الفساد يهدّد صناعة الحديد في موريتانيا

11 أكتوبر, 2016 - 16:52

العربي الجديد ــ خديجة الطيب

تصاعدت التحذيرات في موريتانيا من تدهور قطاع إنتاج الحديد والصلب، الذي يشكل شريان الحياة الرئيسي لاقتصاد البلاد، وأرجع خبراء أسباب تراجع هذا القطاع إلى انتشار الفساد الإداري واختلاس المال العام وغياب الخطط الاستراتيجية للحفاظ على إنتاجية القطاع.

 

ويعتبر الفساد المستشري في قطاع الحديد أكثر الملفات خطورة على مستقبل البلاد، فالقطاع الذي ينتج 13 مليون طن من الحديد سنويا تمثل إيرادات صادراته أحد أهم مصادر الدخل القومي، حيث لم يستطع تحقيق طفرة في ميزانية البلاد رغم ارتفاع الصادرات في ظل ارتفاع أسعار الحديد عالميا، ما قلّل من استفادة الاقتصاد الوطني من هذا القطاع، حسب الخبراء.
وفي هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي لمين ولد الختاري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن قطاع الحديد يعاني من عشوائية وفساد كبيرين، ما انعكس سلبا على وضع شركة "اسنيم" الحكومية التي كانت على حافّة الإفلاس العام الماضي، وتساءل أين تذهب مليارات الشركة بعد أن ارتفع قيمة إنتاجها بين عامي 2009 و2014 إلى 2000 مليار أوقية، منها 800 مليار أوقية أرباحاً صافية؟ (الدولار = 340 أوقية موريتانية).
ويرى ولد الختاري، أن النهب والتبديد والفساد عوامل أثرت على أداء الشركة الحكومية المتخصصة في استخراج خامات الحديد وتصديرها. 
ويضيف "أن هناك عدة عوائق تقف في وجه زيادة إنتاج الحديد في موريتانيا، أهمها الإنفاق والبذخ على أمور أخرى خارجة عن مجال عمل الشركة، وانتشار الفساد المالي والإداري، ونقص اليد العاملة الماهرة وعدم تأهيلها، واحتكار المناصب الإدارية والمسؤوليات الحساسة على أشخاص غير أكفاء، وزيادة تكاليف الإنتاج بسبب بُعد مواقع الاستخراج عن مواقع التصنيع وموانئ التصدير وندرة قطع غيار الآلات في السوق المحلي والاعتماد على استيرادها من الخارج".

ويشير إلى أن نهب الثروة المعدنية في بلد يسجل أكبر معدل للبطالة في المنطقة فاق 32%، يجب أن يتوقف لكسب ثقة الشركاء، خاصة أن موريتانيا تنقب فيها حالياً 283 شركة أجنبية، وذلك لتحقيق نسبة نمو حقيقية في البلاد، حسب ولد الختاري.
ويمثّل قطاع الثروة المعدنية في موريتانيا، خاصة الحديد، دور الدجاجة التي تبيض ذهباً، فطيلة العقود الماضية استفادت الحكومات المتعاقبة من دخول هذا القطاع منذ تأميم شركة "أسنيم" وبدء تصدير أولى شحناتها من خامات الحديد الموريتاني الذي يعد من النوع الجيد، حيث تمثل نسبة التركيز فيه 80,64%، حتى وصل إنتاجها العام الماضي ما يقارب 13 مليون طن من الحديد الخام.
وحسب الخبراء، لم يتم استغلال مناجم الحديد التي تتواجد في الشمال الموريتاني، وتحديداً في منطقة بطاح الزويرات، وفق استراتيجية مدروسة لاستغلال الطفرة في أسعار الحديد.
وتقوم شركة "اسنيم" باستخراج الحديد من ثلاثة مناجم رئيسية هي "الكلب" و"الكدية" و"لمهودات"، وتعتبر ثاني منتج أفريقي للحديد، وتعمل الشركة حاليا على إنشاء ثلاثة مصانع أخرى لخامات الحديد ومجمع للتخزين، باستثمار تبلغ تكلفته نحو مليار دولار تم تمويل أكثر من 40% منها من طرف شركة المناجم، فيما يساهم ممولون آخرون في تغطية بقية التكاليف من أهمهم البنك الإسلامي للتنمية والوكالة الفرنسية للتنمية والبنك الأفريقي للتنمية.
ويهدف هذا المجمع المنجمي الذي يستغرق العمل فيه خمس سنوات، إلى رفع إنتاج الشركة من 13 مليون طن إلى 17 مليون طن. وحسب إحصائيات الشركة، فإن مساهمتها في الناتج المحلي الخام بلغ 10%، وفي عائدات التصدير 39%، وتوظف الشركة 4500 موظف بشكل دائم، و2800 موظف بشكل مؤقت، وهي أكبر تجمع عمالي بعد موظفي الحكومة.