أعلنت الحكومة الموريتانية «أن قرار إغلاق مركز العلماء وجامعة عبد الله بن ياسين التي يقودها الشيخ محمد الحسن الددو، يعود لتبعية هاتين المؤسستين لحزب معين (هو حزب التجمع) ولكونهما تشكلان أذرعا لهذا الحزب».
وأكد محمد الأمين الشيخ الوزير الناطق باسم الحكومة الموريتانية في مؤتمر صحافي أمس «أنه لا يوجد أحد اليوم إلا ويمكنه القول بأن هذه المؤسسات (مركز العلماء وجامعة ابن ياسين) هي الذراع العلمي لهذا الحزب (أي لحزب التجمع) كما أن قناة «المرابطون» هي ذراعه الإعلامي والحزب هو الذراع السياسي».
وقال «هذه المؤسسات تكرس يوما بعد يوم منهجية تخالف المنهجية الموجودة في موريتانيا وهي منهجية المدرسة الإسلامية الشنقيطية المالكية الأشعرية الجنيدية إضافة إلى الملاحظات المتعلقة بالتمويلات ومصدرها».
وأوضح الوزير ولد الشيخ «أن الأوراق اتضحت خلال الحملة الماضية، ولوحظ بعض الفتاوى للقيادة العلمية والتوجيهية لهاتين المؤسستين حيث نشرت فتوى في وسائل التواصل الاجتماعي بأن هذا الحزب هو الذي يدافع عن المظلومين والتصويت له طاعة، كما أنه لا يريد السلطة والمناصب وإنما يريد رضى الله وينبغي لمن يريد الحق أن يصوت لمرشحي هذا الحزب وهو ما يعد إقحاما لهذه المؤسسات في السياسة واتخاذها أداة لحملة الحزب «.
وأضاف «أن القيادة العلمية والتوجيهية للمؤسستين (المقصود الشيخ الددو) ركزت في خطبتها يوم الجمعة على أن الحكام الحاليين في العالم الإسلامي أتوا بالقوة وأنهم ليسوا مبايعين عن رضى من قبل الشعوب وإنما اغتصبوا السلطة بالقوة وهو نوع من التحريض على الفتنة، حسب تعبير الوزير، كما أن الفكرة الثانية في الخطبة هي أن سبب الحروب والفتن التي شهدها العالم العربي والإسلامي ليس المتطرفين كما أشار الرئيس في أحد تصريحاته وإنما سببها الحكام إضافة إلى وصف كلام رئيس الجمهورية بأنه لا يقوله إلا شخص مفتون؛ ومن اللياقة الأدبية والأخلاقية للعلماء الشناقطة ألا يصفوا رؤساءهم بأنهم مفتونون كما أن الرؤساء لا يصفون علماءهم بأوصاف لا تليق بهم».
وأكد الوزير الناطق باسم الحكومة الموريتانية «أن المؤسسات الموريتانية بما فيها المعهد العالي للدراسات الإسلامية والذي يعد أعرق من مركز تكوين العلماء تفتح أبوابها لجميع الطلاب الموريتانيين لنهل العلوم الشرعية واللغوية من ينبوعها الصافي في جو صاف».
وردا على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة ستقوم بحل حزب التجمع، قال الناطق الرسمي الحكومي الموريتاني «إذا كانت هناك مخالفة قانونية لأي حزب فإنه يصبح معرضا للحل حسب القانون المعمول به بالنسبة للأحزاب».
وشدد الوزير التأكيد على «أنه لا يمكن أن يزايد أي أحد على الرئيس في خدمة الإسلام وفي العمل الإسلامي وفي الدعوة إلى الله في هذه البلاد فهو الرئيس الوحيد في المنطقة والعالم العربي الإسلامي الذي يعلن على رؤوس الأشهاد وفي مقابلاته بأن موريتانيا ليست دولة علمانية وإنما هي دولة إسلامية حكومة وشعبا».
وأعلن طلاب مركز «تكوين العلماء» الذين واصلوا تظاهراتهم أمام المركز في بيان وزعوه أمس عن «رفضهم القاطع للقرار الجائر الذي قضى على حلم خمسمئة طالب وطالبة كانوا يسعون للارتواء من ميراث النبي لينتشروا في مناكب الأرض مبلغين لهذا العلم نافين عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين».
وطالب البيان «السلطات بالعدول عن قرار إغلاق المركز وإعادة فتحه أمام مرتاديه من طلاب وأساتذة وإداريين وعاملين بوصفه صرحا علميا معطاء يجمع بين أصالة المحظرة الشنقيطية ومتطلبات الواقع».
وأعلن الطلاب عن «عزمهم مواصلة الحراك السلمي الرافض لقرار الإغلاق وسعيهم عبر القنوات المسؤولة من أجل إسقاطه».
وأضاف «بينما كنا نستعد لاستقبال العام الدراسي الجديد بشغف وتوق للعودة إلى الكراسي العلمية وإلى مجالس العلماء لننهل من بحر علمهم الزاخر فوجئنا كطلاب في مركز تكوين العلماء بقرار إغلاق المركز وتطويقه بوحدات من الشرطة حولته إلى ثكنة عسكرية وأخرجته عن هدوء العلم وسكينته، ومنذ ثلاثة أيام والمركز يرزح تحت هذا الاحتلال دون تقديم أي مبرر له من طرف الوزارة الوصية عليه».
وأعلنت جماعة «عباد الرحمان» الإسلامية السنغالية (إخوان السنغال) «أنها تابعت بقلق خلال الساعات الماضية قرار السلطات في دولة موریتانیا الشقیقة لمركز تكوین العلماء، وهو مركز علمي سجل ریادة في برنامجه العلمي وفي نوعية مخرجاته، واستغربنا أن یصدر مثل هذا القرار في دولة كموریتانیا المعروفة بسجلها وتاریخها المشرق في نشر العلم الشرعي المؤصل من الكتاب والسنة، وفق رؤیة تتسم بالوسطیة والاعتدال، مع خدمة جلیلة للتراث العربي والإسلامي».
«إن أمتنا الإسلامية الیوم، يضيف البيان، تمر بمآس وجراحات في أكثر من بقعة فلیس من مصلحة حكوماتنا وخصوصا في منطقة المغرب فتح جبهات وصراعات داخلیة مفتعلة لا تساعد لا على التنمیة، ولا على الاستقرار والتماسك الداخلي».
وأضاف عباد الرحمان «إن إقدام ال سلطات الموریتانیة على إغلاق مركز تكوین العلماء في نواكشوط، لا تبدو خطوة في سبیل تحقیق مصلحة موریتانیا التي عرفت بإشعاعها العلمي، وعطائها الحضاري على مدار التاریخ؛ ومركز تكوین العلماء امتداد لهذا الماضي المشرق حيث لعب مركز تكوین العلماء في موریتانیا أدورا مشرقة في مواجهة فكر الغلو والتطرف، ومحاصرة أطروحاته، الأمر الذي أسهم في إنقاذ موریتانیا الشقیقة من دوامة العنف والإرهاب».
«إن الجماعة، يضيف البيان، لتعبر عن قلقها البالغ على ما حدث، وتعلن وقوفها وتضامنها مع مركز تكوین العلماء، وتلتمس من السلطات الموریتانیة التراجع الفوري عن قرار الإغلاق، واحتواء ما نجم عنه من أضرار تشوه سمعة موریتانیا، حتى یواصل المركز مسیرته في العطاء العلمي المتمیز في موریتانیا، ودول المنطقة، وفي إفریقیا عموما».
وتأتي قرارات إغلاق المؤسسات التعليمية المحسوبة على التيار الإسلامي الموريتاني ضمن إجراءات يبدو أن حكومة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ماضية في تنفيذها لاستئصال تأثير جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا.
ويتوقع مراقبو هذا الشأن أن تتواصل الإجراءات لتشمل إغلاق قناة «المرابطون» الفضائية المحسوبة على الإخوان وحتى حزبهم حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الذي نافس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في الانتخابات الأخيرة، وأظهر انتشارا سياسيا كبيرا أقلق الرئيس ولد عبد العزيز الذي وجه لهذا الحزب انتقادات شديدة شكلت مقدمة للمضايقات الجارية.