دخلت موريتانيا بناخبيها الذين يزيدون على المليون ونصف المليون وبأحزابها الثمانية والتسعين، أمس، معركة الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية المقررة فاتح أيلول/ سبتمبر المقبل، وهي انتخابات يشارك فيها الجميع، حيث رشحت فيها القبائل أبناءها وقدمت الأسر النافذة فيها رجالها ونساءها.
وتتوزع قوائم الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات بواقع 1559 قائمة للانتخابات البلدية، و161 قائمة جهوية، فيما بلغ عدد القوائم المتنافسة في الانتخابات النيابية 528 قائمة على مستوى المقاطعات، و97 قائمة وطنية و87 قائمة للنساء.
ورغم تشكيك المعارضة في استقلالية اللجنة المشرفة على الانتخابات، فقد أكد رئيسها وزير الخارجية الأسبق محمد فال ولد بلال «أن اللجنة منفتحة على جميع الأحزاب السياسية المشارِكة في الاستحقاقات القادمة، وأنها على مسافة واحدة من الجميع».
وأوضح في نقطة صحافية أمس «أن هذه الانتخابات التي ستجري فاتح سبتمبر، غير مسبوقة في المسار الديمقراطي الموريتاني، حيث سيتم إجراء خمسة استحقاقات في وقت واحد تشمل النيابيات بلوائحها الوطنية، والجهوية، والنسائية، والبلديات، والمجالس الجهوية».
وأشار رئيس اللجنة «إلى أن هذه الانتخابات تتميز كذلك بعدد القوائم غير المسبوق المترشحة فيها، وكذا بمشاركة 98 حزبًا سياسيًا قدموا 143 قائمة للانتخابات البلدية، و67 قائمة جهوية و109 قائمة مقاطعاتية، و96 قائمة نيابية، و87 قائمة للنساء. وأبرز ولد بلال «أن بطاقة الناخب مطبوعة في الخارج طلبًا لشروط الأمان، كما تم استيراد صناديق الاقتراع الكافية لعدد المكاتب الذي تجاوز في هذه الانتخابات 4035 مكتبًا انتخابيًا؛ لأن عدد الناخبين يجب ألا يتجاوز في المكتب الواحد 500 ناخب «.
وأكد على «أهمية مشاركة الجميع وتضافر جهود السلطات العمومية والأحزاب السياسية والمجتمع المدني من أجل إنجاح هذه الانتخابات».
وتعمل اللجنة المستقلة للانتخابات في ظرف بالغ الصعوبة، حيث إنه من المستحيل تأمين الظروف والوقت اللازم لمليون ونصف مليون ناخب من أجل التصويت على 400 مترشح، وهناك مواقع تتقدم فيها خمسون قائمة انتخابية في وقت واحد». ويتساءل الكثيرون عن إمكانية تجميع ممثلي المترشحين مع المراقبين الوطنيين إلى جانب طواقم اللجنة الانتخابية؟ وكيف ستتمكن من فرز الأصوات وتزويد كل مترشح بمحضر النتائج؟
كل هذا يظهر أن الانتخابات المقبلة ستفتقد المصداقية لصعوبة تسييرها ولكون اللجنة الانتخابية المشرفة عليها متهمة من المعارضة بعد الحياد.
وتتمز هذه الانتخابات بكونها ستتيح للموريتانيين في وقت واحد، انتخاب نوابهم وعمدهم وأعضاء مجالسهم الجهوية قبل أشهر قليلة من انتخاب رئيس آخر غير الرئيس الحالي الذي مأموريته الثانية والأخيرة، حسب الدستور، على وشك الانتهاء.
وتكتسب هذه الانتخابات أهميتها من كونها تشهد مشاركة المعارضة المتشددة التي قاطعت جميع الانتخابات منذ عام 2013. وحسب ما يتضح من جولات الرئيس الحالية والتعبئة السياسية الواسعة التي قام بها الحزب الحاكم وسجل فيها أكثر من مليون منتسب لصفوفه، فإن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز يسعى إلى بناء أغلبية ملتحمة على مستوى البرلمان والهيئات المحلية والجهوية، بحيث يتسنى تسيير عملية التداول على السلطة التي ستجري حسب الدستور منتصف عام 2019.
وحسب تحليل نشرته، أمس أسبوعية «القلم» الموريتانية الاستقصائية الصادرة بالفرنسية «فإن حزب الاتحاد من أجل الحاكم في موريتانيا سيبذل جهودًا لإدخال المليون منتسب، التي أعلن عنها ضمن أصواته في الانتخابات المقبلة ليحصل عبر ذلك على أغلبية ساحقة. وتضيف «الصحيفة « في تحليلها: «مع أن النظام سيستخدم الإدارة والجيش وقوات الأمن، فالمتوقع ألا يحصل إلا على نتائج هزيلة قياسًا على ما حدث في الاستفتاء عام 2017، الذي كانت المشاركة فيه ضعيفة للغاية».
وتابعت الصحيفة: «على المعارضة أن تخوض الانتخابات المقبلة بشجاعة ودقة في التصرف لأنها تواجه نظامًا سيستغل ماكينته التزويرية دون تورع، كما هو الحال في إفريقيا، مستفيدًا من تمالؤ الإدارة».
«إن على المعارضة، تضيف الصحيفة، أن تعري إنجازات النظام التي يتبجح بها وأن تظهر عجز الحكومة في جميع المجالات وهو عجز واضح، كما يمكن للمعارضة أن تستغل في معركتها ضد النظام اعتقالاته للسياسيين المعارضين مثل السيناتور ولد غده والحقوقي بيرام ولد الداه».
القدس العربي