تقع موريتانيا في مجال جغرافي تتلاقى فيه و تتقاطع عدة ثقافات تنتمي لمجموعات عربية و افريقية و لكل منها قيمها و عاداتها و تقاليدها المتنوعة و الثرية و يظل الدين الإسلامي اللحام الجامع لها و الموحد بينها .
ظلت القيم الأخلاقية الضامن الوحيد للإنسان من الهبوط إلى مستوى الشريرين ، و السلطة المرجعية الثابتة التي تلزمه انتهاج مسلك ايجابي رفيع في تعامله مع الآخرين .
و هكذا حرص المستنيرون و الحكماء من شتى الأمم – منذ بدأ الإنسان يصنع الحضارة و يسعى إلى التميز و الارتقاء – على العمل الدؤوب من أجل نشر القيم الإنسانية النبيلة بين أفراد المجتمع و المحافظة عليها و حراستها سعيا إلى نشر الفضيلة و إقامة مجتمع ينعم بالسلم و الطمأنينة و يسود العدل و الاعتدال .
و يتأكد ذلك في الوقت الحاضر حيث تبرز تحديات خطيرة على المنظومات القيمة لأكثر الشعوب منها إكراهات العولمة الطاحنة التي تنقلها كل وسائل الاتصال المتاحة بشكل مكثف و مستديم .
إن جمع و تصنيف و تدوين ونشر هذه القيم أصبح اليوم ضروريا و مستعجلا لتفادي مظاهر الفساد في الوضع الاجتماعي و الأخلاقي .
لقد التزم المجتمع الموريتاني – في تشكلته الحالية – بمنظومة أخلاقية ثابتة منذ تاريخه المعروف . و ظل الإسلام اللحام الرابط لهذه المنظومة باعتباره الإطار المرجعي الوحيد و الموحد رغم اختلاف و تنوع أشكال و رمزيات القيم من ثقافة من ثقافات مكونات هؤلاء السكان إلى ثقافة أخرى. و ظلت هذه القيم ذات قوة فاعلة في توجيه مسلكيات الناس و ضبط صور التعامل فيما بينهم و إن اختلفت مرجعياتهم و لغاتهم .
إن التشخيص المتأني لواقع منظومة القيم الأخلاقية في المجتمع الموريتاني يبرزن نقطتان تستحقان الوقوف عندهما :
1/ تهد المجتمع تغيرات كبيرة على مستوى المسلكيات و المعتقدات ، بفعل التحضر المكثف ، و اتساع وسائل الاتصال و قوتها ، و الانفتاح القوي على العالم و ثقافاته ، مما جعل القيم في حالة انحسار و ذبول و خاصة في مجال التعامل و الاجتماع ، و هو ما يؤذن بممارسات أخلاقية سيئة قد تنتج عنها أزمات حادة ستؤدي إلى ظاهرة اجتماعية ذات بعد سلبي على مظاهر الحياة العامة بمختلف جوانبها .
2/ إن هذا المجتمع –ككل المجتمعات البشرية – قد اتصف بمجموعة من القيم الأخلاقية النبيلة جعلته نموذجا يفترض منه دوره الحضاري الذي كان يلعبه و أن يعمل و يسعى حثيثا لإعادة الاعتبار لمنظومته الأخلاقية بترميمها و تكميلها و إعادة صياغتها لمتابعة عطائه و الاستمرار في إشعاعه .
لقد تم وضع إستراتيجية منسجمة و متكاملة و ناجعة للإقلاع بمنظومة القيم الأخلاقية ، يراعي خصوصيا و أولويات و اهتمامات المجتمع و يمكن تلخيص محاور هذه الإستراتيجية في ثلاث مراحل هي :
· مرحلة التنبيه و الإقناع
· مرحلة التنبيه و التداول
· مرحلة التطبيق و التفعيل
في هذا الملخص سنختصر على سرد لائحة القيم للتنبيه و التداول و قد قسمت إلى:
- قيم أصلية كبرى كوحدات جامعة تشكل مرجعا
- قيم فرعية صغرى قد يكون فيها نوع من التداخل و التشابه في الدلالة و لكنه متباينة
لائحة القيم الأصلية الكبرى و القيم الفرعية ( بالترتيب الألفبائي)
1/ الإحسان
· الإتقان
· العطف
2/ الإخلاص
· التفاني في العمل
· عدم الرياء
3/ الاستقامة
· العزم
· المثابرة
4/ الأمانة
· العفة
· القناعة
· النزاهة
5/ البذل
· الإيثار
· الكرم
6/ التسامح
· الإنصاف
· حسن الظن
· الحِلم
7/ التضامن
· التعاون
· التكافل
8/ التضحية
· العمل
· العزة
· الوطنية
9/ التواضع
· احترام الآخرين
· نكران الذات
10/ حسن التسيير
· الترشيد
· الكفاءة
11/ حسن الجوار
· المسالمة
· الوقار
12/ حسن الخلق
· البشاشة
· الحياء
· حسن الإصغاء
13/ الحكمة
· التأني
· العلم
14/ الشهامة
· التحمل
· الثقة بالنفس
15/ الصبر
· الإرادة
· المواظبة
16/ الصدق
· الصدق مع النفس
· الصدق مع الآخرين
· النصيحة
17/ العدل
· التكافؤ في الفرص
· المساواة
18/ المحبة
· الستر
· الشفقة
19/ النبل
· الشجاعة
· العرفان بالجميل
20/ الوفاء
· البر
· الطاعة
تلك القيم الأخلاقية التي نعتبر أنها مازالت لحد الساعة مفيدة و ذات جدوائية في مسار المجتمع الموريتاني المستقبلي لما تمنحه من أسباب الانسجام و التقدم و الرقي. و قد يلاحظ غياب بعض القيم المعروفة في الخطاب اليومي لأنها لم ترد باسمها المعروف المتداول و لكن لا يعني ذلك أنها غابت عن الذكر لأننا سعينا للمزاوجة بين الشمول و الاختصار .
تم التعريف بهذه القيم و توضيحها بتقديم شروح لها بالأمثلة و الشواهد من كل اللهجات الوطنية
لكننا لم نعرض ذالك خشية الإطالة .
-------------------------------
المرجع
دليل إحياء التراث القيمي الموريتاني / البرنامج الوطني لإحياء التراث القيمي / وزارة الثقافة و الصناعة التقليدية / تصميم و طباعة ID انواكشوط ، موريتانيا 2015
المصدر: