هؤلاء شركاء في إبادة حلب. / أحمد ولد مولاي امحمد

18 ديسمبر, 2016 - 23:25

في البدء أستسمح أخي الكاتب الإخواني البارز محمد الأمين ولد الفاضل في استعارة عنوان مقاله "هؤلاء شركاء في إبادة حلب !"؛ ولكن بدون نقطة التعجب التي استعضت عنها بنقطة تفي بالغرض، إذ لا عجب في أن أحدد أسماء وصفات المتورطين في إبادة حلب وسوريا برمتها، وفي اليمن بكامله.. وفي ليبيا والعراق من قبل، ومن بعد ومصر الكنانة.

سأجيب على بعض الخواطر الواردة في مقال أخي ولد الفاظل، ليس ردا عليه، إذ أعرف مسبقا موقف الإخوان من أحداث الربيع الصهيوني والفوضى الخلاقة التي دمرت وتدمر بلادنا العربية والإسلامية، وحولت بوصلة اهتماماتنا من الصراع مع الكيان الصهيوني لأجل فلسطين السليبة إلى (ثورات) و(جهاد) ضد بلدان وأنظمة عربية أريد لها أن تعيش الخراب والدمار خدمة للكيان الصهيوني وللمخطط الكبير الذي رسمه صناع القرار في عواصم المسيحية الصهيونية بغية إضعاف العرب والمسلمين وتفتيت دولهم وتوهين قواهم وتحويل بلدانهم إلى ساحات للحروب وتجارب للأسلحة المتطورة وللذبح والقتل على الهوية حتى لا تقوم لهم قائمة، وحتى ينعم الصهاينة بالأمن والأمان.

لست هنا في معرض الرد ولا تقديم إيضاحات لمن يتبنى مواقف مسبقة يحددها التنظيم وقادته ورموزه الدينية والسياسية. وإنما للتعبير عن رأي آخر يتبناه ملايين العرب والمسلمين ممن لا يتابعون مغالطات قنوات التضليل والكذب والشحن الطائفي كالجريرة الإخوانية والعربية وقناة الآن وغيرها من قنوات التضليل والحشد الطائفي ضد الأنظمة الوطنية والقومية. تلك الجوقة المفلسة التي تقودها قطر والسعودية حيث لا ديمقراطية ولا أبسط احترام لأدنى قواعد حقوق الإنسان ولا هم يحزنون، وهم من يسعون لتسويق نماذجهم (الديمقراطية) في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ومصر، ولتمكين الإخوان وداعش من رقاب العباد في هذه البلدان باسم الدين. وهي لعبة قديمة تتجدد. نسي أصحابها البكاء على اليمنيين الشهداء في مجازر دامية ومؤلمة على امتداد خريطة اليمن السعيد.

وهنا أود أن أورد ما يلي بخصوص المسؤولية عن "إبادة حلب" وسوريا والعراق وليبيا مع علمنا المسبق بمن يبيد اليمنيين:

1

الإخوان المسلمون بوصفهم منفذين لمشروع الفوضى الخلاقة

حين أذكر تنظيم الإخوان هنا، فإنني أقصد به التنظيم العالمي للإخوان وكل من خرج من عباءته من دواعش وقاعدة ومن على شاكلة هذه الجماعات المصنفة جميعها إرهابية في كل دول العالم وفي بعضها كما هو الحال بالنسبة لتنظيم الإخوان وعلمائه ورموزه السياسيين الذين تورطوا بشكل فاضح ومكشوف في تدمير بلداننا العربية الواحد تلو الآخر.

هذا التنظيم هو أول من حمل شرارة الفوضى الخلاقة والخراب في ليبيا الآمنة المطمئنة وحولها إلى ساحة للمعارك والحروب حتى بعد رحيل الزعيم معمر القذافي طيب الله ثراه. وذلك بالتنسيق مع قائد "الثورة" الليبية الميداني "برنارد هنري ليفي، اليهودي والفيلسوف الفرنسي  الغني عن التعريف، وطبعا بالتنسيق مع تل ابيب ومع اليهودي الفرنسي الآخر نيكولا ساركوزي، وبتمويل من حمد أمير قطر آنذاك. وكل ذلك كما أسلفت تنفيذا لمشروع الفوضى الخلاقة خدمة للكيان الصهيوني، فكان الدور القطري والإماراتي والتركي داعما بالمال والسلاح والرجال (الدواعش والإخوان) للإطاحة بنظام ممانع رفض الكيان الصهيوني على مدى أربعين سنة وأرغم الطليان على الاعتذار لبلده عن حقبة الاستعمار وتقديم التعويض المادي والمعنوي حين زار رئيس الوزراء الايطالي "برلسكوني" ليبيا وقدم الاعتذار وقبّل يد القذافي ويد حفيد المجاهد عمر المختار، فكان ذلك أول اعتذار عن الحقبة الاستعمارية يحصل عليه قائد عربي وبلد عربي حتى الآن. لذلك كان لا بد من التخلص منه خصوصا مع إزعاجه للأطماع الاستعمارية في المنطقة العربية وإفريقيا وطموحه غير المشروع غربيا في توحيد القارة السمراء وتنمية قدراتها الاقتصادية وتوحيد مواقفها السياسية في المحافل الدولية.

وأعود إلى حلب وسوريا، لأقول إن الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد سيكون غبيا حين يتردد لحظة في إبادة المتمردين الذين بدأوا مع انطلاقة الحراك في درعا، معقل الإخوان، في تصفية ضباط وجنود الجيش العربي السوري واحدا تلو الآخر، في منازلهم وفي الشوارع العامة، ورغم ذلك لم يتم قمع الحراك المدني السلمي كما روجت لذلك قنوات التضليل الإعلامي في ليبيا وسوريا، بل ظل الأمن السوري متحكما في أعصابه إلى أن شرع المتمردون الإخوان والدواعش في تنفيذ عمليات مسلحة في درعا وفي غالبية المدن السورية وما صاحب ذلك من تأجيج إعلامي هدفه التحريض على النظام وعلى الجيش العربي السوري الذي يمثل السنة فيه نسبة لا تقل عن 90 %.

بدأ أعداء النظام القومي العربي في سوريا يعبئون مواردهم المالية ويجندون الدواعش والإخوان من كل دول العالم دعما (للثورة)، وللإطاحة بآخر زعيم قومي عربي وتصفية الحسابات القديمة معه، ليصل الشحن والتضليل لاحقا إلى مرحلة استغلال المذهبية المقيتة التي لم تعرفها سوريا منذ استقلالها وحتى اندلاع الفوضى الاخوانية الداعشية فيها. وهكذا جاء (الثوار) من ليبيا وتركيا والعراق والسعودية ( الارهابي السعودي المحيسني يقود الارهابيين في حلب) والكويت والأردن وأوزبكستان وأفغانستان وروسيا والشيشان وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وأمريكا وغيرها من الدول فضلا عن (مجاهدات النكاح) من مختلف الدول المغاربية والأوروبية.

ولم تتردد قطر والسعودية والدول الخليجية المهتمة وتركيا فضلا عن أمريكا وفرنسا وبريطانيا في تقديم المال والسلاح والمؤونة والتدريب لهؤلاء المجاميع من أجل السيطرة على سوريا والإطاحة بنظامها.

ولا ننسى جميعا أن جرحى الإرهابيين (الثوار) كانوا يتعالجون في مشافي الكيان الصهيوني ثم يعودون إلى ميادين القتال في سوريا مزودين بالدعم المادي والمعنوي من الصهاينة. فضلا عن زيارات قادة المجاميع الإرهابية إلى تل أبيب وإدلائهم بتصريحات ودية وثنائهم على الدور الصهيوني في مؤازرة (الثورة) قصفا وتدميرا والأدلة القطعية موثقة في هذا الشأن.

كان الرئيس الأسد سيكون بحق أحمق الحمقاء وأغبى الأغبياء وأجرم المجرمين لو تفاوض مع هؤلاء الإرهابيين من مختلف الجنسيات أو قدم لهم تنازلات، وبالمناسبة فكل تمرد مسلح وفي أي بلد في العالم لا يقابل سوى بالقوة المسلحة والشواهد على ذلك قائمة ولا تحصى، أحرى إذا كان المتمردون يحملون جنسيات أكثر من 90 دولة في العالم !!. لذلك قدم الملك محمد السادس تنازلات للمغاربة لأنهم لم يحملوا السلاح ولم يكونوا في وارد حمله؛ بل إن الإخوان في المغرب هم أكثر جماعات الإخوان اعتدالا ربما بفعل طبيعة الحكم في المملكة العلوية. ولو أن الملك محمد السادس ووجه بالسلاح أو بالغزاة والإرهابيين الأجانب، كما حصل للأسد، لما تردد في مواجهتهم بالقوة مهما كلفه ذلك.

ولعلنا في موريتانيا كنا (الإخوان) على وشك حمل السلاح لو أتيحت الفرصة أمامنا ولو كان المناخ العام مشجعا على ذلك، لكننا اجتررنا المرارة واكتفينا بالانسحاب من معسكر داعمي النظام إلى معسكر المطالبين برحيله.

ومن المؤسف أن يصدق بعضنا أن النظام يقتل شعبه في الوقت الذي نرى فيه مجاميع الإرهابيين (ضحايا) بفعل التضليل الإعلامي الممنهج، لكنني لا أعتقد أن أي عاقل يمكن أن يصدق أكاذيب "الجريرة"؛ إذ لا يوجد أي نظام في العالم يستهدف المواطنين الأبرياء العزل. لكن الحروب حين تنشب فالكل يمكن أن يكون ضحية؛ خاصة أن الإرهابيين يتخذون من النساء والأطفال دروعا بشرية في المدن والقرى والأحياء التي سيطروا عليها خصوصا في حلب الشهباء التي دمرها الإرهابيون قبل النظام بكل أسلحة الفتك التي زودتهم بها عواصم الإرهاب الإقليمية والدولية. لكن إعلام الفتنة لا يمكن بأي حال أن يتحدث عن سقوط ضحية واحدة بسلاح الإرهابيين، حتى أولئك الذين تمت تصفيتهم جسديا بالآلاف وتم ذبحهم بما في ذلك الطفل الفلسطيني المريض عبد الله عيسى الذي قطعوا رأسه في حلب بعد اختطافهم له من سريره في المستشفى. كما لم يتناول إعلام الفتنة أحداثامأساوية بما يناسببها مثل تفجير واغتيال العلامة الجليل رمضان البوطي وهو في المسجد وآلاف العمليات الإرهابية التي استهدفت آلاف المواطنين العزل وتصفيتهم جسديا وذبحهم وقطع رؤوسهم وأكل أكبادهم.

2

لو لم يتدخل حزب الله لحماية ظهره ودعم حليفه الاستراتيجي لقلنا إن السيد حسن نصر الله "جبان" وأنه لا يفقه شيئا في علم السياسة والاستراتيجيا؛ بل ولكان الإرهابيون اليوم يقاتلون حزب الله في الجنوب اللبناني، لكن الحزب أدرك أنه هو الهدف التالي وأن الدفاع عن النظام الذي دعمه بالمال والسلاح في جميع حروبه مع الكيان الصهيوني، دون بقية الأنظمة العربية المتعفنة، كان ضرورة تمليها الوقائع والمصالح بعيدا عن التصنيف المذهبي الذي يروجه داعمو الإرهابيين في سوريا، ونفس الأمر ينطبق على إيران الإسلامية التي كان لا بد أن تؤازر حلفاءها الاستراتيجيين: سوريا وحزب الله، في حربهم ضد الإرهاب، وللأسف كان تدخل إيران وحزب الله مـتأخرا جدا حيث جاء بعد احتلال الإرهابيين لعديد المدن والقرى السورية.

ولعل التجييش الطائفي والمذهبي دفع بمئات الشيعة لدعم حزب الله والجيش العربي السوري (يمثل السنة فيه نسبة 90 %) في وجه مجاميع الإرهابيين الوافدين من أكثر من 90 دولة عبر العالم. لكنهم كذلك جاؤوا متأخرين جدا. وهو ما أدى إلى تأخر تحرير حلب من قتلة الطفل عبد الله عيسى وبقية أطفال ونساء حلب وشيوخها، والحمد لله أنهم اليوم يحتفلون بالنصر وبالعودة إلى كنف الدولة بعد سنوات من خضوعهم لسيطرة الإرهابيين الدواعش والإخوان وغيرهم من أذناب تركيا وقطر والسعودية وتل أبيب وواشنطن.

ولا أعتقد أن إيران ستدفع ثمنا أكبر مما تدفعه اليوم في هذه الحرب الكونية عليها وعلى سوريا وعلى شرفاء الأمة. لذلك فليس ثمة سنة يهددون إيران إلا إذا كانوا من جماعات داعش والإخوان الذين يشكلون خطرا حقيقيا حتى على العواصم السنية من نواكشوط إلى الرياض والمنامة.

3

لا أعتقد أن أي عاقل يمكن أن يحمل أنظمتنا العربية مسؤولية من أي نوع، ذلك أنها أنظمة تابعة خاضعة ذليلة تأتمر بأوامر البيت الأبيض وتل أبيب وتبيع فلسطين وتتآمر على بعضها البعض، وتسحق مواطنيها في كافة المجالات، فهي أحوج إلى إرساء أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان قبل أن تفكر في موقف جامع يستحيل حصوله بين قادة تنعدم الثقة فيما بينهم ولا يملكون من مقومات القيادة سوى تملكهم رقاب الشعب العربي وإذلاله على مدى عقود متصلة. ولو كان لنا قادة يعول عليهم، مع استثناءات قليلة، لما حصل ما حصل في العراق وليبيا واليمن وسوريا وهلم جرا ...

إن الحل الوحيد لمآسي الأمة يكمن في التحالف ضد الإرهاب (داعش والقاعدة والإخوان ومخرجاتها)، وإرساء أسس الديمقراطية في كافة البلاد العربية، والتركيز على البناء والتنمية بدل خوض وتمويل الحروب والتجييش المذهبي والطائفي الذي لا يخدم، مثل (رياح الربيع العربي)، سوى الكيان الصهيوني والعواصم المسيحية الصهيونية والإخوان.

4

كان لا بد لروسيا من تفادي خطئها القاتل في ليبيا، حين تخلت عن حليف استراتيجي يجري اليوم نهب ثروات بلاده وتشتعل فيه الحروب القبلية المدعومة قطريا وتركيا وإماراتيا وفرنسيا وأمريكيا في غياب الأمن والاستقرار الذي عاشته ليبيا على مدى 40 سنة من حكم "الطاغية" معمر القذافي طيب الله ثراه. وها هي اليوم بلا حكومة وبلا اقتصاد وبلا أمن وبلا قيادة بعد أن انسحب قائد ثورتها برنارد ليفي وداعميه من المشهد الليبي عقب نجاحهم في تنفيذ مخططهم التخريبي بهذا البلد الشقيق وإيصال الإخوان وداعش إلى دفة الحكم في جمهورية متشرذمة بثلاث حكومات وعشرات المليشيات المسلحة.

إن روسيا لن تقبل، تحت أي ظرف، أن تسيطر أمريكا وحلفاؤها على بلد حليف آخر كسوريا، لذلك جاء التدخل الروسي متأخرا بعد أن أدرك القيصر بوتين أن آخر العلاج الكي، ومع ذلك فما تستهدفه القوات الجوية الروسية هو مواقع الإرهابيين في سوريا، إلى جانب دورها الإنساني في تقديم الغذاء والدواء لضحايا الإرهاب في سوريا. وكما هو معلوم فلا توجد حرب نظيفة بالكامل.

لقد تدخلت تركيا منذ الوهلة الأولى وكانت المزود الأهم للإرهابيين بالسلاح والمال والتدريب وحتى بشراء النفط العراقي والسوري المسروق من طرف داعش والإخوان فضلا آثارهما المسروقة والتي توجد غالبيتها اليوم في مدينة إزمير التركية بما في ذلك منبر صلاح الدين الذي سرقه الإرهابيون من المسجد الأموي في حلب؛ دون أن نغفل محتويات المصانع الكبرى في هذه المدينة الصناعية المدمرة. ومع ذلك فلا غرابة أن يتم تجاهل الدور التركي في دعم الإرهاب في سوريا حين يتعلق الأمر بالتضليل الإعلامي الذي يمارسه الكتاب كما تمارسه القنوات ووسائل الاتصال التي تخدم هذا المشروع ومنفذيه.

5

لن أتحدث أكثر عن دور المعارضة السورية الغائبة أصلا والتي يقودها "ليفي" السعودية المسمى "المحيسني" ويتحدث باسمها ويجمع لها المال والرجال و"الحور العين" قبل أن يفر على دراجة من حلب قبل أيام.

أما نساء ورجال سوريا فلا أتوقع أنهم ينتظرون نصيحة منا لحمل السلاح في وجه عدوهم؛ فهم أدرى بعدوهم من غيرهم، وهم أدرى بكيفية مواجهته، ولعلهم اليوم بعد انتصارهم في حلب قد شرعوا بالفعل في أماكن أخرى في مواجهة الإرهابيين الوافدين الذين يمثلون بالفعل ذلك العدوان الخارجي الذي يتحدث عنه البعض، وليس الحليف الذي يقاتل إلى جانبهم ويحميهم بدعوة منهم.

6

أما الشعب العربي والأمة الإسلامية فهما مطالبان فقط بفرض الديمقراطية وبمواجهة العمالة والرجعية وارتهان الأمة ومصالحها للعواصم الغربية وللكيان الصهيوني، ولن يتأتى لهما ذلك ما لم تتخلص الأمة من غالبية الأنظمة القائمة التي تخدم بشكل صريح مصالح أمريكا والكيان الصهيوني سواء في عهد ترامب أو الإرهابي باراك أوباما.

حفظ الله موريتانيا

حفظ الله بلاد العرب والمسلمين