق مذيع قناة «بي إن سبورتس» حول مباراة قطر ـ السعودية حين كشف منع الإمارات وجود جماهير للمنتخب القطري، وهو ما اعتبرته اللجنة «إقحاما للسياسة في الرياضة» حيث أكدت «تواجد جماهير كل الدول المحبة للسلام والرياضة في المدرجات لمساندة بلادها»، ويبدو أن تعريف «الدول المحبة للسلام»، لا ينطبق على قطر بعرف اللجنة الأولمبية، فقد اقتصر الموجودون لتأييد الفريق القطري على امرأة كوريّة وطالب من الصين وعدد من العُمانيين الذين دخلوا أثناء الشوط الثاني للمباراة.
تابع «الكيد السياسيّ» فصوله خلال المباراة، حين قام جمهور السعودية بالسخرية من النشيد الوطني لقطر في محاولة لإضعاف معنويات اللاعبين، وحاول أحد المهاجمين السعوديين مضايقة الفريق الخصم، وقام السعوديون بتوزيع حزم البطاقات مجانا بشرط تشجيع السعودية (وهو أمر استغلّه بعض العمانيين للدخول ثم الانقلاب على السعوديين!)، وتتابع الجدل بعد المباراة حيث اتهم الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي قناة «بي إن» التي تبث المباريات في الشرق الأوسط باستخدام حقوقها الحصرية و«تمرير أجندة سياسية».
وبغض النظر عن فوز المنتخب القطري في المباراة (فالفوز يجب أن يكون للأفضل بغض النظر عن السياسات) فإن المباراة كانت مناسبة جديدة لإظهار التهافت السعودي ـ الإماراتي، والإساءات العديدة التي ترتكبها سلطات البلدين بحق الرياضة وبحق بلديهما أيضا.