عمل المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، منذ تأسيسه، على إحداث تناوب ديمقراطي حقيقي على السلطة في موريتانيا. ومن أجل ذلك بحث، ولا زال يبحث، عن التوصل الى توافق مع السلطة حول مشاركة فعلية في تسيير ومراقبة العملية الانتخابية، من أجل تنظيم اقتراعات شفافة وعادلة، في إطار مؤسسي يضمن حياد السلطات العمومية أثناء المنافسات الانتخابية. ولهذا الغرض، نظم العديد من اللقاءات العلنية والنقاشات غير العلنية مع ممثلي السلطة من أجل التوصل الى حوار جدي من شأنه أن يقود الى حل نهائي للأزمة السياسية التي تعرفها البلاد منذ 2008. ويظهر اليوم، من كل هذه التجارب، أن السلطة القائمة لم تجنح يوما للحوار، ولم تقبل شفافية الانتخابات، ولا العدالة بين المتنافسين السياسيين. إن الهدف الوحيد الذي ظلت تعمل لأجله هو تنظيم مسرحيات لإيهام الرأي العام أنها تحاور معرضيها لتخدع بعضهم.
كان ذلك هو حال حوار2011 الذي شارك فيه جزء من المعارضة، والذي لم يتوصل، رغم نتائجه المهمة على مستوى النصوص القانونية، لا إلى حل الأزمة السياسية، ولا حتى الى تطبيق الاتفاقات التي ابرمت بين السلطة ومحاوريها آنذاك. لقد شهدت الانتخابات التشريعية في 2013 والرئاسية في السنة الموالية، المنبثقة عن هذه المسرحية، استخداما وتجييشا غير مسبوقين لوسائل الدولة لصالح أنصار النظام. وقد أجمعت أحزاب المعارضة التي شاركت في هذه الانتخابات على شجب عدم شفافيتها وعدم صدقية نتائجها، إضافة الى تغييب عدد كبير من القوى السياسية الوطنية.
وكان ذلك هو الحال أيضا بالنسبة لمحاولة تنظيم حوار شامل في 2016، تلك المحاولة التي باءت بفشل ذريع رغم حسن نية المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة والجهود الكبيرة التي بذلها.
وقد اصطدمت المناقشات غير العلنية بين المنتدى والسلطة بتصلب مواقف هذه الأخيرة ورفضها الرد على اقتراحات المنتدى.
وفي الوقت الذي استعاد فيه الطرفان اتصالاتهما وضع رئيس الدولة، بصورة مقصودة، حدا لكل أمل في الحوار، عندما أعلن في الخطاب الذي القاه في مدينة النعمة، في مايو 2016، عن أجندة أحادية ونتائج مسبقة للحوار المزمع.
وهكذا، فإن الحوار الذي تم تنظيمه في سبتمبر وأكتوبر 2016 لا يمكن بحال من الأحوال وصفه بأنه شامل. فلم يزد على كونه تكرارا لحوار 2011: نفس الشكلية، نفس المحاورين تقريبا، ونفس الإصرار على تغييب الفاعلين الوطنيين. والأخطر من ذلك، كون النتيجة الوحيدة لهذا الحوار هي ما أعلنه رئيس الدولة أو ما اقترحه حزبه (الاتحاد من أجل الجمهورية): تغيير العلم، إلغاء مجلس الشيوخ، إلغاء محكمة العدل السامية، إنشاء المجالس الجهوية، الخ.
لقد شرح المنتدى بوضوح، ضمن العريضة التي قدمها للسلطة سنة 2015، أنه يرفض كل تغيير للدستور في الظرفية الحالية التي تطبعها أزمة سياسية عميقة. وفعلا، فإن مراجعة القانون الأساسي في جو يطبعه انفصام الحوار وانعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين لا يعدو كونه خطوة نحو المجهول. إن التوصل الى إجماع حول تنظيم انتخابات توافقية، وإقامة مؤسسات تمثل كافة الحساسيات في البلد، هو وحده الكفيل بخلق المناخ الهادئ والظروف الضرورية لنقاش بناء حول اصلاح بهذه الدرجة من الأهمية بالنسبة للحياة الوطنية.
إن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي ظل دائما يرغب في فتح حوار شامل حول كبريات القضايا المتعلقة بالحياة الوطنية، يعترف بأنه لا يزال من الضروري، عندما تتوفر الظروف، مراجعة القانون الأساسي، بحضور وبمشاركة كل قطاعات المجتمع الموريتاني. وكعادته فيما يخص كل المطالب المشروعة، تبنى النظام هذا المطلب، الذي يتقاسمه المنتدى مع قوى سياسية أخرى، واستخدمه لأغراض دعائية في الوقت الذي يعمل فيه على عكس الإصلاحات المطلوبة. لا يزال الجميع يتذكرون الخطاب البراق الذي أطلقه رئيس الدولة الحالي، والذي روج له أنصاره برعونة، إبان انقلاب 2008. ألم يخدع الشعب بشعارات جذابة مثل محاربة الفساد والحد من صلاحيات رئيس الجمهورية ومؤازرة الفقراء ...؟ كل هذه التعهدات بقيت حبرا على ورق، بل تحولت الى عكسها، طيلة الثماني سنوات الأخيرة. فعلا، لم تكن السلطة أكثر تركيزا في يد رئيس الدولة كما هي في ظل هذا النظام، ولم يكن البرلمان أكثر خضوعا للسلطة التنفيذية، ولم يكن الفساد أكثر ممارسة وافتضاحا، ولم يكن القانون أكثر انتهاكا، ولم تكن حالة المواطنين أكثر سوء بسبب انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار والبطالة وسوء الخدمات! كل الإصلاحات والبرامج السياسية التي يتبناها النظام لا تنفذ، حتى وإن كانت تلبي مطالب فعلية، إلا بالطريقة التي تخدم الأجندة الخاصة لرئيس الدولة، المتمثلة في تكريس السلطة الفردية، وعدم احترام القانون، وتغييب القوى الحية للبلاد والتحطيم التدريجي للإدارة ومؤسسات الجمهورية التي تعمل الحكومة على وسمها ببصمتها الخاصة حتى ولو كلف ذلك تخريب أسسها.
إن مراجعة الدستور ليست بالأمر اليسير، ويجب ألا تحدث – مبدئيا – إلا في ظروف خاصة، ومن أجل تصحيح اختلالات أساسية: إعادة التوازن بين السلط، وخلق الآليات الموازنة للسلطة، وضمان التطور المطلوب للمؤسسات، وتعميق الديمقراطية. وإذا ما نظرنا الى التعديلات المقترحة اليوم، فإننا نرى أنها تسير تماما في عكس ما هو مطلوب: إنها تزيد من عدم التوازن بين السلط، وتقضي على آليات موازنة حيوية بالنسبة لديمقراطيتنا الفتية، في الوقت الذي تعرض فيه البلاد لخطر عدم الاستقرار، بل للانفجار.
لا شك أن دستور 1991 لا يخلو من عيوب. لقد فصله نظام عسكري على مقاسه، وتم تعديله مرتين في فترتين متقاربتين (2006 و2012)، في ظروف لم تكن بالمثالية، على الرغم من إدخال تحسينات أساسية، تبنتها قطاعات واسعة من الشعب الموريتاني في حينها (خاصة في 2006 حيث كانت هذه التعديلات محل توافق). وعلى الرغم من هذين التعديلين – اللذين بقي آخرهما بدون مفعول بفعل النظام الحالي – فإن قانوننا الأساسي لا زال يحتاج الى مراجعة ليأخذ في الحسبان التطلعات الى التغيير التي تعبر عنها القوى السياسية في البلد، وخاصة للتغلب على بعض العيوب التي هي محل إجماع شبه تام. ومن هذه العيوب عدم التوازن بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية لصالح هذه الأخيرة. وبالتالي، فإن كل مراجعة جدية يجب أن تأخذ في الحسبان – على الأقل – مطلب إعادة التوازن بين السلط، لأن الدستور الحالي يكرس سلطة رئاسية طاغية لا تفتر كافة القوى السياسية عن إدانتها. إن هذا الدستور، المقتبس من الدستور"الديغولي" للجمهورية الخامسة في فرنسا، يركز كل السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية (الذي هو في نفس الوقت رئيس الحكومة)، كما يمنح السلطة التنفيذية أدوات للسيطرة على السلطتين التشريعية والقضائية: عن طريق أغلبيات أوتوماتيكية تشكل بفعل الاستخدام المفرط للدولة (بالنسبة للسلطة التشريعية)، وعن طريق المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه رئيس الجمهورية (بالنسبة للسلطة القضائية).
ومما يثير الاستغراب أن التعديلات المقترحة، بدل الاستجابة للمطلب الديمقراطي المتمثل في إعادة التوازن بين السلط، تعزز أكثر هيمنة السلطة التنفيذية بإلغائها الغرفة الوحيدة التي لا يمكن لرئيس الجمهورية حلها (مجلس الشيوخ)، وبإلغائها كذلك لمحكمة العدل السامية التي هي آخر سلطة موازنة في يد السلطة التشريعية في وجه السلطة التنفيذية. وعليه، فإنه لا يمكن لأي مهما كان أن يوهم الناس بأن التعديلات المقترحة تأتي لتعميق الديمقراطية في موريتانيا! كما أنه لا يمكن تبرير إصرار السلطة على تمريرها، في الظرفية المتأزمة الراهنة وبالطريقة المثيرة للجدل التي يتبعها النظام، بكونها تحمل أي طابع استعجالي أو بكونها تحمل أي دلالات واردة، بل انها تعمق الأزمة السياسية المزمنة بدل حلها، وتزيد من اختلال السلط بدل تقديم إصلاح للإطار المؤسسي القائم، وتزيد الموريتانيين تفرقة في الوقت الذي هم أحوج ما يكونون لما يوحدهم. إن هذه التعديلات الدستورية المقترحة تتعلق بست نقاط، ثلاث منها لا تحتاج لأي تعديل دستوري.
1. تغيير العلم
يتساءل جميع الموريتانيين باستغراب عن الفائدة من إضافة خطين أحمرين على العلم الوطني، خاصة في جو تطبعه الأزمة الراهنة. إن الخطاب الشعوبي القائل بأن هاذين الخطين يرمزان للمقاومة الوطنية وشهدائها لا ينطلي على أحد. إنه خطاب يفرق أكثر مما يجمع مختلف حساسيات البلد. يضاف الى ذلك أن كل الموريتانيين متعلقون بالعلم الوطني ولا يرغبون بحال من الأحوال في تغييره. ولم تطالب أي قوة سياسية، منذ الاستقلال حتى اليوم، بتغييره.
2. إلغاء مجلس الشيوخ
الموريتانيون غير متفقين حول قضية إلغاء مجلس الشيوخ، والحجج التي يقدمها النظام بهذا الصدد موغلة في الخفة، على الخصوص ما يتعلق منها ب"ترشيد الموارد"، وهي الحجة التي لا يمكن أن تدافع عنها حكومة أنشأت عددا ليس باليسير من المؤسسات التي ليست لها فائدة تذكر، والأكثر كلفة من الغرفة المستهدفة! والأمثلة على ذلك كثيرة. كما أن الموازاة بين مجلس الشيوخ والمجالس البلدية غير واردة لأن مهام المؤسستين لا تتقاطع في أي شيء. فمجلس الشيوخ له دور مهم في تمثيل المجموعات المحلية ووجوده يقوى سلطة البرلمان، بينما تعتبر المجالس الجهوية أجهزة للتنمية المحلية. وفي بلد كموريتانيا، تتعدد فيه الأعراق والشرائح، يجب العمل على توسيع قاعدة التمثيل الشعبي بدل تضييقها. وإذا سلمنا جدلا أن إلغاء مجلس الشيوخ مبرر (وهو في الحقيقة غير مبرر)، لماذا انتظر النظام ثماني سنوات ليتذكر ذلك؟ ولماذا لم يطرحه وينجزه ضمن تعديله للدستور سنة 2012؟ هل كان ترك مجلس الشيوخ بدون تجديد مدة ست سنوات، ومواصلة التشريع بغرفة انتهت مأموريتها، أقل كلفة على ميزانية الدولة وأكثر ملاءمة لمقتضيات الدستور من إلغائها؟ أم أن الأمر لا يعني في الحقيقة سوى التخلص من غرفة لا يستطيع رئيس الجمهورية حلها، وتستطيع، إذا دعت الحاجة، أن تكبح السلطة الرئاسية المتغولة. إن رفض مشروع القانون الدستوري من طرف مجلس الشيوخ يعزز هذه الفرضية الأخيرة.
3. القضاء على محكمة العدل السامية
لا يستطيع أحد أن يفهم السر وراء القضاء على هذه المؤسسة التي تمنح البرلمان حق محاكمة مسؤولي السلطة التنفيذية، وبالتحديد رئيس الجمهورية وحكومته. يتمتع البرلمان بهذه المحكمة الردعية في وجه سلطة تنفيذية طاغية، وبالتالي فإن إلغاءها يعني زيادة طغيان السلطة التنفيذية وإضعاف سلطة البرلمان. ولماذا إلغاؤها إذا كان الهدف هو خلق محكمة أخرى تحل محلها بواسطة قانون، اللهم إلا إذا كان الهدف الحقيقي هو خلق فراغ قانوني أو إحلال هيئة أكثر طاعة محل هذه المحكمة؟
4. إنشاء المجالس الجهوية
لا شك أن اللامركزية وإشراك المجموعات المحلية في تسيير التنمية يشكل مطلبا حقيقيا للقوى السياسية، إلا أن إنشاء مجالس جهوية لا يتطلب إجراء تعديل على الدستور. وفعلا، فإن هذا الأخير ينص في المادة 98 من بنده العاشر أنه يمكن إنشاء هذه المجالس بواسطة قانون. وفي 2008، كانت حكومة الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله قد أعدت مشروع قانون بهذا الصدد، جرت حوله مشاورات واسعة مع المنتخبين الوطنيين والمحليين، وكان من المقرر تقديمه للبرلمان.
5. تجميع هيئات المجلس الإسلامي الأعلى، ووسيط الجمهورية، والمجلس الأعلى للفتوى والمظالم
هذا التجميع لا يتطلب هو الآخر أي تعديل للدستور. بل يكفي تعديل القانون المنشئ للمجلس لتضاف اليه المهام الجديدة التي تنوي السلطة إضافتها الى مهامه الحالية.
***
كما رأينا، فإن التعديل الدستوري الذي تحاول السلطة تمريره ليس ثمرة حوار سياسي توافقي، ولا يشكل حلا للأزمة التي تعاني منها البلاد منذ قرابة تسع سنوات، كما أنه لا يحمل تطورا ديمقراطيا يذكر، والتغييرات التي يود إدخالها لا تحمل أي دلالات ذات شأن. إضافة الى هذه الأسباب الداعية الى الرفض، هناك ما هو أكثر مدعاة لذلك: لقد أصبح هذا التعديل يسير في طريق مخالف صراحة للدستور.
فعلا، بدل احترام إرادة البرلمان ووضع حد لمسار التعديل الدستوري طبقا لمقتضيات الدستور، بعد رفض مجلس الشيوخ للمشروع المقدم، قرر رئيس الدولة الدعوة لاستفتاء على أساس المادة 38 من القانون الأساسي، مقترفا بذلك انقلابا حقيقيا ضد الدستور، وذلك رغم اتفاق المختصين في القانون الدستوري على أن أي تغيير أو مراجعة للدستور يجب أن تتم على أساس البند الحادي عشر من القانون الأساسي، وخاصة عبر المواد 99، 100 و101. إن ترتيبات هذا البند هي التي تحدد حصرا مبادئ وإجراءات مراجعة الدستور، كما تحدد من يحق لهم المبادرة بها، وكذلك ظروف وحدود مبادرتهم، ودور مختلف السلط، ودور الشعب.
لقد أسس الدستور الموريتاني نوعا من التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وترك الكلمة الفصل للشعب الذي هو صاحب السيادة الأصلي، عندما منح حق المبادرة بمراجعة الدستور سوية لكل من رئيس الجمهورية وكل من غرفتي البرلمان، بمبادرة ثلث أعضاء كل منهما. وعليه، فإن القانون الأساسي يراد له أن يكون وثيقة مستقرة وصارمة، ترفض كل حيف في إجراءات مراجعتها. ونفس المادة 99 تمنح كذلك سلطة دستورية لكل من الشعب والمشرع.
إلا أن اللجوء للاستفتاء لا يصح إذا كان البرلمان (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ)، المجتمع في مؤتمر بمبادرة من رئيس الجمهورية، قد صادق عليه بالنصاب المحدد بثلاثة أخماس الأعضاء المشكلين للغرفتين (المراجعة الاستثنائية).
أما ما يخص المادة 38 التي يرجع اليها رئيس الدولة لتنظيم استفتاء لمراجعة الدستور، فإنه يقع ضمن البند الثاني من القانون الأساسي الموريتاني الذي يحدد صلاحيات رئيس الجمهورية ودوره كحكم بين السلطتين القضائية والتشريعية. وهذه المادة تمنح رئيس السلطة التنفيذية صلاحية التصرف في الميدان التشريعي في حال وقوع خلاف حول مشروع قانون عادي بين السلطتين، وذلك بتقديم هذا المشروع للاستفتاء الشعبي للفصل بينهما من أجل ضمان "السير المنتظم والمطرد للمؤسسات العمومية". وذلك ما يسمى في القانون الدستوري بالاستفتاء التشريعي الذي يختلف عن الاستفتاء الدستوري الخاص بمراجعة الدستور، والذي تحكمه حصريا ترتيبات البند الحادي عشر وخاصة المادة 99 التي تنص على أنه " لا يصادق على مشروع مراجعة إلا إذا صوت عليه ثلثا (3/2) أعضاء الجمعية الوطنية وثلثا (3/2) أعضاء مجلس الشيوخ ليتسنى تقديمه للاستفتاء."
وعليه، فإن كل مراجعة للقانون الأساسي لا تستند الى هذه الترتيبات تعتبر مخالفة للدستور، وبالتالي لا تعدو كونها عملا انقلابيا. ومن المعلوم أن هذه الترتيبات قد تم احترامها في كافة التعديلات الدستورية التي جرت في موريتانيا حتى اليوم، الأمر الذي يشكل تكريسا لهذا الاجراء. يضاف الى ذلك أن مشروع التعديل الحالي قد بدأ باتباع نفس الاجراء المنصوص عليه في المادة 99 قبل أن ينحرف نحو الطريق المثير للجدل المتمثل في التوجه به الى الاستفتاء بعد رفضه من طرف مجلس الشيوخ.
لقد وضع النظام نفسه، مرة أخرى، في حالة انقلاب مكشوف على الدستور من خلال مشروع القانون الدستوري الذي أصدره. كما اخترق رئيس الدولة، بلجوئه الى المادة 38، الترتيبات التي حددها الدستور لمراجعة القانون الأساسي الموريتاني، واغتصب صلاحيات لا يتمتع بها، وداس على صلاحيات البرلمان، بممارسة لعبته المفضلة المتمثلة في الاستخدام المفرط لوسائل الدولة لبلوغ أهدافه المنافية للقانون. إنه يهدف من وراء ذلك الى تعزيز طغيان السلطة الرئاسية، المتغولة أصلا، لصالحه شخصيا ولصالح النظام المتسلط الذي يرأسه، دون تقدير للعواقب التي قد تقود موريتانيا نحو الفتن والفوضى.
إن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ومعه القوى السياسية المعارضة الأخرى، سيبقون دائما في الخط الأمامي، ولن يقبلوا أبدا هذه الخيانة الواضحة التي قد تجعل أمن واستقرار بلادنا في خطر. انهم يوجهون الى كل القوى الحية في البلاد للوقوف في وجه هذا الانقلاب وليعملوا بكل الوسائل على إفشاله.
نواكشوط، 29 ابريل 2017