بعد مرور ثلاثين عامًا على عملية الاغتيال التي خطط لها الموساد الإسرائيليّ وقامت بتنفيذها سرية النخبة (ساييرت مطكال)، اعترف وزير الأمن الإسرائيليّ السابق موشيه يعلون أنّه تولى الإجهاز على خليل الوزير أبو جهاد، أحد كبار قيادات حركة فتح، في عملية اغتياله في تونس.
وروى يعلون في حوار أجراه معه التلفزيون الإسرائيليّ شبه الرسميّ (كان)، أنّ القصة بدأت في آذار (مارس) عام 1988، حينما كلف جهاز الموساد الإسرائيلي باغتيال أبو جهاد، لكنه لم يتمكن من ذلك، وجرى تحويل المهمة إلى الاستخبارات العسكرية، وهنا تمّ إعطاؤنا معلومة أنهم عرفوا مكانه.
وسرد الوزير الإسرائيليّ السابق أحداثًا مفصلية عن ذلك الاغتيال الشهير قبل 29 عاما، مشيرًا إلى أنّ قطعًا من الأسطول الإسرائيلي أبحرت 4 أيام في المتوسط إلى شواطئ تونس، ونزلت المجموعة المكلفة بالاغتيال إلى الشاطئ، ثم انتظرت حتى التأكد من وجود أبو جهاد في منزله.
يعلون أعلن بكلّ وضوح، أنّه بعد أن دخلت الفرقة وأطلقت النار على أبو جهاد، صعد بنفسه إلى مكان الاغتيال، وأطلق رصاصة على رأس أبو جهاد للتأكد من مقتله.
يذكر أن خليل الوزير “أبو جهاد”، كان قد اغتيل في 16 أبريل (نيسان) عام 1988، بواسطة فريق إسرائيلي يتكون من 20 شخصًا. ومجموعة الاغتيال وصلت إلى تونس رفقة أربع سفن وغواصتين، وبمساندة زوارق مطاطية وطائرتين مروحيتين.
نزل الإسرائيليون على شاطئ قرب ميناء قرطاج، شمال تونس، وبعد أنْ وصل خليل الوزير إلى منزله، تخلصوا من حراسه في الثانية فجرًا، وتوجهوا إلى غرفة نومه، وأطلقوا عليه سبعين رصاصة، ويبدو أنّ إحداها تعود إلى موشيه يعلون.
وكان يعلون قال سابقًا خلال لقاء له مع رجال الأعمال في بئر السبع إنّ إسرائيل درست أكثر من مرة مسألة اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وتمت التخلي عن هذه الفكرة فقط بسبب حسابات “الربح والخسارة”، على حدّ تعبيره.
ففي رده على سؤال أحد الحضور قال موشيه يعلون بصراحة لا تقبل التأويل: لماذا لم نغتال عرفات؟ إنّه سؤال يستحق النقاش، وتابع: لقد ناقشنا هذه المسألة في الماضي لكن بسبب حسابات الربح والخسارة قررنا عدم القيام بذلك.
يعلون، وفي كتاب أصدره بعنوان (درب طويل قصير)، كشف النقاب عن أنّ إسرائيل كرست جهودًا كبيرة لاستهداف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، خلال اجتياح بيروت عام 1982 لكنها فشلت في رصده، إلّا في يومه الأخير وهو يستقل السفينة التي أقلته والمقاتلين الفلسطينيين إلى تونس، وأنّه شارك في حرب لبنان الأولى قائدًا للوحدة الخاصة التابعة لهيئة الأركان (سيرت متكال) التي أنيطت بها مهمة البحث عن عرفات، وأنّ الوحدة لم تتمكن من رصده في بيروت الغربية طيلة الحرب سوى في يومه الأخير في بيروت، حيث رصدته بندقية قناص وهو يعتلي السفينة في ميناء بيروت عن بعد 180 متراً ما مكننا من استهدافه بشكل مؤكد، لكننا لم نحصل على مصادقة قيادة الجيش على إطلاق النار عليه، قال يعلون في كتابه.
وزعم يعلون أنّ الرئيس الراحل استخدم اتفاق أوسلو كمحطة في طريقه لإبادة إسرائيل، حيث تبنّى نظرية “خيوط العنكبوت” قبل السيد حسن نصر الله والرئيسين الإيراني أحمدي نجاد والسوري بشار الأسد. وفي استعراضه لمسيرة الصراع مع الفلسطينيين ومحاولات التسوية، لفت يعلون إلى أنّ الرئيس عرفات لم يعترف بإسرائيل كدولة يهودية ولم يتخل عن خطته المرحلية للإجهاز عليها، حيث اعتبر اتفاقية أوسلو مجرد محطة فيها.
ويؤكد يعلون الذي شغل رئاسة الاستخبارات العسكرية (أمان)، على أنّ عرفات لم يتنازل عن ثقافة المقاومة ولم يدفع نحو تسليم الفلسطينيين بإسرائيل، حيث واصل عرفات بلاغته الجهادية فتحدث بالانجليزية عن “سلام الشجعان” وبالعربية تحدث عن مواصلة الكفاح والجهاد، والدليل على ذلك أنّ برامج التعليم والخرائط الفلسطينية بعد أوسلو ظلت تعتبر تل أبيب مستوطنة كمستوطنة ألون موريه في الضفة الغربية، فيما اعتبرت حيفا مدينةً فلسطينيّةً.
المصدر: رأي اليوم