أعلنت السلطات الإدارية بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، أخيراً، إنشاء هيئة تسمى "هيئة موريتانيا الخيرية بدون تسول"، تهدف إلى محاربة ظاهرة التسول المنتشرة في البلد من خلال وضع استراتيجية وطنية تراعي كافة الجوانب الموضوعية والذاتية للمتسولين يتم في إطارها إعداد دراسة شاملة عن واقعهم وتحديد عددهم.
وعقد ولاة ولايات نواكشوط الثلاثة اجتماعا نهاية يوليوالماضي، أعلنوا خلاله إنشاء الهيئة، ووضع استراتجية تشمل تقديم تصور حول الطرق المثلى لإقلاع المتسولين عن هذه الظاهرة من خلال برامج تكوينية، ومشاريع مدرة للدخل، واكتتاب بعض المتسولين برواتب شهرية.
وأضافت الجهات الرسمية، أن المتسولين سيتم توزيعهم على عدد من المشاريع (بحسب معطيات الدراسة التي ستحدد واقع كل واحد منهم)، مشددة على أن إنشاء هذه الهيئة يشكل استجابة حقيقية لتطلعات فئة المتسولين وبديلا جديا لهذه الظاهرة غير اللائقة.
وانتشرت ظاهرة التسول في العاصمة نواكشوط، وكبريات المدن الموريتانية الأخرى، في ظل التحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد، كما زاد غياب التوعية من انتشار الظاهرة التي باتت تشوه بكثرة كافة شوارع وأزقة المدن، وفي المراكز العمومية، وداخل المساجد، وعند بوابات الإدارات العمومية.
وتبلغ نسبة الفقر في موريتانيا ـ بحسب آخر إحصائية رسمية ـ 31 بالمائة، من مجموع السكان، أي ما يعادل 1.1 مليون فقير موريتاني، بعد أن كانت النسبة عام 2001، تقدر بــ 51 بالمائة.
ويرى الباحث الموريتاني، أحمد ولد أمحمد، أن جهود الحكومة لمكافحة التسول لا تزال دون المستوى المطلوب، مشددا على فشل كافة الاستراتيجيات المتبعة لمكافحة الظاهرة، وتوقف البرامج الحكومية المعدة للتصدي لها دون تحقيق النتائج المرجوة من ذلك".
ويقول ولد أمحمد لـ "العربي الجديد"، إن فشل استراتيجيات مكافحة التسول في البلد جعل المتسولين يغادرون مراكز الإيواء التي خصصتها الحكومة لهم بحثا عن رزقهم في الشوارع، مشيرا إلى أن استمرار غياب خطة رسمية لمواجهة الظاهرة يدفع بالمزيد من الأطفال من ضحايا التفكك الأسري إلى ممارسة التسول في عمر مبكر.
ويطالب ولد أمحمد الحكومة بوضع استراتيجية ناجعة تمكّن من وقف انتشار الظاهرة، وتضع في الأولوية توفير حياة كريمة للمنشغلين بالتسول، عن طريق توفير رواتب ومخصصات شهرية، إضافة إلى توفير التكوين ودمج المستفيدين منه في بعض القطاعات.
وتؤكد الجهات الرسمية في موريتانيا، أن هيئة مكافحة ظاهرة التسول الجديدة ستستفيد من مختلف التجارب الوطنية الماضية في هذا المجال، من أجل تجاوز مختلف العراقيل التي قد تقف في وجه القضاء عليها بشوارع العاصمة.
وتعتبر السلطات الإدارية في العاصمة نواكشوط، أن "هيئة موريتانيا الخيرية بدون تسول"، تحمل في مضمونها أبعادا إنسانية، ووطنية، وأخلاقية، ودينية.
ويوضح الأمين العام للهيئة الجديدة لمكافحة التسول، الإمام شغالي ولد محمد المصطفى، في تصريح صحافي، أن الموقف الشرعي من ظاهرة التسول يعتبرها مظهرا غير لائق، مشددا على أن الهيئة ستكشف في القريب العاجل عن أهدافها ونظامها الداخلي.
وتشهد ظاهرة التسول انتشارا واسعا في الوسط الحضري، وخصوصا في العاصمة نواكشوط، وسط غياب تام للقطاع الوصي على مكافحتها، وعدم قدرة الحكومة على وضع مقاربة جادة لاحتواء الظاهرة التي باتت تشكل عبئا ثقيلا عليها بسبب تفاقمها وانتشارها في كافة المدن.
العربي الجديد