وضعت المخابرات الموريتانية يدها على أكبر خلية تابعة “الدولة الإسلامية” بالبلد، بينما كان أفرادها يحضرون لأول ظهور إعلامي للخلية تزامناً مع بدء أشغال القمة العربية السابعة والعشرون، التي انعقدت بنواكشوط أواخر شهر يوليو/تموز الماضي.
ورغم إحاطة الأمن الموريتاني لملابسات القبض على عناصر الخلية وتفكيكها بالكثير من السرية، إلا أن الصحافة الموريتانية تُرجع تاريخ اعتقال منتسبيها الى 24 من يوليو/تموز الماضي ان فترة التحقيقات والاعتقال استمرت لأزيد من شهرين، مؤكدةً أن الخلية تتكون من 10 أشخاص، إضافةً الى احد السجناء السلفيين كشفت التحقيقات ارتباطه بالخلية ليتم استجلابه من السجن.
وحسب نتائج التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة بنواكشوط، التي لم تُشر إلى جنسيات ولا أسماء أعضاء الخلية، فإن قائد المجموعة ينحدر من مقاطعة الرياض بالضواحي الجنوبية للعاصمة، كان يمتهن الرقية الشرعية قبل أن يستهويه فكر التنظيم لينخرط في التخطيط لتأسيس فرع له بموريتانيا رفقة بقية أعضاء الخلية.
وكانت المجموعة وفق إفادة أعضائها تخطط للظهور الإعلامي الأول لها برفع أعلام التنظيم على أسطح المقرّات الحكومية و في بعض الشوارع الرئيسية بالعاصمة نواكشوط، تزامناً مع انطلاق أشغال القمة العربية، بهدف تصدير صورة حول تواجد التنظيم القوي بموريتانيا، و بالتالي ترهيب ضيوف القمة من وفود عربية وغربية. ويُتوقع أن يُحال أفراد الخلية على السجن المركزي بالعاصمة نواكشوط، بعد انتهاء التحقيق معهم من طرف الجهات الأمنية المختصة في محاربة الإرهاب.
وفي موضوع ذي صلة، كانت العاصمة نواكشوط قد شهدت شهر يونيو/حزيران سنة 2015، عملية سطو على أحد فروع البنك الوطني الموريتاني، نفذها شخصان، أحدهما معروف بميوله للتشدد رفقة آخر سوري الجنسية، وقد ربط مراقبون بين العملية ومحاولة التنظيم تأمين الأموال اللازمة لبداية نشاطه في البلد.
وتعود آخر فصول محاكمة عناصر على صلةٍ بتنظيم “الدولة الاسلامية” حسب الأمن الموريتاني، الى منتصف شهر يونيو/حزيران 2015، حيث وجهت النيابة تهمة المبايعة والإنتماء للتنظيم لثلاثة أشخاص، لتحكم على زعيم الخلية المفترضة بعشر سنوات فيما أُدين الشخصان الآخران بسبع وخمس سنوات سجناً نافذة.
وتشهد منطقة شمال افريقيا تنافساً حاداً بين تنظيم القاعدة وغريمه تنظيم “الدولة الاسلامية” من أجل بسط النفوذ والانتشار بالقارة، وضمن ذلك التنافس تحظى موريتانيا بمكانة خاصة لدى التنظيمين، فقد نشرت مجلة “دابق” التابعة لتنظيم “الدولة الاسلامية” قبل شهور خارطة تضم موريتانيا بكامل أطرافها ضمن الأهداف المهمة بالنسبة له. ويبدو أن فكر وأسلوب تنظيم “الدولة الاسلامية” لم يجذب المتشددين الموريتانيين، وذلك خلافاً لتنظيم القاعدة بشمال افريقيا مثلاً أو غيره من التنظيمات الناشطة بشمال مالي أساساً، والتي تميزت بالحضور المكثف للموريتانيين سواء في مراتب قيادية أو كمجندين. وبالكاد نجد موريتانيين في صفوف تنظيم “الدولة الاسلامية”، هذا إذا استثنينا مبايعات فردية للتنظيم لعل أبرز حالة القيادي في حركة “التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا” سابقاً، حمادة ولد محمد الخيري، المكنى “ابو قمقم”، والذي أعلن مبايعته لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي صيف 2014، ورغم كل ذلك يواصل التنظيم محاولاته الحثيثة من أجل إيجاد موطئ قدم له بموريتانيا.