استخدم عضلاتك لتخفف غضبك

15 أغسطس, 2018 - 09:52

بات البحث عن متنفس للتخلص من الشعور بالغضب والتوتر هدفا لكثير من الشباب اللبناني الرازح تحت ضغوط الحياة اليومية، في بلد يغرق بكل أنواع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

للتعاطي مع هذا الواقع، تحولت بلدة فقرا في جبل لبنان إلى مقصد لكثير من المواطنين، لاحتضانها حدثا مميزا وفريدا من نوعه.

غرف صغيرة متلاصقة شكلت مكانا مناسبا لتنفيس الاحتقان، حيث توضع داخل كل واحدة منها تلفزيونات وحواسيب ومعدات كهربائية وغيرها بهدف تحطيمها.

وإلى إحدى هذه الغرف يدخل الشاب اللبناني جاك أرويان مرتديا ثيابا مخصصة للحماية، قبل أن ينهال بمطرقته على قطع كهربائية لتكسيرها.

قبل ثمانية أشهر تقريبا أطلقت مجموعة من الشباب اللبناني مبادرة تحت عنوان "كسِّر"، تهدف إلى تخفيف الغضب الذي يعيشه الشباب اللبناني من جهة وإلى إعادة تدوير النفايات من جهة أخرى.

ويقول أرويان إنها التجربة الأولى له واصفا الفكرة بالجيدة والجديدة، ويضيف للجزيرة نت "أن من يريد التخلص من الضغوط يمكن أن يأتي إلى هذا المكان كي "يفش خلقه"، ويقوم بتكسير ما يشاء أفضل من أن يقوم بتفريغ غضبه في مكان آخر.

واعتبر أرويان أن كل شيء في لبنان يستدعي التوتر، لكنه أردف أن هناك حلا لكل مشكلة، ويرى أن ممارسة التكسير في هذا المكان هي من الحلول، داعيا الجميع إلى الهدوء.

آلية جديدة
بدوره اعتبر الطالب الجامعي هماياغ بارتانيان أن "مبادرة كسِّر" تشكل مفهوما جديدا وطريقة للتخلص من الغضب، فضلا عن كونها تدفع الناس إلى التفكير بإعادة تدوير النفايات.

وذكر بارتانيان للجزيرة نت أن معظم المواطنين اللبنانيين يعانون من الأوضاع السيئة على مختلف المستويات، معتبرا أن الطبقة السياسية قضت على كلّ أمل بتحسن الأوضاع.

وأضاف أن السياسيين يمتنعون عن تلبية احتياجات الناس بدءا من تأمين الطرقات الجيدة ووصولا إلى العجز عن معالجة النفايات وإيجاد حل جذري متكامل لها.

وقال بارتانيان إن أكثر ما يحتاجه الشباب اللبناني اليوم هو فرص العمل والحياة الكريمة لضمان مستقبلهم والعدول عن الهجرة إلى الخارج.

وبحسب غريس دياب العضو في المبادرة فإن " كسّر" لا تسعى إلى الشغب أو الفوضى، بل للتخفيف من هموم الحياة اليومية التي يرزح تحتها كثير من الشباب اللبناني في الوقت الراهن.

واعتبرت دياب أن هدف النشاط الأساسي أيضا تفريغ الغضب والحفاظ على الطبيعة ونظافة البيئة، من خلال المساهمة في إعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى أشياء يمكن الاستفادة منها كالطاولات والكراسي وغيرها.

استدامة البيئة
وأوضحت للجزيرة نت أن مشروع "كسّر" يقوم على جمع النفايات الإلكترونية كأجهزة التلفاز والمواد البلاستيكية والزجاج، ونزع القطع المؤذية للبيئة منها.

وبعد التكسير تُسلم البقايا إلى جمعية "استدامة" البيئية كي تعيد تدويرها. وأشارت إلى ارتفاع نسبة استجابة الناس مع هذه النشاطات يوما بعد يوم.

بدورها قالت ماريا دولوريس جبرايل إن الكثير من الشباب رحبوا بهذه الفكرة وهم يواظبون على المشاركة في كل نشاطاتها.

وأكدت ماريا التصميم على الاستمرار في هذه النشاطات رغم المعوقات، مشيرة إلى صعوبة إقناع الناس بأهمية إعادة تدوير النفايات.

وإذا كانت مبادرة "كسّر" تأتي في سياق حصر التوتر والتخفيف من وطأة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تؤرق المواطن اللبناني، فإن الحلول المقترحة لمعالجة النفايات لا تزال موضع جدل وهي تلقى الكثير من الاعتراضات والانتقادات حول مدى فعاليتها وجدواها.