إن لموريتانيا الآن وزن سياسي مهم في المجتمع الدولي،وهاهي تتصرف بهذا الوزن في كل عمل أو نشاط تقوم به؛ فها هي انواكشوط تكتسب صفة العاصمة العربية الأكبر حيوية على الصعيد السياسي العربي والإفريقي، ولها حضور يتزايد يوما بعد آخر على الصعيد الدولي؛ فلا يكاد يمر أسبوع أو شهر،إلا وهناك نشاط دبلوماسي؛ وقياسا بما كان يحدث في السابق،فإن هذه الظاهرة تبدو ملفتة؛ ومعظم الذين أتوا ويأتون لانوكشوط، كانوا عرفوا السيد الرئيس محمد بن عبد العزيز واحتكوا به خلال حراكه الدبلوماسي، وتعرفوا على تفكيره وعلى رؤيته ومقاربته للقضايا الوطنية والإقليمية والدولية؛
وليصدقوا؛ أن وزيرا بحجم جان مارك أيرو، يزور موريتانيا الآن،" يعتبرها بلدا صديقا وشريكا مهما لفرنسا، وليس فقط،على الصعيدين الدبلوماسي والأمني، وإنما على الصعيد الاقتصاد"؛
وليصدقوا؛ أنه ذهب أبعد من ذلك ،عندما قال إن " موريتانيا أولوية في مجال الدعم الفرنسي الموجه إلى التنمية" ؛
وليصدقوا؛ أن هذا الوزير، قال إن أعلى هرم في الدولة الفرنسية يطلب فخامة الرئيس محمد بن عبد العزيز لزيارة فرنسا في الأيام القادمة؛
وليصدقوا؛ أن هذا الوزير كشف عن تقدير فرنسا الكبير للجهود التي تقوم بها مورتانيا لضمان الأمن والاستقرار ليس فقط على الصعيد الداخلي و،لكن أيضا لضمان الأمن والاستقرار فى المنطقة برمتها ؛
وليصدقوا؛ أن فرنسا لا تخفى البتة إعجابها لموريتانيا على إنشائها مجموعة الخمس في الساحل؛وأنها على لسان وزير خارجيتها الذي يزورنا حاليا ،تعترف صراحة بدورها في نزع فتيل الأزمة في دولة غامبيا ولنجاح الوساطة التي قام بها الأخ الرئيس محمد بن عبد العزيز،وما ترتب عليها من احترام لنتائج الانتخابات في غامبيا وتمكين الرئيس المنتخب من مزاولة مهامه"؛
وليصدقوا؛ أنهم كذبوا على الشعب الموريتاني عندما صوغوا له تضليلا وتزييفا سوء العلاقة بين موريتانيا وفرنسا، ولسان الحال والوقائع تكذبهم، وهم الذين لا يرون مصداقية ولا سيادة ولا استقلالية لموريتانيا دون الحاضنة الأم فرنسا !؛
وليصدقوا؛ أن فرنسا لا تريد موريتانيا ضعيفة لأن ضعفها يزيد عليها عبء المهمة في المنطقة عموما نظرا للموقع الاستراتيجي لها؛ وأنها لو كانت تقاد بذيلها وتلميذا طيعا لما هرولت نحوها؛ ولما دعت رئيسها لزيارتها ولكن فرنسا أدركت أن موريتانيا امتلكت إرادة
الاقتدار وأصبحت تسوس أمرها باستقلالية تامة ولكنها غير معزولة ولا تريد العزلة، ومستعدة للتعاون مع الجميع على هذا الأساس، ولهذه الصفة، أي الاستقلالية والاقتدار والتي كانت تتطلب معركة دبلوماسية حقيقة لإقناع كل الشركاء أن من يريد موريتانيا في الشراكة عليه أن يعرف أن شراكتها مشروطة باحترام سيادتها واستقلالها ؛ ولأن الشركاء عموما وفرنسا منهم لا يفهمون إلا منطق الاقتدار ويفهمون الممانعة للاستقلالية، تنادوا إلى موريتانيا، وأقرب هؤلاء فرنسا فقد ظلت محافظة على هذه العلاقة رغم أن البعض منا لا يريدها علاقة استقلالية ويفضل بدل ذلك أن تكون علاقة تبعية وهذا هو مربط الفرس، ومكمن السر في بعض التدحرج الذي يصيب بعض الأحيان علاقتنا بالشركاء وخاصة فرنسا، يغذيه مع الأسف بعض المعارضين للنظام من خلال الإيحاء بأنهم لو حكموا لكانت موريتانيا الأكثر برورا من بناتها في المنطقة؛ وأنه طالما يحكمها من يحكمها الآن أو من يجاريه،فلا فائدة من لي ذراعها فلن تكون إلا دولة؛
وليصدقوا؛ أن فرنسا فهمت ضعفهم وقلة حيلتهم ، وفهمت أكثر قلة وطنيتهم وضعف إطارهم الأخلاقي، فأصبحت تحافظ على شعرة معاوية معهم ، وعملت على تقوية علاقتها بموريتانيا وتسعى لتعزيز شراكتها معها الآن وهذا طبيعي فالأقوياء لا يفهمون إلا أمثالهم، والأخ الرئيس يفهم ذلك جيدا ، ولذلك أمتنع وهو على السرير في فرنسا من دخول الحرب المالية، واكتفى بتأمين حدود بلده، وكلنا يتذكر امتعاض فرنسا من ذلك ، لكن فرنسا ، تفهمت بعد ذلك محاذر موريتانيا واحترمت لها تقديرها لمصالحها ، فأصبحت تتعامل معها كدولة ذات سيادة ومستقلة في تقرير ما تراه مناسبا لها ولا تقبل في ذلك أية مساومة، وأدلة ذلك كثيرة ولعل الهرولة نحو بلادنا الآن تؤكد بعضا من ذلك؛ ويبقي أن يدرك من يتمنى سوء العلاقة مع الشركاء وخاصة فرنسا، ويطبل لذلك،أن هؤلاء وفرنسا منهم على الخصوص ستظل علاقتها بموريتانيا حسنة والمؤشرات تدل على رغبة فرنسا في جعلها أكثر قوة ؛
وليصدقوا؛ أن تسميم الأجواء بين الشركاء لخدمة الحزبية والأمور الشخصية،والعمل على تحريضهم على الوطن لغزوه واحتلاله كما فعل البعض ويدفع ثمنه الآن، أو للإطاحة بالأنظمة الوطنية أو قطع رزقها ومحاصرتها اقتصاديا كما هو مسعى البعض من ساستنا مع الأسف لم يعد الشركاء يرونه سلاحا للتركيع وفرض الهيمنة، وأدركوا أنه وبال عليهم قبل غيرهم وأن ثمنه قد يفلس اقتصادياتهم، وأن أشبه منه مساعدة هذه الأنظمة في محاربة الإرهاب والتطرف والجريمة العابرة للحدود والهجرة السرية...وغير ذلك من أشكال
التعاون ، ولهذا على أصحابنا أن لا يتأخروا في الفهم مرة أخرى أو يسقطوا في سوء التقدير كما وقع لهم مع المسار السياسي للبلد، أن فرنسا تنظر الآن لشراكة أكثر قوة وأفسح مجالا مع موريتانيا ، وليست فرنسا وحدها بل إن كثيرا من الدول يتطلع لموريتانيا لأنها أصبحت معلومة بعد أن كانت مجهولة وهمزة وصل، وليعلموا أنها أصبحت هي الوصل والوصال بين الأشقاء والجيران والشركاء وأصبحت مساهمتها في تدبير الشأن العربي والإفريقي والدولي معلومة ومطلوبة بقوة ،وستشهد الأسابيع والأشهر القادمة متغيرات تعزز مختلف أشكال التعاون مع فرنسا ،وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة؛
وليصدقوا؛
ب شيخ