منذ مدة وأنا أراجع مواقفي.. فترة مستقطعة كنت خلالها الحاضر الغائب عن كل ما يجري داخل الساحة السياسية المحلية من صراعات بعضها سياسي وما تبقى – وهو الغالب- بيني براغماتي بامتياز..
لم أكن أظنني منحازا إلى طرف عن غيره لأن من أتقاسم معهم التوجه والفهم السياسي لم يصنفوا يوما أنفسهم طرفا في أي لعبة سياسية أو بينية تقتضي الدسائس والمكر والخداع... بل على العكس ، كانوا ينظرون إلى النظام على أنه مكون واحد تجزئته يكمن فيها زواله....
لقد عملنا معا ودون تقصير على مد النظام بالأفكار والمعلومات التي نرى أنها كفيلة بترسيخ جذوره سياسيا وشعبويا، وعملت شخصيا وخلال سنوات عدة على توفير غطاء إعلامي فاعل لتك الحملات المجانية النابعة من قناعة تامة واقتناع راسخ – وإن كان بعضنا وأنا من بينهم لم يلتق رئيس الجمهورية أكثر من ثلاث مرات طيلة المأموريتين-..
جهود ليس من بيننا نادم عليها، بل على العكس نعتبرها مرآة تعكس حجم ولائنا للوطن ولنظامه المنتخب، ولم يصدر منا – إلا قليلا- أي تصرف يدل على امتعاض أو اعتراض لتهميش بعضنا...
إلا أن المعطيات على الساحة السياسية فرضت علي العودة – وإن بشكل شخصي جدا- وخصوصا في هذه الفترة التي نحن أحوج فيها إلى التكاتف والاصطفاف جنبا إلى جنب، والتي تشهد تشرذما لم يسبق له مثيل في تاريخ الأنظمة في البلد، فالسباق تحول من ولاء للوطن ورئيسه المنتخب إلى صراع حول الوظائف عن طريق التخندق مع لوبيات يأكل بعضها بعضا، فتحول التعيين والتجريد إلى مجرد أرقام تحسب لصالح هذا على حساب ذاك أو العكس، دون أن يكون للكفاءة أو الموالاة أي نصيب..ليتحول الصراع من سياسي فكري إلى بيني براغماتي محض...
صراع تضررت منه شخصيا بغض النظر عن مدى تضرر النظام، فكلما لاح في الأفق تعيين أو حتى وظيفة بسيطة كان عدم انتمائي للوبي على حساب الآخر إضافة إلى ضريبة مصاهرة الرئيس – ولو بمجرد الاسم العائلي- مبررا للرفض ومطية للإبعاد..
ومتأخرا فهمت أن لا محل لي من الإعراب في جملة النظام الحالي.. إلا إذا فعلتها وبكيت تحت أقدام أحد رموز اللوبيات النافذين.. ولا أظنني سأفعل..
بقلم: بادو ولد محمد فال أمصبوع