تمتلئ صفحات المواقع والصحف المغربية هذه الأيام بالمقالات والأخبار المرتبطة بتطورات القضية الصحراوية على ضوء الأزمة التي تعرفها المنطقة بسبب أحداث "الكركرات" أو ما يسمى "قندهار" الحدودية.
ويبدو أن المشترك والثابت الأساسي في تلك المنشورات هو الهجوم الشرس على موريتانيا ومحاولة تحميلها كل المسئولية عن التوتر الحاصل حاليا؛ بل والمبالغة في انتقادها أو "هجائها" لحد وصف قرارات رئيسها محمد ولد عبد العزيز بأنها "أضحت تصاغ في قصر المرادية " بالجزائر. كما هو الحال في "التحليل" التالي الذي نشره موقع "هبه بريس" اليوم وننشره بعنوانه ونصه الحرفي في ما يلي:
التصعيد الموريطاني الأخير بين احترام السيادة ومبدأ الحياد
لاحظ جل المتتبعبن للشأن الاقليمي عامة والنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية خاصة ، التغير الجذري في تعاطي الجارة الجنوبية مع عديد التطورات والمتغيرات التي شهدتها المنطقة ، سيما بعد أحداث "الكركرات" التي أبانت عن ضغينة ظاهرة للعيان من قبل الحكام الحاليين لبلاد الشنقيط ، وهي الأحداث التي تعامل معها المغرب بكل سيادية وضبط للنفس وفي إطار احترام للاتفاقيات الدولية المبرمة بين أطراف النزاع المفتعل خاصة اتفاق إطلاق النار بين المملكة وجبهة البوليساريو سنة 1991 .
الخطير في موقف التحول هذا، أن بلاد ولد عبد العزيز وبالتزامن مع تساهلها المطلق والغير المشروط مع عناصر محسوبة على الجبهة الانفصالية في الوصول الى سواحل المحيط الأطلسي بمنطقة الكويرة الخاضعة لسيادتها ، كان آخرها صور انتشرت لزعيم "الرابوني" وهو ينتشي رفقة قياديين بالبولويساريو بنصر مفقود متمثل في إطلالة أنعمت عليهم بها بلاد "الموريتان " ، تكون بذلك قد أعلنت بشكل صريح عن تصعيد خطير وغير مسبوق اتجاه المغرب ، علما أن أخبارا واردة تتحدث عن سماح موريطانيا للجبهة الاتفصالية ببناء نقطة تفتيش تبعد أمتارا قليلة عن نقطة تواجد الجنود المغاربة ، وهي الخطوة التي إذا ماتمت فستشكل إعلانا صريحا للحرب ضد المغرب ووضع المنطقة في كف عفريت.
الموقف الموريطاني وسياسة "الضرب من تحت الحزام " التي تبنها حاكم أرض "البيضان " بايعاز من جهات معلومة ، تمخض عن تأثير عديد العوامل التي سنحاول أن نجردها في ثلاثة محددات رئيسية أولها : عدم احترام بلاد ولد عبد العزيز لاتفاقية وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو سنة 1991 و التي هي طرف رئيسي فيها ، وهي الاتفاقية التي ألزمت الأطراف المتنازعة بانهاء حالة الحرب تحت رعاية الأمم المتحدة وتكليف بعثة "المينورسو" بمهمة السهر على تنفيذ مقررات اتفاق وقف اطلاق النار، وبذلك تأتي الخطوة الموريطانية التصعيدية ، بشكل يعارض الاتفاق السالف الذكر ويخالف مهام البعثة الأممية .
المحدد الثاني والذي يبدو ظاهرا للعيان هو تزامن الموقف الموريتاني الاستفزازي مع الضربات الاستباقية التي حققها المغرب قاريا حينما أربك أوراق الكيانات الافريقية (المعارضة) بقرار العودة للحضن الافريقي ، وهي الكيانات التي تكن العداء للمغرب ومن بينها الجارة الشرقية التي لم تجد بدا سوى تمرير سياستها العدائية من خلال التأثير على القرار الموريتاني وجعله يرضخ لطموحات عجزت بلاد "العم بوتفليقية"عن تحقيقها لابنها "اللقيط " الذي ولى وجهه صوب بلاد "الشنقيط "
ثالثا وأخيرا وليس آخرا هو احتمال ورود خطوات موريطانيا الاستفزازية هاته في سياق استضافة المغرب لقيادات معارضة لنظام ولد عبد العزيز الذي جاء به انقلاب عسكري ، كما أن عدم وضوح الرؤيا لدى ولد عبد العزيز الذي ضرب عرض الحائط القوانين الأممية التي تنص على مبدأ الحياد في هكذا نزاعات ، إضافة إلى أنه استباح سيادة دولة كموريتانيا لحفنة من الانفصاليين ، الذين أصبحوا يصولون ويجولون في أرض الموريتان ، يبعث ارتساما ويقينا أن قرارات ولد عبد العزيز أضحت تصاغ في قصر المرادية
إسماعيل بويعقوبي