ستكون معركة الشوط الثاني للانتخابات النيابية والجهوية والبلدية المقرر تنظيمه يوم غد السبت حامية الوطيس بين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي هو حزب الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وحزب التجمع الوطني للإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين الذي تلتقي حوله المعارضة ويشكل منذ 2013 أكبر قوة معارضة في البرلمان.
ويتصدر حزب الاتحاد الحاكم المشهد السياسي وتتجمع المعارضة بجميع أطيافها لمنازلته في المواقع التي سيشملها التصويت.
وتم حسم 37 دائرة برلمانية في الشوط الأول، فيما تأجل الحسم في 12 دائرة للشوط الثاني، وفي البلديات تم حسم 111 دائرة بلدية، وتأجل الحسم إلى الشوط الثاني في 108 بلديات؛ وفي المجالس الجهوية تم حسم 4 مجالس جهوية في الشوط الأول، فيما تأجل الحسم في 9 مجالس للشوط الثاني. وتمكن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم من حسم 67 مقعدًا نيابيًا لصالحه في الشوط الأول من الانتخابات التشريعية والبلدية، وسيتنافس في الشوط الثاني على 22 مقعدًا نيابيًا تتحالف أحزاب المعارضة من أجل كسبها ومن أجل إبعاده عن تحقيق الأغلبية المطلقة التي ينشدها.
وأعطت قيادات أحزاب المعارضة تعليماتها لجميع أنصارها بالتكتل في وجه حزب الرئاسة الحاكم لهزيمته في المقاعد التي ستحسم يوم غد السبت.
وانتقدت المعارضة الموريتانية بشدة أداء اللجنة الوطنية للانتخابات في الشوط الأول، وأعربت عن أملها في أن تطور اللجنة من أدائها في الشوط الثاني لما له من أهمية بالغة في اكتمال المشهد السياسي.
والتزم محمد فال بلال، رئيس لجنة الانتخابات، أمس، بتشديد إجراءات المراقبة وتمكين ممثلي المترشحين من متابعة سير عمليات الاقتراع ومنع عمليات التزوير بكافة الوسائل المتاحة. وأكد في توضيحات للصحافة أمس «أن لجنة الانتخابات تتوفر على مراقبيها ووكلائها المنتشرين في جميع مكاتب التصويت، كما أن أبوابها مفتوحة لتلقي الشكاوى ولاستقبال ملاحظات واحتجاجات الأحزاب السياسية».
وقال: «إضافة إلى طواقم لجنة الانتخابات، فهناك عدد كبير من منظمات المجتمع المدني المسموح لها بدخول مكاتب التصويت لمراقبة سير الانتخابات واستجواب ممثلي الأحزاب المترشحة؛ وبكل هذه الاحتياطات سنتمكن من تنظيم شوط ثان بطريقة مقبولة».
وانتقدت المعارضة الموريتانية في بيان أخير لها ما سمته «الزج ببعض جنرالات الجيش في آتون السياسة الحزبية والقبلية، في مخالفة صارخة للنظم التي تحكم المؤسسة العسكرية والأمنية، وللقوانين المتعلقة بحياد الإدارة، وتلك المتعلقة بالشفافية والتعارض بين بعض الوظائف والتدخل في المسار الانتخابي».
وتابعت المعارضة انتقاده للزج بجنرالات الجيش في السياسة قائلاً «إن القوات المسلحة وقوات الأمن يجب أن تبقى جسمًا واحدًا منسجمًا، يؤدي مهامه بتجرد لخدمة الوطن والمواطن، بعيدًا عن التخندق والاصطفاف، فالانتماء للوطن، وللوطن وحده، يجب أن يظل دائمًا فوق كل القناعات الشخصية والانتماءات الفردية «.
«إن إقدام بعض الجنرالات، يضيف الحلف الانتخابي للمعارضة، بصورة علنية على جمع الوحدات القاعدية لحزب السلطة، وتنظيم الاجتماعات القبلية في بيوتهم، والتدخل السافر في الترشيحات الحزبية، وقيادة الطوائف السياسية في ولاياتهم، يفتح المجال أمام كل ضابط وكل ضابط صف وكل جندي في التعبير العلني عن قناعاته السياسية والانحياز لانتماءاته القبلية والجهوية، وعندها لن تكون تسوية الخلافات السياسية والصراعات القبلية عن طريق المناظرات والمطارحات السلمية«. وأضاف: «إن إقحام بعض قادة الجيش وقوات الأمن في السياسة يعني تصدير الخلاف والشقاق إلى المؤسسة العسكرية، ما يعني تفكيك هذه المؤسسة التي هي الضامن الوحيد لوحدة البلد وأمنه واستقراره، وهذه الاعتبارات هي ما جعلت جميع دول العالم تنأى بقواتها المسلحة وقوات أمنها عن ممارسة السياسة».
وطالب الحلف الانتخابي للمعارضة في بيانه «بالوقف الفوري لدخول بعض قادة الجيش وقوات الأمن في المعترك السياسي والقبلي، لما لذلك من خطر على وحدة البلد وأمنه واستقراره»، مشددًا «على بقاء القوات المسلحة وقوات الأمن مؤسسات جمهورية تؤدي مهامها النبيلة بكل تجرد ومهنية».
ودق الحلف «ناقوس الخطر أمام هذه الممارسة الشاذة التي تعرض البلد ومؤسساته العسكرية والأمنية للخطر»، حسب تعبير الحلف. وكان الناخبون الموريتانيون قد أدلوا، يوم السبت 1 سبتمبر / أيول، بأصواتهم في الشوط الأول من الانتخابات التشريعية التي يشارك فيها 98 حزبًا سياسيًا تمثل الطيف السياسي في البلد وتتنافس على كسب أصوات 1.4 مليون ناخب.
وتعد هذه الانتخابات الأولى منذ اعتماد نظام المجالس الجهوية وتعديل الدستور الذي ألغى مجلس الشيوخ، كما أنها الأولى بعد عودة المعارضة إلى المشاركة الانتخابية بعد سنوات من المقاطعة وعدم الاعتراف بنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بسبب الانقلاب، الذي قام به عام 2008، وسيطرته منذ ذلك الوقت على مقاليد الحكم في البلاد.
وينتظر أن تنعكس الخريطة التي سترسمها الانتخابات المقبلة بصورة ضاغطة على أجواء الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف العام المقبل، والتي ستشهد مغادرة محمد ولد عبد العزيز للسلطة بعد عشر سنوات من الحكم.
«القدس العربي»