شخصيا استغرب لكل تلك الردود العنيفة التي واكبت تصريحات حميد شباط الأمين العام بحزب الاستقلال. بخصوص رأيه أو رأي حزبه، والمتمثل في أن موريتانيا كانت جزءا من المغرب. واستغرب من تلك الهالة التي وضعت فيها تصريحاته التي ألقاها في حالة نشوة بين رفاقه في درب الميزان، من طرف جهات رسمية من داخل المغرب وموريتانيا…
استغرب كيف حركت تصريحات كرسي النظام الموريتاني وزلزلت أفكاره، إلى درجة بروز شرارات الغضب والدعوة لانتفاضة لا معنى لها ضد المغرب والمغاربة…لأن تصريحات شباط لن تزيد عن كونها تصريحات شخص أو حزب، ولا علاقة لها بالحكومة والنظام الحاكم…
استغرب كيف سارعت الحكومة المغربية العالقة في شخص وزير خارجيتها الذي يمارس مهامه في الوقت الإضافي، إلى إصدار بلاغ وصف فيه تصريحات شباط بالخطيرة وغير المسؤولة بخصوص حدود الجمهورية الإسلامية الموريتانية ووحدتها الترابية…
أليس من حق الأحزاب السياسية في بلادنا أن تعبر عن آراءها الخاصة والمستقلة بخصوص باقي دول العالم.. أم أن المفروض أن تنحني لما تريده الحكومة بشأن سياستها الخارجية.. بكل دول العالم التي تتنفس ديمقراطيا، هناك أحزاب تختلف إلى حد التعارض بخصوص نظرتها واعتبارها لمجموعة من دول العالم… بل إن هناك أحزاب ترفض الاعتراف بدول، ومنظمات تعترف بها أنظمتها الحاكمة أو العكس… وترفض الاعتراف بديانات ومذاهب تعترف بها أنظمتها الحاكمة… واختلاف وتعارض تلك الأحزاب، لا يعني شيئا للدول والمنظمات والديانات المعنية. بقدر ما يعنيها الخطاب الرسمي الصادر عن الأنظمة الحاكمة…
تصريحات شباط لن تعدو أن تكون خطابا مستهلكا لزعيم سياسي، يسعى إلى التدفئة والاستعراض وسط مغاربة حزبه. وحتى لو بلغت تصريحاته إلى حد دعوة وتحريض الحكومة إلى المطالبة بالأراضي الموريتانية، فإن هذا لا يعني أنه يتبنى الخطاب الرسمي للبلاد. ولا أن الحكومة والنظام سيخضعان لنزوات شباط التي لا تنتهي. حميد شباط ومعه حزب الاستقلال ليسا ملزمان بتقديم الاعتذار لأي كان.
مادام زعيم الحزب يتحدث بناء على مراجع حزبية وتاريخ وثق باسم مناضلي حزبه منذ فجر الاستقلال بالمغرب. وحتى لو كانت مراجعه خاطئة فهذا شأن الحزب الداخلي. ولا أحد يلومه حتى لو أن حزبه وضد أجندة خاصة لإقناع باقي المغاربة من خارج حزب الاستقلال أو غيرهم من خارج المغرب بما ترسخ لديهم من أرشيف…
فقد أبان النظام الموريتاني ومعه ما تبقى من الحكومة المغربية المنتهية صلاحيتها منذ ثلاثة أشهر عن قصور سياسي وديمقراطي في التعامل مع (لسان شباط السليط). ورسما شباط وحزبه، وكأنهما قوة ضاربة بالمغرب. وأن دردشات الحزب، ستوثق لتعوض دستور البلاد.
لشباط الحق في تسليط لسانه حيثما شاء، ولكل متضرر الحق في الرد بلسان أكثر تسلطا… ومن حق الأحزاب السياسية أن تتراشق بينها بالبيانات الاحتجاجية والنارية. كما فعل حزب الاستقلال المغربي غير الحاكم والذي يطمح في المشاركة في الحكم، وحزب الاتحاد من أجل الجمهوري الحزب الحاكم في موريتانيا.. لكن أن تتأثر الأنظمة والحكومات بتصريحات زعماء سياسيين.. فهذا يعني أن تلك الأنظمة والحكومات لازالت في الحضانة السياسية. وأنها تحن إلى عهود القمع والحجر على الحريات العامة، وفي مقدمتها حرية التعبير والانتماء السياسي.
… من خلال ما سبق يتضح جليا أن الحكومة الموريتانية وجدت ضالتها في تصريحات شباط، لإقناع الشعب الموريتاني الشقيق، بمخططها الذي تنسجه منذ عدة أشهر مع كيان (البوليساريو) والنظام الجزائري. والذي يهدف إلى إعادة تطعيم وتقوية المرتزقة. والسعي وراء عزل المغرب عن باقي الدول الإفريقية. فالرئيس الموريتاني يحاول جاهدا أن يسوق سلبيا للمغرب والمغاربة. أملا في أن يلقى تجاوبا شعبيا، من أجل الإعلان جهارا عن مخططه الذي سيدخل الأشقاء الموريتانيين في شبكة إجرامية يقودها جنرالات الجزائر. سيكونون أول ضحاياها…
النظام الموريتاني وحزبه الحاكم مبتدئين في السياسة. وقاصرين في السياسة الخارجية، مما قد يقودهم إلى إدخال البلاد في نفق يصعب الخروج منه.. لأن التعامل مع (البوليساريو) وجنرالات الجزائر، لن يكون متعفنا وملوثا للمنطقة. ولن يجلب للمنطقة إلى الدمار والأوبئة… علما أن هؤلاء لا يفكرون سوى في تكديس الأموال بالبنوك العالمية.. ولا يأبهون لما قد يقع داخل التراب الموريتاني وحدوده مع المغرب.
لو كان لأنظمتنا بدرة حياء وذرة حشمة ونفحة كرامة، لتحدثنا عن الشعوب العربية بعيدا عن أسماء دولها. وخصوصا دول المغرب العربي. حيث لا فرق بين المغربي والجزائري والموريتاني والليبي والتونسي.. ولتم الانكباب على إيجاد مخططات لتنمية شعب المغرب الكبير… وتشكيل جبهة قوية قادرة على فرض هويتها على كل دول العالم… بعدها فكروا حتى في تغيير اسم المغرب الكبير.. واجعلوه الجزائر الكبرى أو ليبيا الكبرى أو تونس الكبرى أو موريتانيا الكبرى.. وكفى من (الحموضة) السياسية التي أظهرتموها بخصوص قضية لا تعدو أن تكون زوبعة في لسان شباط …