لأول مرة... حقائق غير معروفة عن العقيد معمر القذافي..

4 نوفمبر, 2017 - 15:15
رضا يوسف احمودى

فى السنوات الأخيرة سعدت كثيرا بالحديث مع ثلاث شخصيات ليبية مقرّبة من العقيد معمّر القذّافى.

  1ــ الشخصيّة الاولى خبير نفطيّ دوليّ … درس مع سيف الإسلام وكان مقرّبا منه … هاتفنى فور نزوله الى العاصمة قادما من أوروبا … إلتقينا بفندق بالبحيرة … فندق مقصد لكلّ من زيدان وجبريل والسراج والصّلابى وغيرهم من ساسة ليبيا … تحاورنا ساعات وحينها أقتعنى بمنطق العلّة والمعلول بأن حفتر هو من سيحكم ليبيا فى السنوات القادمة … نشرت بعدها مقالا عنوانه : ليبيا ستتحفتر.

وسط الحوار مدّنى بهاتفه النقّال مقترحا عليّ التواصل مع ابن الرئيس جمال عبد الناصر الضابط السّامى بالبحرية المصريّة … رفضت ذلك بأدب رفضى لطلب صديق جزائرى شرب قهوة مع الرئيس لمين زروال ونحن على بعد أمتار من منزله بباتنة رغم ما أكنه من احترام شديد ومحبّة لهذا الصقر الشاوى مهندس المصالحة التى أنهت فى الجزائر ما تشهده ليبيا اليوم.

2 ــ الشخصيّة الثانية خبير مالي كان على رأس مؤسّسة ماليّة بليبيا … التقينا فى مقهى بالبحيرة … زيادة على مستواه العلمى الفائق وثقافته الواسعة يتحلّى هذا المسؤول بشجاعة كبيرة … فور اندلاع الإحتجاجات بتونس أرسل رسالة شفاهيّة للعقيد القذافى عبر أبو زيد عمر دوردة مفادها ان ليبيا تغلى ولا بدّ من اعلان اصلاحات فورية وتنازلات شجاعة … ذكر لو تستقر ليبيا سنتين ستعود أفضل مما كانت عليه لكثرة مواردها وقلّة سكّانها.

3 ــ الشخصيّة الثالثة خبير قانونيّ وشخصيّة سياسيّة مهمّة … أزهريّ الدّراسات العليا … قويّ الشخصيّة ودائم الاستشهاد بالقرآن الكريم والسنّة … فور اندلاع الأحداث بليبيا أرسل الى العقيد مكتوبا ناريّا ينتقد فيه السياسة الداخلية لليبيا مع دعوة للإصلاح الفوري … عدد من رجال الخيمة غاضتهم الرسالة وتوقّعوا إعدامه لكنهم تفاجؤوا عندما وقعت ترقيته وتكليفه بمهمّة حسّاسة يبدو أن السّيد مازال يشغلها الى الآن بالمنفى.

ما لفت انتباهى فى الشخصيات الثلاثة هو وفائهم وحبّهم للعقيد مع اعترافهم باخطائه التى أدّت بليبيا الى ما هي عليه اليوم … يتقبّلون نقد الطّرف المقابل ان لم يكن حقودا وعدوانيّا ويتحوّلون الى كواسر ومدافعين شرسين عن أخطاء القذّافى عندما يشتمّون عند الآخر رائحة التّحامل أو البغض.

من حوارى معهم عرفت حقائق عن العقيد لم تنشر فى الماضي وهي:

ــ عندما استدعى العقيد مجموعة من الحسناوات الايطاليات فى روما وخطب فيهن ووزّع عليهن القرآن الكريم كان ذلك فى تاريخ نفس يوم تعمّد فيه الطّليان إجبار نساء ليبيات على مراقصتهم فى نادى الضبّاط بطرابلس زمن الاستعمار.

ــ عندما شاهد العقيد نهاية فيلم عمر المختار وعلم بسقوط نظّارته عند اعدامه أقسم انه لو كان يعلم بذلك لأجبر كلّ عسكرى ايطالى على خلع نظارته وتركها بالميناء عند جلائهم من ليبيا.

ــ عندما منع العقيد الخمر بليبيا وسمح به فقط للأجانب والسّفارات والشركات النفطيّة كان الرّائد عبد السّلام جلّود يدمن النبيذ حدّ السّكر والعربدة السياسية … تسائل العقيد من اين يأتى عبد السلام بالخمر ؟ … حينها تفطّن وانّه لجلّود علاقات خفيّة مع أجانب كانت أحدى أسباب إبعاده عن الخيمة.

ــ رواية العقيد “الهروب الى جهنّم” والتى وصف فيها طريقة وفاته كأنه شاهد عليها … جهنّم فى الرواية تعود الى منطقة “قارة جهنّم” وهي منبسط به وادى وتقع فى ضواحى سرت حيث كان العقيد يقضّى الأيام والليالى متأمّلا زاهدا ومتعبّدا … من “قارة جهنّم” خرجت أغلب قرارات العقيد.

ــ عند سؤالى لأحدهم عن دمويّة العقيد نفى ذلك وذكر ان الاعدامات تنفّذ بعد محاكمات والحالات التى جدّت بليبيا كانت من فعل اللجان الثورية دون عودة للعقيد.

ـــ عند إلتقاء أحدهم بالشيخ راشد الغنوشي تدخّلا لفائدة البغدادي المحمودى صرّح الشيخ بأنّه لن ينسى ثلاثة مزايا للعقيد عليه … أولا أنه أكرمه بليبيا واستضافه … ثانيا لم يهينه مطلقا في أي من خطاباته رغم أنه سليط اللّسان … ثالثا انه استجاب لطلبه العفو عن شخصين من الجماعة الاسلامية محكوم عليهما بالاعدام … عندها سأل الضّيف مضيّفه : لماذا اذا سلّمتم البغدادى المحمودى ؟ … ردّ الشيخ : ورطة أوقعنا فيها حمادى الجبالى.

رأيت نشر هذه الحقائق لما فيها من كشف لجزء هام من شخصيّة العقيد.

العقيد دمّر السّلطة بالكتاب الاخضر ثم دمّرته السّلطة بأوامر من دفع لهم بسخاء ووثق بهم.

العقيد انتهى منذ 1977 كما انتهى بورقيبة منذ 1970 وخطأه الكبير انه تشبّث بالحكم مدى الحياة ومهّد لتوريث لم يكن فى محلّه.

العقيد قارئ جيّد للتاريخ والدليل صدق أغلب توقّعاته المستقبليّة.

العقيد قارئ جيّد للفلسفة والأديان ولقصص حياة الكبار كغاندى وهتلر وغيفارا وديغول وتشرشل وجورج واشنطن … الخ.

العقيد كان يعتبر ليبيا اصغر منه لذلك لم يعر السياسة الداخلية اهميّة كبرى وركّز على مشاكسة الكبار كي يظهر امام العالم وشعبه كبيرا.

العقيد تدرّج من قائد الثورة الى امين القومية العربية الى القائد الاممى الثائر وصولا الي ملك الملوك.

العقيد رجل فكر وليس برجل دولة فلا هو بالسّياسي ولا بالعسكرى.

العقيد رجل سلطة بلا استراتيجيا ولا تكتيك.

العقيد بنى دولة هلامية فوضويّة تسلّى كثيرا بتفكيكها واعادة تركيبها.

العقيد شجاع وجرئ ومقدام ومات كما وعد شعبه.

بداية سقوط العقيد كانت حين وثق فى الغرب وسلّم لهم أسرار برنامجه النووي بنصيحة من صديقه بن على … لم يتّعض بتجربة صدّام حسين ولم يسلك الطريق الذى سلكته ايران وكوريا الشمالية مع غرب لا يرحم أعداء “إسرائيل”.

العقيد طرد الطّليان والامريكان والانقليز من ليبيا ليأتى بعده من يعيدهم الى البلاد قواّتا خاصة وطائرات بطيّار وبدونها وفرقاطة.

الفرق بين رجل السّلطة ورجل الدّولة كالفرق بين السّلطة والدّولة

“السّلفيّة الإسلاميّة” و”السلفيّة القوميّة” يخشيان التطوّر ويهابان النظام والوضوح والتخطيط.

لماذا عجزنا نحن العرب على بناء الدّولة الدّائمة والمستقرّة التى تتراكم انجازاتها في مناخ يسوده الأمن والعدل والتحضّر ؟

تونس

رضا يوسف احمودى

المصدر