اعتبر مراقبو الشأن السياسي الموريتاني أمس أن التعديل الجزئي الذي أجراه الرئيس الموريتاني في الحكومة، الذي أُقيل فيه أو استقال وزير العدل إبراهيم داداه، «مجرد مقدمة لتغييرات واسعة قد تشمل الحكومة برمتها والوظائف الكبرى في الدولة».
ونقل الرئيس الموريتاني بمرسوم أصدره مساء الأربعاء جاء مختار ملل من وزارة التشغيل والتكوين المهني وتقنيات الإعلام والاتصال، إلى وزارة العدل التي أقيل منها أو استقال إبراهيم ولد داداه، كما نقل في المرسوم نفسه سيدنا عالي ولد محمد خونا من منصب الوزير الأمين العام للرئاسة إلى وزارة التشغيل وتقنيات الإعلام والاتصال.
وكان اللافت في هذا التعديل هو الإبقاء على منصب الوزير الأمين العام للرئاسة شاغرا، حيث لم يعين الرئيس فيه شخصا لحد ظهر يوم أمس، مع أنه منصب يلي منصب رئيس الوزراء في الأهمية وفي السلم الرسمي للدولة. وتركزت تعليقات الصحف وتدوينات المدونين على خروج إبراهيم ولد داداه من الحكومة بين من يقول بأنه أقيل ومن يقول بأنه هو الذي استقال لخلافات مع الوزير الأول يحيى ولد حدامين، وأن استقالته هي التي جعلت الرئيس يجري هذا التعديل بطريقة استعجالية قبل تنضيج التعديل الموسع للحكومة المنتظر منذ أشهر.
وتساءل محمد الأمين الفاضل المحلل السياسي البارز عن أسرار هذا التعديل قائلا «هل استقال وزير العدل؟ وهل استقالته كانت مفاجئة وتسببت في تأخير تعيين وزير أمين عام للرئاسة كل هذا الوقت؟».
ثم أجاب ولد الفاضل على تساؤلاته قائلا «بالنسبة لي سيبقى وزير العدل هو ذلك المحامي الذي لم يمنعه تخصصه ولا سنه من أن يكون من أوائل المروجين لولاية ثالثة من داخل قبة البرلمان، ولذلك، ومهما فعل هذا الرجل فإنه يجب أن يبقى، حسب وجهة نظري المتواضعة، خصما لكل من يطمح إلى ديمقراطية حقيقية وإلى بناء دولة مؤسسات».
«ولكن كل ذلك لا يعني، يضيف الفاضل، أنه علينا أن نتجاهل استقالة الرجل إن كان قد استقال فعلا، فالاستقالة في هذه البلاد ستبقى من الناحية الخبرية والتحليلية حدثا مهما يستحق أن نتوقف عنده بشيء من التغطية والتحليل».
أما صحيفة «لرنوفاتير كوتديان» المستقلة فقد علقت على التعديل مؤكدة «أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يكد يعود للعاصمة من ترؤسه احتفالات الاستقلال في كيهيدي، حتى بادر بتعديل الحكومة، فأقال إبراهيم ولد داداه من وزارة العدل وأسندها للوزير جا مختار ملل، كما أنه جرد سيدنا عالي محمد خونه من وزارة الأمانة العامة للرئاسة ليعينه وزيرا للتشغيل». وأضافت الصحيفة «منذ عدة أشهر والإشاعات تتداول حول احتمال توجيه قصف لفريق يحيى ولد حدامين الحكومي: فهل جاء التعديل الجزئي أمس ليكون مقدمة لما هو قابل؟، مهما كانت الإجابة فإن الأمر يثير تحليلات وتعليقات كثيرة». وتابعت صحيفة «لرنوفاتير كوتديان» تحليلها للتعديل الوزاري قائلة «هل سبب خروج العميد إبراهيم ولد داداه من الحكومة هو فقط، بلوغه سن التقاعد كما يرى بعضهم، أم أنه استقال من الحكومة بسبب تداعيات قضية ولد امخيطير الكاتب المسيء للرسول عليه السلام؟ أم بسبب موقفه من مجموعة القضاة الذين تجب معاقبتهم لارتكابهم أخطاء فظيعة؟».
«أما وراثة مختار ملل لوزارة العدل التي هي وزارة خطيرة من وزارات السيادة، فإنها تستوجب من الوزير تغيير أسلوبه وأن يتسلح لتسيير قطاع بالغ الحساسية لم يتعود تسيير قطاع مثله فيما مضى من تجربته الحكومية، ويظل السؤال المطروح هنا هو كم سيقضي مختار ملل في وزارة العدل؟».
«وتوقفت الصحيفة عند نقل سيدي عالي من الرئاسة لوزارة التشغيل معتبرة «أن ولد محمد خونه فقد موقعا أهم من موقعه الجديد وسيكون على الرئيس أن يصدر من حين لآخر مرسوما لملء الفراغ في الوزارة المكلفة بالأمانة العامة لرئاسة الجمهورية».
وتوقعت صحيفة «لرنوفاتير كوتديان» أن يعيد الرئيس ولد عبد العزيز صديقه القديم ولد محمد الأغظف لهذا المنصب الذي كان قد أقاله منه قبل أشهر»، مشيرة «إلى أن وجود الأغظف إلى جانب الرئيس في احتفالات الاستقلال تؤكد تقاربا بينهما وهو ما يجعله الأكثر تأهلا لتولي منصب الأمين العام للرئاسة، أو ربما قد يأتي الرئيس بشخص جديد لهذا الموقع الذي سيكون على من سيتولاه مسئولية التحضير لانتخابات 2019 بما تحمله من تعقيدات كبيرة». ويعود تأريخ آخر تعديل في الحكومة الموريتانية لشهر فبراير / شباط من العام الماضي وقد شمل خمس حقائب بينها وزارة الخارجية.
القدس العربي