لم تَعُد التَّصريحات الإسرائيليّة تتحدَّث عن كَشفِ الأنفاق التي تقول إن “حزب الله” حفَرها تحت الحُدود اللبنانيّة مع الشِّمال الفِلسطينيّ المُحتَل، وباتَت تُركِّز هذه الأيّام، وفق تسريبات “مدروسة” إلى الصُّحف عن كَشفِ النِّقاب عَن خُطّة مُحكَمة وضَعها “الحزب” تُوضِّح أنّه كانَ ينْوِي مِن خلالها، اجتِياح الدولة العبريّة.
موقع “واللا” الإلكترونيّ المُقرَّب مِن الأجهزةِ الأمنيّة الإسرائيليّة، أضاف معلومات جَديدة عَن هَذهِ الخُطَّة عِندما قال إنّها تتضَمَّن دُخول أعداد غَفيرة مِن عناصر “حزب الله”، سواء راجِلين أو على ظهر درّاجات ناريّة، وشَن هجمات مُفاجِئة على القُوّات الإسرائيليّة، المُرابِطة في قواعِد عسكريّة قريبة مِن الحُدود.
لا نَستبعِد أن هَذهِ التَّسريبات تجري في نِطاقِ خُطَّة دعائيّة إسرائيليّة بهَدف دعم الشَّكوى التي تَقدَّمت بِها حكومة نِتنياهو رَسميًّا إلى مجلس الأمن الدوليّ الاستِصدار قرار بإدانَة “حزب الله” باختراق اتِّفاقات الهُدنة، وفرض عُقوبات دوليّة عليه، وكانَ لافِتًا أنّ الرِّقابة العَسكريّة الإسرائيليّة التي منَعت النَّشر حول الكثير مِن جوانِب عمليّة “درع الشمال” سمحَت لفريق تابع لمحطَّة “سي إن إن” للتَّصوير داخِل أحد الأنفاق المُكْتَشَفة.
“حزب الله” يلتَزِم الصَّمت، ولم يَصدُر عن السيّد حسن نصر الله، زعيمه، حتّى هَذهِ اللَّحظة أي رد على هَذهِ الادِّعاءات الإسرائيليّة، لكن مصادر مُقرَّبة مِنه أكَّدت لـ”رأي اليوم” أن هَذهِ الأنفاق التي جَرى كشفها (أربعة أنفاق) معروفة لدَى الحِزب والإسرائيليين مُنذ عام 2010، وكان أحد العُملاء المُندسِّين من قبل المُخابرات الإسرائيليّة، واعتقله جهاز الحزب الأمني، اعترف بأنّه قدّم معلومات عنها، ولم تَكشِف عنها السلطات الإسرائيليّة إلا قبل أُسبوعَين، في مُحاولةٍ للتغطية على هَزيمَتها وعُملائها في الجبهة الجنوبيّة السوريّة التي لَعِبت الوَحدات القِتاليّة الخاصّة لحِزب الله دَورًا كبيرًا في تَحريرِها إلى جانِب الجيش العربيّ السوريّ، وبغِطاءٍ جويٍّ روسيٍّ، وأضافَت المصادر نفسها أن نِتنياهو أراد أن يدَّعي نَصْرًا أمام الرأي العام الإسرائيليّ القَلِق مِن هَزيمَة جيشه في قِطاع غزّة، بإطلاقِ العمليّة المَذكورة على الجبهة الشماليّة.
الأنفاق الحَقيقيّة، وحسب هَذهِ المصادر، لم يَتِم كشفها، وحتّى لو تأتّى ذلك، وهو أمر مَشكوكٌ فيه، فإنّها تنتمي إلى مرحلةٍ سابقةٍ تجاوَزتها خُطط المُقاومة الحَديثة، ودُون أيّ تحديد من جانِبها، وربّما تُلَمِّح إلى استراتيجيّةِ الاعتِماد على الصَّواريخ التي تَزداد تَطَوُّرًا ودِقَّةً وقُدرات تَدميريّة.
لا نَعرِف ما إذا كانت هَذهِ الضُّغوط الدبلوماسيّة والإعلاميّة ستُعطِي أوكلها بإصدارِ قرارٍ عَن مجلس الأمن يَفرِض عُقوبات على “حِزب الله”، أم أنّ “الفيتو” الروسي سيُحبِط هذا المُخَطَّط، ولكن كل ما نَعرِفه أنّ المُقرَّبين مِن الحِزب يَفرُكون يديهم فَرحًا احتِفالًا بمَجيء اليوم الذي باتَت فيه إسرائيل هِي التي تَذهَب إلى مجلس الأمن، وليسَ العَرب للشَّكْوَى.
لا نَعتقِد أن أيّ عُقوبات جَديدة في حالِ صُدورها عَن مجلس الأمن ستَكون مُؤثِّرةً على الحِزب وقِيادَته، فقَد استنْفَذَت الولايات المتحدة كل ما في جُعبَتها مِن عُقوبات، ابتِداءً مِن وَضعِه على قائِمة الإرهاب، أو تجميد أُصولِه وحَظْر أي تَعامُل ماليّ معه، بَل رُبّما تُعطِي هَذهِ العُقوبات رُدود عكسيّة.. واللهُ أعْلَم.
“رأي اليوم”