نواكشوط– عربي21– محمد ولد شينا: شهد العالم 2017 تحولات غير مسبوقة بموريتانيا، عقب قرارات صعبة أقدم عليها رئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز، وسط انقسام سياسي حاد.
بدأ الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز قراراته الصعبة هذه منتصف العام 2017 بعرض تعديلات دستورية جوهرية على البرلمان، غير أن مجلس الشيوخ أسقط تلك التعديلات بعد تصويت غالبية أعضاءه ضدها، وهو ما أثار غضب الرئيس، الذي أعلن بعدها في تصريحات مضيه قدما في تمرير تلك التعديلات التي تمس رموز البلاد السيادية.
فقد دعي الموريتانيون في آب/ أغسطس الماضي لاستفتاء دستوري من أجل تمرير تلك التعديلات التي تضمنت تغيير علم البلاد ونشيدها الوطني وإلغاء غرفة مجلس الشيوخ البرلمانية ودمج عدد من المجالس الدستورية.
ورافقت الحملة التي قادتها الحكومة لتمرير تلك التعديلات موجة احتجاجات واسعة في الشارع الموريتاني قادها ائتلاف أحزاب المعارضة الرئيسية الذي رفض بشكل قاطع الاعتراف بنتائج الاستفتاء الدستوري وكل ما ترتب عليها، واعتبر تغيير علم ونشيد البلاد محاولة لتفكيك الوطن وزرع بذور خلافات جديدة.
وظلت قوى المعارضة الرئيسية تحرك جماهيرها طيلة الأشهر الأخيرة من العام 2017 ضد ما سمته محاولات العبث بماض البلاد ورموزها الوطنية دون مبرر، غير أن الحكومة استطاعت في النهاية تمرير تلك التعديلات الدستورية، ودعت قوى المعارضة للاعتراف بالأمر الواقع.
مع نهاية العام 2017 أصبحت موريتانيا بعلم ونشيد جديدين وببرلمان من غرفة واحدة، وقبل أسبوعين من حلول العام الجديد 2018 اتخذ الرئيس الموريتاني القرار الأصعب بتغيير قاعدة العملة الوطنية (الأوقية) من خلال إزالة صفر من كل وحدة، بالإضافة لإصدار أوراق وقطع نقدية جديدة، إذ أن ورقة 100 أوقية أصبحت 10 أواق و1000 أوقية ستكون 100 أوقية وهكذا.
ومن المقرر أن يبدأ العمل بالعملة الجديدة فاتح يناير 2018، ويصاحب ذلك سحب جميع الأوراق النقدية والعملات المعدنية المتداولة حاليا والاستعاضة عنها بالأوراق والقطع النقدية الجديدة.
ورأت أحزاب المعارضة في بيانات وتصريحات عديدة أن القرار الجديد بشأن العملة الوطنية (الأوقية) مجرد محاولة لحجب تراجع قيمة الأوقية والتضخم الذي تشهد سوق البلاد، معتبرين أن القرار كان ارتجاليا وغير مدروس ولا مبرر.
وتسببت القرارات القوية التي اتخذها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال العام 2017 في انقسام سياسي كبير في البلاد، وشكلت عناوين صراع وجدل بين قوى المعارضة الرئيسية وأحزاب المولاة من الراجح أنه سيستمر حتى منتصف عام 2019 موعد الانتخابات الرئاسية التي ستكون حاسمة بشأن مستقبل البلاد السياسي.
فيرى متابعون أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون فاصلة، فإما أن يوفي الرئيس الحالي ولد عبد العزيز بتعهده بعدم الترشح لهذه الانتخابات وفي هذه الحالة سيعود الهدوء السياسي للبلاد، وإما أن يلجأ لتعديل دستوري جديد يتح له الترشح لولاية رئاسية جديدة وحينها ستتعقد الأزمة السياسية وتعود لمربعها الأول.
وفي العموم سيكون العام 2018 الأصعب على الشعب الموريتاني نظرا للجفاف الذي بدأ يضرب أنحاء واسعة من البلاد جراء النقص الكبير في هطول الأمطار خلال موسم الخريف.
ويتطلع الموريتانيون لأن تتخذ الحكومة مع بداية العام الجديدة إجراءات للحد من آثار الجفاف، في ظل اعتماد غالبية سكان البلاد على الثروة الحيوانية التي تشكل أساس اقتصاد البلاد.