مدينة إثيوبية تسمى "هرر"، تتميز بتاريخها الإسلامي العريق وبسمعة أهلها الذين يعيشون في تسامح ووئام، ظلت محرمة على غير المسلمين إلى أن ضمتها إثيوبيا إليها عام 1887.
الموقع
تقع مدينة هرر في إقليم يحمل الاسم نفسه في أقصى شرق إثيوبيا، بطريق يمتد من المدينة باتجاه الأراضي الصومالية، وهو من أصغر أقاليم البلاد مساحة وسكانا. تبعد عن العاصمة أديس أبابا بنحو 500 كلم.
السكان
يبلغ عدد سكان هرر قرابة 210 آلاف نسمة من أصل أكثر من 102 مليون نسمة، وفق تعداد عام 2012، يعيش أغلبهم في المدينة.
التاريخ
عرفت هرر قبل ثلاثة قرون باسم مدينة "أبادر"، ويعود تاريخها إلى القرن العاشر الميلادي، وهي من أقدم مدن شرق أفريقيا، ويعد المستكشف البريطاني ريتشارد بورتن أول من دخل المدينة عام 1854 وكان متنكرا، حيث كانت محرمة على غير المسلمين.
استمرت هرر إمارة إسلامية لا تتبع لسلطة إثيوبيا حتى عام 1887 عندما ضمها الملك الإمبراطور مينيليك الثاني إلى إثيوبيا، لتبدأ حقبة جديدة في تاريخ المدينة، حيث فتحت أبوابها أمام المسيحيين الإثيوبيين من إثنيات مختلفة وكذلك للأجانب.
الاقتصاد
تميزت هرر بنظام تجاري وبمنتجات حرفية مشهورة، وأصبحت في القرن السادس عشر الميلادي مركزا تجاريا كبيرا بفضل وجودها على طرق التجارة مع بقية إثيوبيا.
وتشتهر المدينة بالبن الذي يعد أجود الأنواع في إثيوبيا، إلى جانب القات (نبات يتم مضغه).
كما أن هرر تتميز بتقليد إطعام الضباع من قبل السكان عند أبواب المدينة، حيث يضعون الطعام في طرف عصا قصيرة يمسكونها بالفم ليقترب الضبع كثيرا منهم ويلتقط الطعام. ويمثل هذا التقليد نقطة جذب سياحية.
المعالم
تحتوي هرر على معالم عديدة، تجسد التاريخ الإسلامي للمدينة، أبرزها سور يعرف بـ"جقال" شُيد بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر الميلادي، واكتمل في عهد الأمير نوري (1559-1567)، وقد حافظ على هوية شعب الهرر، الذي يعيش داخله في وئام وتسامح.
وللسور خمس بوابات لا تزال قائمة، كانت تفتح في تلك الفترة على المحاور الخمسة المؤدية إلى المدينة، وترمز الأبواب الخمسة إلى الصلوات الخمس التي يؤديها المسلم يوميا، وتحمل أسماء: باب السلام، والنصر، وبدر، والرحمة، والبحر الأحمر، وكان فوقها 24 برجا للمراقبة لم تعد موجودة.
على أحد أبواب السور توجد عبارة "يا الله النصر"، وداخل السور، وتحديدا على جدران مداخل الأزقة الضيقة، توجد كتابات أخرى تشير إلى ثقافة عربية عريقة نهلت منها المدينة.
كما تحتوي هرر على 99 مسجدا، وتعود ثلاثة منها إلى القرن العاشر الهجري، وعلى رأسها المسجد العتيق المعروف بمسجد جمعة، الذي جرى ترميمه وتحديثه فأصبح تحفة جميلة وسط مباني المدينة العتيقة، التي تتنوع ألوانها بين الأصفر والبنفسجي والأخضر وغيرها.
وتضم المدينة كذلك 102 ضريح لـ"أولياء"، إضافة إلى مركز للدراسات الإسلامية، ومتحف يحتوي عددا كبيرا جدا من موروثات الحضارة الإسلامية الهررية القديمة.
وقد جرى إدراج هرر بسورها العتيق على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي عام 2006 إثر منح المنظمة هرر جائزة السلام لعامي 2002 و2003، بفضل تعزيزها قيم السلام والتسامح والتضامن الاجتماعي عبر الحياة اليومية لشعب الهرر.
المصدر : وكالة الأناضول